رجال دين: رسائل الوئام والمحبة تتجدد سنوياً بعزيمة هاشمية
نبأ الأردن- كانت ولا تزال صور التآخي والتعاضد ماثلة بين المسلمين وجميع الطوائف المسيحية في التعبير عن روح الوئام، التي تجمعهم على حب مقدساتهم والذود عنها ضد أي اعتداء، والتي تجسد التآلف والتحالف في وجه العنصرية المقيتة التي تدعو إلى التعصب والانغلاق.
وجاء لقاء جلالة الملك عبد الثاني مع رؤساء الكنائس في القدس والأردن، وشخصيات مسيحية، وممثلي مجلس أوقاف القدس بمناسبة الأعياد المجيدة، اليوم الأربعاء، بحضور سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد، وسمو الأمير غازي بن محمد كبير مستشاري جلالة الملك للشؤون الدينية والثقافية والمبعوث الشخصي لجلالته، في إطار الحرص الملكي على التواصل مع أبناء شعبه، وتأكيدا لنهج هاشمي في تعزيز قيم ومعاني الوئام بين الأديان، وتجسيدا للوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وحرصا من جلالته على تهنئة المسيحيين في أعيادهم.
سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبد الكريم الخصاونة، أوضح أن الوئام والمحبة بين الناس أمر دعا إليه الإسلام؛ لما فيه من خير وثمرات طيبة، مبينا أن التعايش هو النموذج المثالي، الذي يجب أن يحتذى به في علاقات الأمم والشعوب.
وقال إن احترام كرامة الإنسان وقدسية حياته والعدل والمساواة بين الناس على اختلاف عقائدهم وانتماءاتهم، دعوة دينية ومسؤولية أخلاقية وإنسانية دون تفريق على أي أساس.
وأضاف: إن الخطر الذي يهدد البشرية اليوم ليس له من علاج إلا بإطلاق الوئام والعيش المشترك بين الناس جميعا، لأنه جزء مهم من حضارة الإنسان الثقافية وصولا للتعارف والتآلف لا التناحر والتخالف.
ويعرف الوئام أيضاً وفقا للخصاونة، بأنه الحق والعدل اللذان يزيلان أسباب الخلاف والنزاع ويحفظان الأمن والاستقرار للمجتمع ويؤسسان الوئام والتعايش السلمي المطلوب.
مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام، الأب الدكتور رفعت بدر، قال إن جلالة الملك عبد الله الثاني دأب ومنذ اعتلائه العرش على استقبال رؤساء الكنائس وممثليها في الأردن وفلسطين للتعبير عن وحدة الأديان كتقليد سنوي للحديث عن القدس والمقدسات في فترة الأعياد المجيدة، لا سيما وأن هناك العديد من الحجاج الذين يأتون إلى الأراضي المقدسة تحديدا إلى القدس وبيت لحم في هذه الفترة.
وأضاف "جميل جدا أن نعبر لهم عن الصورة الأردنية المشرقة لوحدة الداخل الأردني والوطنية الغالية، تلك الروحية مع فلسطين والمقدسات وبالأخص في القدس الشريف، وهذا ما يؤكد عليه جلالة الملك في لقاءاته مع رؤساء الكنائس وفي المحافل الدولية وجهوده في حث المجتمع الدولي على الحفاظ على الهوية العربية المسيحية كجزء مكون من الشرق العزيز والحفاظ على التعددية الدينية الراقية التي تعد مصدرا للعز في الشرق المبارك الذي قدسه الأنبياء وانتشرت منه الأديان المقدسة".
وبين أن تعزيز الوحدة الوطنية والحوار والألفة بين المسيحيين والمسلمين في وطننا الحبيب وفي فلسطين العزيزة من الثوابت الملكية، وكذلك الحفاظ على المقدسات الإسلامية والمسيحية لأنها ما زالت ترزح تحت الاحتلال الإسرائيلي وهي تجد في جلالة الملك السند الأول والمحامي عنها بإشرافه على أعمال الترميم في المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة، وفي كنيسة القيامة.
وأكد أن الفلسطينيين يجدون دوما في جلالة الملك السند القوي الذي يستندون إليه عندما تظلم فيه الليالي ويجدون فيه النصير، الذي يحقق مفهوم الوصاية على المقدسات على أرض الواقع.
ودعا بدر إلى التركيز في هذه الفترة على كنيسة المهد في بيت لحم كما يتم التركيز على القدس في عيد الفصح المجيد، مبينا أنه في عيد الميلاد تكون المشكلة أقل لأنه يتاح المجال للإخوة الفلسطينيين للمشاركة بحسب سعة كنيسة المهد، فيما لا يحصل مسيحيو غزة على التصاريح الكافية للوصول إلى كنيسة بيت لحم في عيد الفصح.
من جانبه، ثمن كاهن رعية الروم الأرثوذكس في مدينة الفحيص الأب رمانوس سماوي، اللفتة الملكية في تهنئة الطوائف المسيحية بالأعياد المجيدة، والتي تعبر عن مدى محبة القيادة الهاشمية الحكيمة للشعب الأردني الذي ينسج بمسلميه ومسيحييه نسيجا واحدا لمحبة الأردن، مشيرا لأثر هذه اللفتات الملكية الكبير في قلوب مسيحيي الأردن وهي ليست بالجديدة.
وتمنى أن تجيئ أعياد الميلاد المجيدة بالخير والبركة خاصة بعد فترة الجائحة الصعبة على العالم أجمع وعلى الأردن المتواضع بإمكانياته، لافتا إلى أن أجمل صور التآخي التي تجسدت في التعاضد والحرفية في إدارة أزمة الجائحة التي وإدارتها بحنكة صاحب الجلالة وجهود الكوادر العاملة الساهرة على أمن وحماية هذا البلد.
وقال الارشمنديت الدكتور بسام شحاتيت النائب الأسقفي العام للروم الكاثوليك، إن لقاء جلالة الملك عبدالله الثاني مع رؤساء الكنائس في القدس والأردن، يعكس نهجا ملكيا اختطه الهاشميون في التواصل مع أبناء شعبهم من المسلمين والمسيحيين.
وأضاف أن لقاء جلالة الملك مع أبناء وقيادات الطوائف المسيحية، وتقديم التهنئة لهم بالأعياد المجيدة بحضور رموز إسلامية، يعكس إرثا عميقا من الوئام بين أصحاب الديانتين تميزت به الدولة الأردنية عبر مسيرتها منذ مئة عام.
وأكد أن هذا الإرث من الوئام والتجانس والاحترام المتبادل، كان على الدوام محل رعاية هاشمية كريمة، تؤمن بقيم التسامح والعيش المشترك والإنسانية ، وشكلت ثابتا من ثوابت الدولة الأردنية، ودعائم استقرارها وازدهارها.
وأكد الدكتور شحاتيت، أهمية الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، ودعم أبناء الطوائف المسيحية لها، باعتبارها الضمانة الوحيدة للحفاظ على هذه المقدسات في ظل ما تتعرض له مدينة القدس ومقدساتها من محاولات للتهويد وطمس للهوية.
وأعرب عن تقديره لمبادرة جلالة الملك بتقديم التهنئة للمسيحيين بالأعياد المجيدة، وإضاءة جلالة الملكة رانيا العبد الله لشجرة الميلاد في الفحيص، مؤكدا اعتزاز المسيحيين في الأردن وفلسطين والعالم العربي، بالمواقف الأردنية بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني في الدفاع عن الحقوق العربية الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس، ووقوفهم خلفها ودعمها.
من جهته بين رئيس قسم التاريخ في الجامعة الأردنية الدكتور عبد الهادي القعايد، أن حماية المقدسات واجب ديني وتاريخي، إذ أن مدينة القدس تحتل مكانة متميزة وهامة لدى المسلمين؛ فهي القبلة الأولى التي كانوا يوجهوا صلاتهم شطرها لمدة ثلاثة عشرة عاما وسبعة عشرة شهرا بعد هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة، ومسرى الرسول الكريم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى في رحلة الإسراء.
وبين أن مدينة القدس كانت تحت الحكم الإسلامي في العهد الراشدي، حيث دخلها الفاروق عمر بن الخطاب ليتسلم مفاتيحها من الإمبراطور صفرونيوس ويمنح أهلها من المسيحين العرب أمانا على ممتلكاتهم وعقائدهم وأنفسهم تضمنتها العهدة العمرية التي وثقت ذلك الأمان.
وأكد أن الهاشميين حرصوا على إيلاء المقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين عناية خاصة بدأت منذ عشرينيات القرن الماضي حينما بدأ الإعمار الهاشمي الأول عام 1924، وكان ايذانا بتوالي الإعمارات الهاشمية واستمرارها، مرورا بالاعمار الثاني في عهد الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه، الذي أمر بتشكيل لجنة لإعمار المقدسات الإسلامية في الحرم القدسي الشريف والأعمار الثالث عام 1969 على أثر الحريق الذي قام به أحد اليهود المتعصبين، ووصلا للاعمار الهاشمي الرابع عام 1999، مع تسلم جلالة الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية حيث تم تصنيع منبر صلاح الدين ووضعه في مكانه الأصلي، وإنشاء الصندوق الهاشمي لإعمار المسجد الأقصى وقبة الصخرة.
وشملت الرعاية الهاشمية للمقدسات، بحسب الدكتور القعايدة، دور العبادة المسيحية حيث تم ترميم القبر المقدس في كنيسة القيامة في نيسان 2016 بتبرع خاص من جلالة الملك عبدالله الثاني، والترميم الشامل لكنيسة القيامة، وكنيسة الصعود في القدس على نفقة جلالة الملك عبدالله الثاني، مؤكد أن هذا الاعمار مؤشر فعلي وتطبيقا عمليا للوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية.
وقال ان جلالة الملك عبد الله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس وقعا في آذار من عام2013 في عمان، اتفاقا تاريخيا تم فيه التأكيد على الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة في القدس الشريف، فيما حرص جلالة الملك وولي عهده الأمين الأمير الحسين على مشاركة أبناء الطوائف المسيحية في القدس وفلسطين أعيادهم ودعوتهم إلى لقاءات وإفطارات رمضانية تجمع المسلمين وإخوانهم من الطوائف المسيحية لاطلاعهم على الجهد الذي يبذله الأردن للحفاظ على عروبة القدس ومقاومة تهويدها وسلامة مقدساتها بشقيها المسلم والمسيحي وضمان أداء المصلين صلواتهم بأمن وطمأنينة وبذل كل الوسائل الممكنة في سبيل ذلك.
وأشار الى إصدر مجلس الكنائس في الشرق الأوسط بيانا ثمن فيه الاهتمام الملفت والفريد للأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني في الحفاظ على المقدسات المسيحية في القدس الشريف.
قال مطران اللاتين جمال خضر، إن لقاء جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، مع ممثلي الطوائف المسيحية في الأردن وفلسطين في بيت الأردنيين، يؤكد أننا عائلة واحدة وشعب واحد، في ظل رعاية هاشمية كريمة للقدس ومقدساتها.
وأكد أن اللقاء كان مناسبة للاستماع لجلالة الملك، وتأكيد مواقفه الثابتة من أجل دعم ونصرة مدينة القدس، التي كانت وما زالت وستبقى في وجدانه، وسيعمل على حمايتها ورفعتها والحفاظ عليها، انطلاقا من الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في المدينة.
واعتبر أن اللقاء، دليل على اهتمام جلالة الملك بعروبة القدس وهويتها ومكانتها الإسلامية والمسيحية، وترسيخا لمعاني الوئام بين المسلمين والمسيحيين، التي رعاها الهاشميون جيلا بعد جيل.