د. زهور غرايبة يكتب: وزراء من جيل جديد؟ الشباب يطرقون أبواب الحقائب الوزارية

{title}
نبأ الأردن -
شهد الأردن في السنوات الأخيرة سلسلة من التحديثات التشريعية والسياسية التي تمثل نقلة نوعية في المسار الديمقراطي، خصوصًا بعد توصيات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، والتي وضعت الشباب في صلب المشروع الإصلاحي، ودفعت باتجاه إدماجهم كفاعلين سياسيين لا كمجرد متلقين للقرارات.

تضمنت هذه التعديلات توسيع قاعدة المشاركة السياسية وتعزيز تمثيل الفئات الشابة والنساء، وأُدخلت تعديلات على قوانين الانتخاب والأحزاب، وجرى تخفيض سن الترشح، وإيجاد بيئة أكثر حساسية لتطلعات الأجيال الجديدة، بما يعكس تحولًا تدريجيًا في بنية النظام السياسي الأردني.

وفي خطوة تُعد تطبيقًا عمليًا لهذا التوجه، قرّر مجلس الوزراء مؤخرًا حل المجالس البلدية ومجالس المحافظات وأمانة عمّان الكبرى، وتم تعيين لجان مؤقتة لإدارة شؤون هذه المؤسسات إلى حين إجراء الانتخابات القادمة، اللافت في هذه اللجان، هو وجود عدد كبير من الشباب والشابات، ما اعتبره مراقبون فرصة فعلية لترسيخ أدوار الشباب في مواقع صنع القرار، وإعطائهم مساحة لتجربة القيادة والمسؤولية.

هذه الخطوة لا يمكن قراءتها بمعزل عن المناخ السياسي العام، الذي يشهد نقاشًا متزايدًا في الصالونات السياسية حول نية رئيس الوزراء جعفر حسان إجراء تعديل وزاري قريب، وهو ما يطرح سؤالًا كبيرًا ومشروعًا في آنٍ واحد: هل ستنعكس هذه الروح الإصلاحية على تركيبة الفريق الوزاري المقبل؟ وهل سيشهد الأردنيون وجوهًا شبابية جديدة تدخل مجلس الوزراء من بوابة الكفاءة والطموح، لا من بوابة التمثيل الرمزي فقط؟

إن الإبقاء على الشباب ضمن دائرة التمكين يقتضي ألا تُحصر أدوارهم في المجالس المحلية أو اللجان المؤقتة، بل أن يُفسح لهم المجال في مراكز القرار الوزاري، حيث تُصاغ السياسات الوطنية وتُرسم أولويات الدولة. فالشباب الأردني اليوم ليس فقط مكوّنًا ديمغرافيًا وكتلة ناخبة مؤثرة، بل يمتلك من المؤهلات والمعرفة والقدرة التكنولوجية ما يجعله عنصرًا أساسيًا في رسم السياسات العامة، خصوصًا في ملفات تتصل بالتنمية، والتعليم، والتحول الرقمي، وريادة الأعمال، والحوار مع الأجيال الجديدة.

وتنسجم هذه الدعوة مع الرؤية الملهمة التي يحملها سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، الذي لطالما أكد في خطاباته أن الشباب هم عماد المستقبل، وأن مشاركتهم ليست خيارًا، بل ضرورة وطنية، مؤمنًا بأنهم "أصحاب الفكر، ورواد الحلول، وقادة التغيير". وفي كل لقاءاته ومبادراته، يحرص سموه على تعزيز مكانة الشباب في مواقع القرار، وعلى تأهيلهم لقيادة المرحلة المقبلة، بما يعكس رؤية ملكية متكاملة لمشروع الدولة الحديثة.

ومنحهم الفرصة لتولي حقائب وزارية – لا سيما تلك المرتبطة مباشرة بقضايا الشباب والتعليم والتشغيل والتخطيط – سيثبت أن الدولة لم تعد ترى فيهم مجرد شعارات انتخابية أو زينة لخطاب التمكين، إنما شريكًا كامل الأهلية في إدارة المرحلة السياسية المقبلة.

في هذا السياق، فإن التعديل الوزاري المقبل يُمثّل اختبارًا حقيقيًا للإرادة السياسية التي طالما تحدثت عن تجديد الدماء وتعزيز ثقة الشباب بالدولة ومؤسساتها والخطوة الجريئة بتعيين وزراء شباب لن تكون مجازفة، بل استثمارًا سياسيًا يعكس النضج والواقعية، ويمنح نموذج الأردن الإصلاحي بعدًا عمليًا يتجاوز النصوص إلى التطبيق الفعلي.

فهل يحمل التعديل المقبل مفاجأة تُجدد الأمل، وتُترجم التحديث السياسي إلى واقع ملموس على مستوى السلطة التنفيذية؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة.
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير