د. ماجد الخواجا يكتب..في الذكرى 104 لإستقلال أذربيجان

{title}
نبأ الأردن -









        لأذربيجان خاصية تكاد تتفرد بها عن كثيرٍ من الدول ألا وهي أن لها يومان وطنيان: الأول الذي أعلن عن الاستقلال في مدينة تبليسي بجورجيا، وموعده 28 أيار ويعتبر اليوم الوطني الأول للاستقلال عام 1918 كأول دولة مستقلة في الشرق الإسلامي تعلن استقلالها، الذي جاء إثر إعلان الثورة البلشفية في أكتوبر من عام 2017، حيث استمر ذاك الاستقلال 23 شهراً تم فيها بناء دولة ذات مقومات ودستور وقوانين تحكم سير حياة المجتمع، قبل أن يعلن الإتحاد السوفييتي ضمه للجمهورية كأحد جمهوريات الاتحاد بالقوة والقسر لمدة امتدت لأكثر من سبعة عقود من الزمن، كانت تلك العقود ظلامية بائسة أودت بأحلام وتطلعات التحرر والتنمية والاستقلال في جمهوريات ما يسمى بالإتحاد السوفييتي.





     أما اليوم الوطني الثاني فهو الذي جاء بعد إنهيار الإتحاد السوفييتي في 18 أكتوبر 1991، حيث اعتمد مجلس السوفييت الأعلى لأذربيجان القانون الدستوري بشأن استقلال دولة أذربيجان. وكان هذا التاريخ بداية استعادة استقلال أذربيجان الحديثة. وأجري الاستفتاء في 29 ديسمبر 1991. فكان الإستقلال الثاني لجمهورية أذربيجان الديمقراطية العلمانية.





      لن ينسى الأذربيجانيون قادة الجمهورية الشعبية الاستقلاليون الأوائل: محمد أمين رسول زاده وأليماردان بك توبتشوباشوف وفتالي خان خويسكي ونسيب بك يوسف بيلي ورفاقهم في السلاح الذين حاربوا من أجل الاستقلال.





      لقد واجهت أذربيجان في مسيرتها كحال عديد من جمهوريات الإتحاد السوفييتي التي بعد انفصالها عنه ظهرت فيها إثنيات عرقية أو دينية تم تغذيتها لتصبح بؤر توتر هدفها إضعاف شوكة الدولة وعدم استقرارها، فشاهدنا كيف تواصل التوتر عابر الحدود في جمهورية جورجيا وأرمينيا وأذربيجان وأوكرانيا وغيرها، كما أن إنهيار الإتحاد السوفييتي أعاد ما يمكن تسميته بالحلم القديم لبعض العرقيات، فهناك حلم أرمني بدولة ممتدة من بحر قزوين إلى البحر الأسود، هناك حلم تركي في عالم ممتد من البحر الأسود إلى مشارف الصين، هناك حلم كردي في دولة ممتدة من وسط وشمال العراق وإيران وصولاً إلى ضفاف البحر الأبيض المتوسط، هناك أذربيجان ممتدة في شمال وغرب إيران، هناك بؤر متناثرة ضمن بقع جغرافية كأوسيتيا الشمالية والجنوبية وأبخازيا وناغورنو كاراباخ وغيرها من الإثنيات التي تفتعل كافة الأسباب للإنفصال والالتحاق بدولة ثانية بذريعة العرق أو الدين، رافضةً لفكرة الدولة الوطن للجميع التي تضم أطيافاً متنوعة تحت مسمى وطن واحد.





         لم تعرف أذربيجان الاستقرار منذ إعلان استقلالها الثاني حيث دخلت في حالة حرب داخلية ضمن محيط ناغورنو كاراباخ وناختشيفان ، وخارجية مع جمهورية أرمينيا التي تبنت مطالب الإقليم الكاراباخي، ومع استلام حيدر علييف عام 1994 السلطة في اذربيجان، وهو الذي يمكن بحق أن يطلق عليه باني أذربيجان الجديدة. حيث شهدت أذربيجان تطوراً كبيراً خاصةً وأنها تمتلك ثروة نفطية هائلة جعلتها ضمن كبار الدول المصدرة له، فيما كانت أيام الإتحاد السوفييتي مجرد جالسة على بحر من النفط لا تمتلك حرية التصرّف فيه والاستفادة من موارده. كانت باكو عاصمة الدولة بائسة تكتظ بالفقر والجوع والمرض، لكنها الآن أصبحت مدينة مشعةً تضجّ بالحياة والازدهار، مدينة عصرية تقدّم أنموذجا للبناء والنمو العمراني والسياحي والاقتصادي.





      أما من حيث العلاقة ما بين الأردن وأذربيجان، فهي علاقة وطيدة، ويعتبر الأردن من أوائل الدول العربية التي اعترفت باستقلال أذربيجان. لكن هذه العلاقة ما زالت تحتاج إلى تطوير في مختلف الصعد، خاصة الاقتصادية والصناعية والسياحية.





إن أذربيجان حكاية تستحق الإشادة بها، فهي مثال للنضال والكفاح في سبيل وضع الدولة في أعلى مراتبها بين الدول، ها هي باكو تتألق كمدينة إشعاع حضاري، مدينة الضوء والنور والإنسانية.





تحية عربية من عمان إلى أذربيجان.


تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير