بلال حسن التل يكتب.. الهجرة النبوية وقوانين التحديث

{title}
نبأ الأردن -

الأمم الحية هي التي تستلهم من تجارب تاريخها لبناء مستقبلها،وهي التي تحي ذكرى الوقائع المفصلية في تاريخها بالتعلم من دروسها وبالسير على دلالاتها.
بهذه الروحية يجب أن نحي ذكرى الهجرة النبوية الشريفة التي نعيش ظلالها هذه الأيام،التي نكثر بها القول عن التحديث.





أول الدروس التي نتعلمها من الهجرة النبوية هي أن الأفكار العظيمة،والتحولات الكبرى في حياة المجتمعات لا تحتاج لانطلاقتها إلى أعداد ومجاميع بشرية كبيرة ،ولحكمة بعث الله أنبيائه ورسله فرادى،وفي قرائتنا للتاريخ البشري نجد أن التحولات الكبرى في المجتمعات البشرية بدأت في غالبيتها العظمى بفرد، يؤمن بقضيته فيعمل في سبيلها ويضحي من أجلها،فيجتمع من حوله الناس رويدا رويدا، فيتحقق الهدف الذي يسعى إليه ،وفي اسوأ الأحوال يكون قد أسس للجيل الذي يليه لتحقيق هذا الهدف.
هذا المسار للتحولات الكبرى في تاريخ المجتمعات وتحديثها يبين لنا بعض جوانب الحكمة الإلهية التي جعلت التكليف للإنسان الفرد.وأن كل فرد سيحاسب على ماقدم لنفسه ومجتمعه،وهل قام بواجبه قبل أن يطالب بحقه؟.





الدرس الثاني الذي نتعلمه من الهجرة النبوية، هو أن صناع التحولات الكبرى في المجتمعات لم يستثنوا فئة من فئات المجتمع من دعوتهم للمشاركة في صناعة التحول،وخاصة النساء والشباب ،لذلك نرى رسول الله يبدأ بزوجته خديجة وبابن عمه علي رغم صغر سنه،وبعدد محدود من الشباب ، وفي تأملنا لقصص الأنبياء في القرآن الكريم سنجد أن للمراة أما وأختا وزوجة دورا حاسما في حياة كل رسول ودعوته لتغير مجتمعه،وكذلك دور الشباب ،وهذا مؤشر إلهي آخر على سنن إحداث تغير وتحديث المجتمعات نستلهمه من ذكرى الهجرة النبوية الشريفة.



ثالث الدروس التي نستلهمها من الهجرة النبوية ،هو أن تغير المجتمعات يحتاج أولا إلى إعداد النخب التي تكون قادرة على حمل أعباء التغير ،وهذا الأعداد يحتاج إلى إعداد هذه النخب وتأهيلها من خلال التربية والتثقيف ،لذلك رأينا رسول الله عليه السلام يحول دار الأرقم بن أبي الأرقم إلى مدرسة لإعداد النخب تربية وتثقيفا بمبدأ الدين الجديد الذي يراد تغير المجتمع وبنائه على تصوراته .
الدرس الرابع الذي نتعلمه من الهجرة النبوية ويصب في هدف التغير،هو أهمية البحث عن عناصر القوة وتوظيفها لتحقيق الهدف،لذلك كان يدعو الرسول لإسلام أحد العمرين ،لذلك عندما أسلم عمربن الخطاب ،وكان قد سبقه إلى ذلك حمزة بن أبي طالب ،وقع التطور الكبير ودخل العمل مرحلة العلنية ،وهذا يقودنا إلى مغازي قوله تعالى أن خير من استأجرت القوي الأمين.فالأقوياء الأمناء هم القادرون على العمل المنتج القادر على إحداث التغير.
خامس الدروس التي نستلهمها من الهجرة النبوية هو الصبر وطول النفس مع التمسك بالأمل والثبات على الهدف،فقد أمضى رسول الله عليه السلام ثلاث عشرة عاما في مكة قبل الهجرة لم يؤمن به سوى بضعة وثمانين نفرا،هم النخبة التي حملت مسؤولية العمل بحيث لم تمضي عشر سنوات على الهجرة إلا وقد كان التغير قد شمل جزيرة العرب،نتيجة حتمية للصبر والعمل المخلص الجاد .
كثيرة هي دروس الهجرة النبوية التي تقودنا إلى التحديث كممر للتغير


تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير