بيومها العالمي.. الترجمة قادرة على إلغاء الحدود ورصد التقدم
نبأ الأردن- فيما يذهب أستاذ العلاقات الدولية الدكتور جمال الشلبي إلى أن جهودًا أردنية وعربية بدأت تُبذل، بعد أن دفعت تقارير الأمم المتحدة، الوطن العربي، مع مطلع القرن الحادي والعشرين، إلى التفكير بالترجمة على أساس أنها رمز من رموز التقدم، فاهتمت الكثير من المؤسسات والمراكز وحتى الجامعات العربية بها.
ويوضح أن هناك تصاعدا وتوسعا أصبح للترجمة من لغات جديدة، ولا سيما الدول الصاعدة سياسيا واقتصاديا مثل تركيا والصين وغيرها، مبينا أن الترجمة في الوطن العربي ازدهرت عما كانت عليه قبل القرن الحادي والعشرين، لكنه يرى أن أهم معيقات حركة الترجمة تتمثل بإيجاد المترجمين والباحثين المتخصصين بالترجمة في مختلف الحقول.
*جهود وزارة الثقافة
الأمين العام لوزارة الثقافة هزاع البراري، يرى أن الترجمة تسير باتجاهين: ترجمة ما يكتب أردنيًّا في مجالات الأدب والفكر والفنون، للغات الحيّة، كذلك الترجمة من الآداب والمعارف العالمية، ونشرها من خلال منشورات الوزارة سواء في مكتبة الأسرة، ومختلف سلاسل النشر لديها، كالمجلات الصادرة عن الوزارة، إذ إن هناك نشرًا لبعض الدراسات والمقالات المترجمة.
وفيما يتعلق بجهود الوزارة بالترجمة، يقول البراري لـ(بترا) إن الوزارة لديها مشاريع عدة لها علاقة مباشرة وغير مباشرة فيما يتعلق بالترجمة، مبنيا أن الاعتماد على ما هو مترجم للعربية يتم من خلال عدد من المترجمين ودور النشر الحاصلة على حقوق الترجمة، لأن الحصول على الملكية الفكرية من الكاتب الغربي ودار نشره مباشرة، يتطلب تكاليف مالية مرتفعة خصوصا في ظل الظرف المالي العام.
ويشير إلى أن الوزارة قامت بمشروعات عدة تتعلق بالترجمة منها ترجمة مختارات من القصة القصيرة والشعر لكتاب أردنيين، إلى اللغات الحية ونشرها.
ويبين أنها وضمن الاحتفالات بمئوية تأسيس الدولة الأردنية عملت على ترجمة مئة قصة ومئة قصيدة، تعبّر عن تطور الكتابة في الأردن خلال مئة عام، كما تم ترجمة كتاب بعنوان "الحكمة في إدارة الندرة" في المناسبة ذاتها وهو يكشف عن عبقرية الدولة الأردنية بتمكنها من إدارة ندرة الموارد والمساحة وغيرها، مشيرا إلى أن الوزارة قطعت شوطًا كبيرًا في ترجمته للآن إلى خمس لغات عالمية وسيصدر بالتعاون مع دور نشر، وقام بتأليفه مجموعة من المفكرين ورجال الدولة الأردنية.
ويشير إلى الاتفاقية التي وقعتها الوزارة وجامعة ميتشغن الأميركية، ويتم من خلالها توفير عدد من الروايات الأردنية لترجمتها من قبل مترجمين تكلفهم الجامعة بإشراف منها، وصدرت باكورة هذه الأعمال قبل ما يزيد على عام، والآن يتم إعداد مجموعة جديدة.
ويعرب البراري عن طموح الوزارة لبناء شراكات متعددة مع مجموعة من المؤسسات المحلية أو الأجنبية للتوسع في مجال الترجمة.
ويرى البراري أن حركة الترجمة محليا وعربيا ليست بالوتيرة المطلوبة، وأن السوق المحلي يحتاج لكتب مترجمة؛ إذ من الملاحظ في معارض الكتب الإقبال الكبير عليها.
ويؤكد البراري أن هناك دورا يجب أن تقوم به الجامعات، بأن يكون لها برامج نشر وترجمة، ولا سيما أن الجامعات تضم أكاديميين متخصصين يتقنون اللغات ولديهم القدرة على ترجمة الكتب حسب تخصصاتهم.
ويختم البراري بالقول إن الجهات المعنية من دور نشر وجامعات ومؤسسات ثقافية، إذا قامت بأدوارها فيما يتعلق بالترجمة، فسنستطيع كوزارة ثقافة بذل الجهود لإحداث نقلة في هذا المجال.
*مهارات المترجمين
ويشير كيالي إلى قضية مهمة على صعيد الترجمة، هي كفاءة المترجم الذي يحتاج اطلاعًا واسعًا خاصة في الموضوع المترجَم، مشيرًا إلى أهمية إيجاد حلول أهمها دعم الترجمة على نطاق واسع من الدول العربية والأجنبية، وتشجيع المكتبات العامة على اقتناء الكتب المترجمة، وتطوير مهارات العاملين في الترجمة.
ويقترب من هذا الرأي أبو زينة؛ بقوله إن المترجمين، في جزء كبير من نشاطهم، هم أناس مبدعون، ويعني "الإبداع" امتلاك قدرات ومواهب إدراكية وتعبيرية ولغوية طبيعية غير مصطنعة، تدعمها معرفة متخصصة باللغتين وثقافتيهما، مشيرا إلى ترجمة الأدب التي تحتاج مترجما مبدعا يحتفظ بدلالات المضمون وجماليات الشكل، دون التجني على المُنشئ الأصلي أو الهبوط بنصه من الإبداع إلى العادية.
وبشأن تسويق المنتج المعرفي العربي إلى اللغات العالمية على أهمية ذلك، يرى أبو زينة أنه غير منافس معرفياً، ومصحوب بصورة نمطية عن العرب، مما أفضى إلى كساد سلعتنا باعتبارها أقل جودة.
وعن تحديات الترجمة وسبل تطويرها في المستويين المحلي والعربي، يركز مدير مركز الترجمة في الجامعة الأردنية الدكتور توفيق عمر في حديثه لـ(بترا) ، على أهمية إيجاد المترجم البارع الذي يمتلك القدرة على إتقان ترجمة تخصصية معينة وهي تحتاج المعرفة والإلمام اللازمين.
ويلفت الدكتور عمر إلى أن مركز الترجمة في الجامعة الأردنية، وهو أول مركز متخصص في الترجمة على مستوى الجامعات في الأردن، والذي جاء ليسد ثغرة بدأت في الاتساع تهتم بالجانب المادي على حساب الجانب المعرفي المتقن، ويهدف إلى تزويد المجتمع المحلي والإقليمي بخدمة ترجمة رائدة في جودتها وذات مهنية عالية لاعتماد المركز على مترجمين متخصصين ومؤهلين من داخل البنية الأكاديمية للجامعة الأردنية.
وبحسب أرقام وزارة الثقافة، فإن مكتبة الأسرة إحدى مشاريع الوزارة للتشجيع على القراءة عبر توفير كتب بأسعار رمزية، قدّمت للقارئ الأردني 116 كتابا مترجما خلال الأعوام 2007 – 2020، منها 7 كتب في عام 2018، و8 كتب في 2019 ومثلها في 2020 في حقول الأدب والعلوم والفنون والأطفال، من اللغات الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والألمانية والروسية والفارسية والإيطالية والبوسنية واليابانية والصينية والتركية.