عبد الرحمن الحسن يكتب : هل هناك حرب أمريكية إيرانية وشيكة؟

{title}
نبأ الأردن -

بعيدا عن الضجيج الإعلامي و التخمين , هل هناك حرب إيرانية أمريكية وشيكة ؟
اولا للجواب على هذا السؤال لا بد من قراءة المشهد الحالي من عدة زوايا ثم الترجيح :
زاوية الرؤية العامة :
لو كانت هذه الحرب ممكنة لكانت قد حصلت منذ سنوات إن لم تكن عقود و خصوصا يوم كانت الولايات المتحدة تتمركز بأكثر من 600 الف جندي مقاتل في المنطقة عام 2003 محيطين بإيران من كل النواحي و اكثر من 48 قاعدة عسكرية و لكن الفشل الأمريكي في العراق و أفغانستان أظهر أن هذه عملية إنتحارية قد تبتلع الجيش الأمريكي و في الفترة الأخيرة كانت هناك عدة فرص حقيقية لخوض الحرب بداية من الإنسحاب من الإتفاق النووي و التحشيد بعده ثم ضرب ناقلات النفط في الفجيرة الإماراتية و ما أعقبها من حوادث متدحرجة وصولا لإسقاط إيران لطائرة جلوبل هوك الاحدث و تدمير نصف النفط السعودي في ابقيق و من ثم مقتل سليماني و الرد الإيراني على قاعدة عين الأسد الشديد و كل عملية من تلك العمليات كانت أعاذرا كافيا و اكثر لإعلان الحرب و مع ذلك كان كل طرف من الطرفين يتلقى الضربة و يهضمها ثم يرد و يقوم الطرف الٱخر بنفس الأمر بطرق محسوبة من الطرفين و هو ما يسمى عسكريا المعركة بين الحروب أي ضربات مؤلمة و لكنها أقل من أن تسبب حربا مفتوحة و لكن ماذا استجد الٱن ؟
الزاوية الإستراتيجية :
منطقة الشرق الأوسط و بعد انتهاء المواجهة السورية بات واضحا أنها تم الفرز فيها تماما و لم تعد هناك جغرافيا تسمح بحرب محدودة كما السابق لأن الحروب صنعت عملية لحام في الجغرافيا السياسية بحيث أصبح سقوط أي بقعة في حرب مفتوحة لدى أي حلف هو بداية تفكك و انهيار لكل ذلك الحلف سواء كان الحلف الأمريكي الإسرائيلي العربي أو الحلف الإيراني في المنطقة و مع وجود هذا الكم الهائل من السلاح و التكنولوجيا لدى الطرفين و كون الصراع بينهما وجودي لا يمكن الوصول فيه إلى نقاط تلاقي يمكن البناء عليها أصبح الإحتقان و الغليان هو السمة السائدة فلا يمكن لأي جهة من الجهتين التعايش مع هذا الواقع و بالتالي فلابد من حرب تغير الموازين لصالح جهة على حساب الجهة الأخرى و لأن المحور الأمريكي هو الذي خسر الحروب الجزئية في كل من العراق و سوريا و لبنان و اليمن و غزة أصبح هو الأكثر حاجة للحرب و لكنه يخشى تلك الحرب بعد سلسلة الخيبات أن تكون هي القاصمة خصوصا انها ضخمة و مكلفة كما أن المحور الإيراني و إن كان لا يخشى تلك الحرب لإدراكه أنه يمتلك ما يكفي لها و أن من يخوضها هم ابناء المنطقة الأصليون بعكس الامريكان و الإسرائيليين الغربيين على المنطقة و النظام العربي الغير ممثله لشعوبه إلا أن هذا المحور أيضا لا يريد تلك الحرب لمعرفته بمدى الخسائر الهائلة التي ستنجم عنها و الدمار و بالتالي فلن يتقدم إليها إلا مجبرا .
الزاوية الأمريكية :
مما لا شك فيه أن المؤسسة العسكرية الأمريكية لا تريد هذه الحرب و لا تتمناها لأنها تعرف حجم القوة الموجود و أن الخيار البري مستبعد لأن حربا كهذه تحتاج إلى ما بين 600 الف إلى مليون مقاتل و أن هذا العدد متعذر ما يجعل الستين الف المنتشرة في الشرق الأوسط هم لقمة سائغة و ربما ستتم إبادة كثير منهم على الأرض و بالتالي فلا مناص من الحرب النارية فقط ( أي بالطيران و الصواريخ ) و يعلم الأمريكي أن هذا الأمر سيدمر كثيرا في إيران و لكنه سيمسح الخليج و إسرائيلي من الخريطة فإطلاق ما يقارب مليون صاروخ ثقيل وقنبلة موجهة في ظرف 3 اسابيع إلى شهر من الطرفين ليس مزحة و هو يوازي ضرب عدة قنابل نووية و سيؤدي إلى تحويل الشرق إلى رماد و مالذلك من تداعيات عالمية و لكن أمريكا ابضا تمر بظروف صعبة جدا فعلى المستوى العالمي تتراجع عسكريا و اقتصاديا و سياسيا و لم تعد شرطي العالم و لا بد أن تنسحب منه و انسحابها من الشرق الأوسط بموازين القوى الحالية يعني التخلي عن مصالحها و حلفائها و هذا أمر متعذر فعله و متعذر عدم فعله أيضا كما أن الصراع داخل امريكا على الحكم و الحاجة إلى تصدير المشكلة للخارج أمر ملح جدا و لكنه أيضا متعذر للأسباب التي ذكرت إلا إذا أراد أترامب إعلان حالة الطوارئ و إيقاف العمل بالدستور فذلك أمر مختلف و لكنه يكون قد ثبت حكمه بتدمير كل الشرق الأوسط بما فيه إسرائيل و لكن هل سيقبل البنتاغون ذلك ؟ سؤال برسم الأيام الخمسة القادمة .
الزاوية الإسرائيلية العربية :
لا شك أن العرب و إسرائيل في حال لا يحسدون عليه فمن جهة الميدان إسرائيل محاصرة بالنيران من غزة و لبنان و سوريا تتعافى و العراق يتماسك و إيران تزداد قوة و الصراع الداخلي السياسي الشديد يزيد و الإقتصاد ينهار و من جهة العرب فشلوا في اليمن و كذلك إيران و حلفها يزدادون تماسكا و قوة و الحالة الإقتصادية ايضا تزداد سوء و تكاد الشوارع العربية أن تنفجر بسبب الضغط الإقتصادي و الإهتراء السياسي و الذي ظهر على شكل التطبيع مؤخرا و الإنكشاف العام و تتقاسم إسرائيل مع العرب مشكلة أن إدارة بايدن لن تحقق لهم عشر ما أعطاه أترامب. إن لم تؤدبهم و تجري تغييرات هيكلية في منظوماتهم أو تتخلى عنهم و تتركهم. لمصير مجهول في جحيم الشرق الأوسط و لذلك يدفعون بكل قوة أترامب لفعل شيء و إن كان انتحاريا فهم لم يعودوا مطمأنين للمستقبل المظلم القريب .
الزاوية الإيرانية :
رغم أن إيران تعاني إقتصاديا من أثر الضغوط الضخمة التي مارسها أترامب و التي بدأت مؤخرا تنجح بالإلتفاف عليها و برغم وجود ملف الإنتقام لسليماني المركب إلا أن إيران تدرك تكلفة الحرب المفتوحة و لن تنجر إليها إلا مرغمة و العقل الإيراني يعمل بقواعد واضحة جدا و هي تجنيب العمق الإيراني أي ضربة و جعله هو الخط الفاصل بين المواجهة المفتوحة و عدمها و في نفس الوقت دعم المقاومة في العراق لإستنزاف الجيش الأمريكي خصوصا أن البرلمان العراقي طالب بإخراج كل القوات من العراق و اصبح العمل ضدها مشروعا و كذلك استنزاف إسرائيل بتقوية غزة و لبنان و تماسك سوريا ما يجعل الإسرائيليين يعيشون في جحيم يحيط بهم من كل جانب و استنزاف الخليج في اليمن و العمل على صنع الإضطرابات من الداخل كالبحرين و دعم بعض الغاضبين داخل الخليج و بذلك يحصن الإيراني نفسه و يترك أمريكا و حلفائها يتخبطون في مستنقعاتهم و يضعفون و كل يوم يقررون فيه الحرب سيكونون اضعف فيه من اليوم الذي قبله بحيث يسهل القضاء عليهم و حتى ضرباتهم المنهكة ستكون اضعف .
المحصلة النهائية :
كل المؤشرات تدل على ضرورة الحرب لدى الإسرائيليين و العرب إلا أن امريكا بعقلها الإستراتيجي تخشاها و كل المؤشرات تدل على عدم رغبة إيران و حلفائها بالحرب و لكنهم سيخوضونها إذا فرضت و بقوة مدمرة و بالتالي فالصعوبة تكمل في ضبط أمريكا لحلفائها و خصوصا إسرائيل و الجماعات المتفلتة كداعش و غيرهم من فعل عملية تشويشية توجه للجيش الأمريكي و تتهم بها إيران ( مثل قصف السفارة في بغداد قبل إيام ) تكون شرارة للحرب و كذلك ضبط إيران لحلفائها أيضا و هذا ما صرحت به و مدى قدرت البنتاغون على لجم جنون أترامب و إلا فلا مهرب من حرب كبرى في الأسابيع القادمة ستغير وجه الشرق الأوسط .
أما إذا مرت الأسابيع القادمة بسلام فستختلف كل الحسابات و لنا لقاء إن شاء الله أما إذا وقعت لا قدر الله فسندخل في التفاصيل العسكرية الفنية الطويلة و المملة من تحركات و مناورات و أسلحة في خصمها و قد تغاضيت عن كثير منها حصل و مازال يحصل هذا إن أنجانا الله برحمته من نيرانها .
دوموا بخير





عبد الرحمن محمد الحسن


تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير