المحامي بشير المومني يكتب : آمنت بالله !
قبل فترة كنت اتناقش مع زوجتي في موضوع متعلق بأمور المنزل وكيفية تدبير الدخل بموازاة النفقات وتوفير التمويل اللازم للمشاريع المستقبلية ولزوم ( التقشف ) .. من جهتي كنت اتبنى نظرية ( الاعتماد على الذات ) والصبر على ما وصفته بأنه ( مرحلة مؤقتة ) وأننا سندفع ثمنا باهظا في حال الاعتماد على ( الاقتراض ) وفقا لنظرية ام شهد في حين أن المدام تصر على الاستدانة بحجم نعجز فيه عن ( سداد الدين وفوائده ) لأن المرحلة المؤقتة هي ( مزاعم رب الاسرة وقد طالت مدتها فوق حدود الصبر ولم يعد هنالك شيء لنتقشف فيه باعتبارنا تحت خط التقشف ) وهي تريد وضعنا بمخاطر مستقبلية قد تؤدي الى انهيار ( السيستم العائلي ) وبعد شد وجذب فجأة ارتفع ضغطي وتعرقت فقلت ( لا حول ولا قوة الا بالله ) وغادرت الغرفة فورا لأتوضأ حتى يسكن الغضب فلحقتني ام العيال وقالت ( شايف كيف ما أحسنني بخليك تذكر الله ) !
البارحة كنت على تواصل هاتفي مع صديق لي وهو ملحد لا يؤمن حتى بوجود خالق لكنه ابتلي بعشق الاردن .. كنا نتناقش بشأن الاوضاع الاقتصادية للبلد وما سيترتب على ذلك من مخاوف وما هو مستقبلنا وتوسعنا في دائرة القلق على اطفالنا وكلما نقفز من تحليل لآخر يقول (( لااااا إله إلا الله .. )) !!! فقلت له ( ولك فلان ليكون الله هداك !!؟؟ ) فأجابني بأنه توصل الى الايمان بوجود الخالق من خلال ما يحصل في الاردن ! فسألته كيف ذلك ؟؟ فأجابني أنه وباستعراض تاريخ هذا البلد يستحيل ان يبقى مستمرا لولا وجود إله عظيم يحميه ويرعاه ويسير أموره !! فانفجرت بالضحك وكلما اراد ان يقنعني حول كيفية توصله للخالق الاعظم من خلال ما يحصل في بلدنا تفجرت تلك الضحكات الرقيعة من رحم المعاناة وازداد هو شرحا وبسطا وتفصيلا وجدية وازددت ضحكا وقهقهة حتى انتهى لقوله ( آمنت بالله .. نعم آمنت بالله .. مستحيل لابد ان هنالك خالق يحمي هذا البلد ) !
في نهاية نقاشي مع ام العيال وبعد الوصول لطريق مسدود فلا اجد حولي منفذ او فرصة وبعد أيام من التفكير اتخذت قرارا هو مثل السم الزعاف على النفس يقضي بضرورة ( ان اغادر ) والبحث عن حياة جديدة خارج البلاد .. لربما انا وغيري وكثير من الناس بدأنا نفكر بهذه الطريقة ونستطيع ان نغادر كأشخاص لكن بالنسبة للأردن فهل سيغادر المنطقة !!؟؟ حجم الضغط على الوطن منذ سنوات هائل والمطلوب منه ان يغادر تاريخه وسياساته وفسيفسائه وتوازن مكوناته ورسوخ مؤسساته ومدى حدوده وشكل نظامه وطبيعة مجتمعه وقيمه وبنيته وماهيته .. رأس الأردن مطلوب وجوديا حتى يتحول لشيء لا نعرفه فلا لون ولا طعم ولا رائحه ولا نكهة للتاريخ فيه .. واليوم حتى من يحمل مسؤولية الدفاع عنه ( قطع بنا ) وتركنا لافتراس الحالة وتصدى لمرحلة ملؤها الكذب بالصدق ولكن لا احد يريد ان يصدق !! اردن جديد قد لا يبقون منه حتى اسمه ولا ادري يومها هل ستكون ارادة الله ام سيعود صديقي للالحاد ! آمنت بالله

























