محمود الدباس يكتب : عندما لا تملك قرارك

{title}
نبأ الأردن -


كانت والدتي بمدرقتها المطرزة.. كلما تهم بالذهاب الى سوق السلط.. نزولا من حي الجدعة.. لشراء بعض حاجيات البيت.. كنت حينها أتعلق بطرف تلك المدرقة.. لأذهب معها.. طامعا بحبة 'مصاص' او 'قطعة كنافة بدون جبنه من عند الحارس'.. وببنما هي تجوب السوق مع العديد من النساء.. كانت عيناي تضرب يمينا وشمالا إلى المحلات.. وإلى ما تحويه من أشياء.. تجعل اللعاب يسيل من جمال منظرها.. وطريقة عرضها.. وأنا أتأوه وأتمتم.. لعلها تَحِنُ علي.. وتشتري شيئا مما في خاطري.. وفي نفس الوقت أنا متمسك بشدة بطرف المدرقة.. خوفا من أن أضيع بين جموع الناس.. وهي ماضية لهدفها.. تشق طريقها بين الزحام.. غير ملتفتة لما أريده.. وحينها.. أبدأ بالصياح تارة.. وبمحاولة ابطائها تارة اخرى.. إلا أنها تزداد إصرارا على الوصول إلى مبتغاها.. غير ملتفة لِمَن تعلق بثوبها.. وفي نفس الوقت.. كل ما كانت تشتري شيئا من حاجياتها.. تُحملني شيئا منه.. وفي نهاية الجولة هذه.. قد تختار هي لي نوعا من الحلويات على مزاجها.. وأحيانا نعود الى البيت دون أي مكاسب شخصية قد تحققت.. لا بل أحمل حملا يتعبني.. والمضحك في الموضوع أنني أعاود مرارا وتكرارا نفس السيناريو لعل وعسى أن أتحصل على ما أربد في المرات التالية..
إكتشفتُ عندما كَبُرتُ.. وبدأتُ حياتي العملية.. أنه طالما أنك تقتاتُ على المساعدات.. ومصادر التمويل ليست بيدك.. وطرق الإنفاق مفروضة عليك.. والقرار كله ليس لك.. فستبقى متمسكا بطرف مدرقة أمك.. وتسوقك حيث أرادت.. وتُحَمِلكَ ما تريدُ هي تَحميلكَ إياه.. وتشتري لك ما تهوى هي.. إن ارادت.
أبو الليث


تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير