المحامي بشير المومني يكتب.. ليس مشروع الملك !

{title}
نبأ الأردن -

بعد استعراض نظريات التأثير والمسؤولية والتفرد باعتبارها اطارا فلسفيا واضحا لمشروع الدولة الاردنية في المقال السابق كان لابد من معالجة بعض الملاحظات الكلاسيكية او المستحدثة المثارة واهم المراجعات النقدية ذات الصلة ومتطلبات النجاح ..





الملاحظة الاولى ، مشروع الدولة لا مشروع الملك .. بصراحة لا أدري كيف يفكرون ! اليوم نحن أمام مشروع ( بناء ) وبمقابل ذلك هنالك مشروع ( هدم ) ، مشروع الهدم يتجلى بصورة واضحة في اتجاهين ومصدرهما واحد ، اما المصدر فهو ( التوثين ) كلمة مشتقة من الوثنية ، هذه الوثنية هي نمط تفكير سائد لن نستطيع التقدم للامام دون التحرر منه ، مفاده ( اختزال الدولة بالملك ) وهذا الاختزال الطفولي ينتج خفة سياسية مؤداها مشروع الهدم باتجاهيه الاول مجموعة عبيد الملك وعلى النقيض منه اعداء الملك ! الاول يرى ان الدولة هي الملك والثاني يرى ان الدولة افسدها الملك ! عجيب والله هذين النقيضين ومصدرهما واحد .. على أي حال باعادة تعريف مبسطة ( للملك ) فهو ركن بالدولة وليس كل الدولة اما الدولة فهي الشعب والاقليم والسيادة ، دستوريا فرضت عليه مهام وفقا لنظرية الفعل الايجابي تلزمه النهوض بها وقيود لا يستطيع تجاوزها ، قانونيا هو مواطن اردني مقيد بحدود القانون .. اتجاها الهدم اعلاه اعتبرا ان مشروع الدولة ( السياسي والاقتصادي والاداري ) هو مشروع الملك فمنهم من سبح بحمد المشروع ولم يجتهد فيه حملا او تطويرا بل اخذه كما الوحي تلقيا وينتظر التعليمات ومنهم من عارضه بلا تفكير لان تلقائيته الوثنية دفعت وفق فهمه بان المشروع للملك رغم انه يوما كان احد مطالبه ! بجميع الاحوال هنا نحن بحاجة الى اعادة توصيف المشروع ووضعه في سياقه الصحيح وحقيقته بوصفه مشروع الدولة الاردنية ، اما هذا المشروع لم يطرح احد حتى الان بديلا عنه ولم يتقدم احد بمشروعه ولم ينتج لغاية الان افضل منه ومن لديه ما هو خير فليتقدم بما لديه فنخضعه كمجتمع للفحص ..





الملاحظة الثانية ، مستويات الاشتباك ، هذه مسألة غاية في الاهمية ، للخروج من الوضع القاتم هنا نطرق مسؤولية سلطة الوضع القائم ، مهمتها توفير مناخات فعالية مشروع الدولة وادواته وعليه فنحن لسنا أمام وصف الماهية وصناعة المحتوى لان ذلك مهمة البرامج ، اشتباك الاطار الوجودي يختلف عن متن وماهية ما سينتجه المشروع نفسه لذا علينا التحذير مبكرا من ( الوصاية ) فخطأ الاشقاء بالسعودية بعد احداث الجهيمان في السيطرة على الحرم المكي وفرض ( المذهب الوهابي ) على المجتمع فوت على الدولة سنوات ثمينة لتطور المجتمع السعودي بشكل طبيعي وهم الان يحاولون معالجة هذا الخطأ الاستراتيجي وهذا ما لا نريده في الاردن ، لذا فمهمة مؤسسات السلطة لا يجوز ان تقدم وتوجه الفكرة وتنوب عن المجتمع في التعبير عن ارادته واتجاهاته وما الذي يريده بل مهمتها هي تأمين قدرات التفكير التي تخدم حالة صندوق الاقتراع وهذه امانة اخلاقية ودستورية في رقبة جميع مؤسسات السلطة ..





الملاحظة الثالثة ، الوجودية .. لنبدد هنا القلق .. الدينية ، الاردنية ، الملكية ، هي قيم وجودية ثابتة راسخة داخل المجتمع المسلم العربي الاردني بقيمه وعاداته وتراثه وارثه لا تخضع للعبث لان المجتمع نفسه يحميها ولانها موجبات النشأة الاولى التي قامت على اكتافها المملكة الاردنية الهاشمية ومصدر شرعيتها الوجودية وميثاق عروتها الاول لكن اليوم نبحث عن المشروعية المتمثلة بالانجاز وهذه مسؤولية المجتمع وما سينتجه من برامج ، بالتاكيد الدستور الاردني قرر حالة دين الدولة وانها عربية تنتمي للامة وان نظامها نيابي ملكي ولا يوجد عاقل ينازع في ذلك ، هذه اسس بنيوية لا يمكن تجاوزها الا اذا خلعنا مجتمع كامل من ارضه ووضعنا مكانه مجتمع لسانه اعجمي غير مسلم .. لذلك كل نظريات الوهم وان هنالك مؤامرة على الدين والعروبة .. الخ يتوجب ان تتوقف لانها ببساطة تصنف بانها ساذجة ..





الملاحظة الرابعة ، يعجبني قول فيكتور هيغو ( حرروا الحرية وهي تقوم بالباقي ) ، كثيرة هي مفردات هندسة الاعتقاد التي تستخدم وتردد بلا وعي ، جرى العمل على الوعي الجمعي للاردنيين باتجاهات دهم دولتهم ، لا يمكن محاربة الجهل الا بالوعي واما الوعي فهو نتاج الحرية ، نعم هنا نتحدث عن اعادة انتاج مشروع الدولة الاعلامي ، هذا المشروع الجزئي ( الاهم باعتقادي ) يتوجب ان ينسجم تماما مع مشروع الدولة الكلي السياسي والاقتصادي والاداري ويحمله لا ان يكون عبء عليه ، يكون قادر على الدفاع عنه وترويجه وبلورته وضخه ذهنيا باشتباك نوعي وكمي يحقق غاية المشروع واهدافه لا ان يكون منعزلا في الزواية ، الاعلام الرسمي والخاص كله مشتبك في اتجاهات البناء وتحرير التفكير وتعزيز مناخات المشروع في منهجية عمل واضحة تعمل على تسكين المجتمع لا تسخينه الا باتجاهات الخطاب التعبوي للدفاع عن المملكة ، اعلام يصنع الحالة لا ينقلها ..






تابعوا نبأ الأردن على