د. ماجد الخواجا يكتب: الأردن خارج مؤشرات العالم في حرية الكلمة تغريدة أخيرة قبل إقرار قانون الجرائم الإلكترونية

{title}
نبأ الأردن -
كنا لفترةٍ ليست بالبعيدة نركن إلى أن منسوب الحريات الأساسية في الأردن هو من أعلى المراتب في المنطقة العربية، وكان رغم كل التضييق المغلف بالقانون ثمة فضاء وفسحة تحتمل الاختلاف وإبداء وجهات النظر مهما بلغت قسوتها أو جرأتها.
ربما هذه ستكون المقالة الأخيرة لي في مجال النقد العام، فأنا مرعوب ومذعور وأرتجف خوفاً من القادم الذي أوهمتنا الحكومة بأنه سيكون أجمل، وهذا خبر يتطلب الدقة والتأكد من صحته.
قبل إقرار قانون الجرائم الإلكترونية بساعات، أود أن أوضح للتاريخ ولقلمي ولقرّائنا الأعزاء، أنه اعتباراً من نفاذ القانون وتعديلاته، سوف نرتد على مقاييس الحريات الأساسية ليس فقط إلى مستوى الدول القامعة، وإنما إلى مستوى الدول المظلمة.
نعم نتفق أن هناك فئات اعتادت واعتاشت على نشر أخباراً فضائحية تصوير وبث محتوى غير لائق، وأن هناك من يرتزق من خلال نشر الكراهية والعنصرية والفتنة والإيحاءات الجنسية وغيرها، هذه كلها يمكن معالجتها في بندٍ واحد مع أنها معالجة فعلياً في القانون النافذ حالياً.
التعديلات تعني أنه بإمكان الحكومة الإحالة للإدعاء العام وتحريك القضايا دون أن يكون هناك طرف مشتكي. التعديلات تعني أن الحكومة تستطيع وضع الأنظمة والتعلميات التي تريدها دون الرجوع لأية جهة سواها بحيث تتجاوز القانون وتتلاعب في مضامينه كما يطيب لها، القانون الجزائي الذي يقوم على النواحي المالية لا يجوز أن يتضمن صلاحيات للحكومة بوضع الأنظمة له.
القانون لا يعتد في الفهم القضائي لما يدعى " القصد الجرمي" بل هو يحيل للمحاكمة على ظاهر النص والصورة والسماع دون التحقق من تنوافر القصد الجرمي لذلك.
القانون يدمج العقوبات بحيث يتم الحكم بالحبس وبالغرامة معاً، وهذه تعني تقييد القضاء في عدم استبدال العقوبة كما هو دارج في كافة القوانين السارية.
القانون أقحم القضاء في الاشتباك مع المواقع العالمية التي لا سلطة له عليها.
القانون سيقتحم الخصوصيات وينتهكها عبر ما تدعى بالدوريات الإلكترونية للرقابة، كما أنه سيستبيح ما يمكن بين اي شخصين ودون رغبتهما أو علمهما.
القانون بالغ في الغرامات الجزافية غير المسبوقة والتي لن يستطيع 99% من المحكومين بموجبه القيام بتسديدها.
القانون سيجعل مراكز الإصلاح تئن وتعجز عن استيعاب وهضم أعداد النزلاء المحكومين على قانون الجرائم الإلكترونية، علماً أن الحكومة تعاني من اكتظاظ السجون، وتم استبدال كثير من عقوبات الجنح إلى عقوبات اجتماعية بديلة كي يتم التخفيف من اكتظاظها.
القانون سيجعل الأردن خارج أية مؤشرات أو إحصائيات ذات قيمة في مجال الحريات الأساسية.
القانون سيتعارض مع جملة القوانين النافذة ومنها قانون المطبوعات والنشر وقانون المرئي والمسموع وقانون الاتصالات والمعلومات وقانون مكافحة الإرهاب وقانون الأمن السيبراني.
الحقيقة أنه بتشريع هذا القانون سوف نرتد إلى خلف الدول التي تدعى بالقمعية مثل كوريا الشمالية وتركمانستان وإريتريا، فهذه الدول تعلن صراحة العداء للحريات وليست مضطرة لوضع تشريعات بالخصوص، لكننا نزعم في الأردن بأننا نعلي من سقوف الحريات، وننزعها في كافة الطرقات.
هذه للتاريخ شهادة يعلم الله أنني لا أريد من ورائها إلا مصلحة البلد وشعبها.
 

تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير