صوراني تكتب : جدلية كورونا

{title}
نبأ الأردن -

جدليةُ الحياةِ من الموضوعاتِ التي يجبُ أن تعارَ اهتمامًا في ظلّ جائحةِ كورونا والتي اعتدنا عليها فأصبحنا نحسِبُ أَيامَنا بناءً على خطّ زمنٍ فاصِلُه الكورونا… فآذانُنَا تَسمَعُنا نقولُ قبل الكورونا كنّا نفعلُ ذاكَ وبعدها نقومُ بهذا… وكأنّها الحدّ الفاصلُ… بل هي ذلك الحدّ الفاصلُ الذي جعلَنا نستفيقُ من غيبوبةِ العصرِ وأدخلَنَا في غيبوبةِ الخوفِ … وأذهانُنَا قلبَت جاهزيّتِنَا للتفكيرِ… فتغيّبنا عن التزاماتٍ شُرِعَتْ لتربِطَنا فلم يعد باستطاعتِنا القيامَ بها … والتزمنا الصمتَ خوفًا من حُكمِ الآخرِ علينا… وتفادَيْنا تفاهاتٍ كانت مَركِزَ اهتماماتِنا… في ذاتِ الوقتِ أصبحنا نشتاقُ لماضينا ونتلذّذُ بقصصِ حاضِرِنا هربًا من أن نقعَ رهينةً لليأسِ… أصبح العُطاسُ تُهمةً حينَ كان سببًا لدُعائِنا للآخرِ بالشّفاءِ والأسوأُ أنّ الوحدةَ أصبحت رفيقًا لمريضِ المشفى فلا أحدَ حولَه… والأدهى كلّ ذلك خوفًا عليه… فإذا به يموتُ من الوَحدَةِ لا المرض - شافانا وعافانا الله - ولكن جدليةُ كورونا تكمُنُ هنا بأنها ورغمَ أخذِها الكثير فهي علمتْنا الأكثرَ… كاهتمامِنا بمناعتِنا وصحتِنا التي وعدتْنا بأنّها تحصيلٌ حاصلٌ… فترفّقْنا بالكبيرِ وخِفنا على الصّغيرِ وأصبحَ فيتامين سي رفيقًا بدلًا من ال دي… فتغيّر حرفٌ وتغيرَت حياتُنا معه.. حتى أَعمالُنا انتهت… نُكافِح للإبقاءِ عليها بعد جَوْرِ الكورونا بنا… زادَ الأمرُ عندما ابتعدنا عن الواقعِ حتى نستطيعَ النّجاةَ من آثارِ الحظرِ الذي أثقلَ كاهلَنا رغمَ اعتيادنِا عليه… فاشتقنا لجمعاتِ يومِ الجمعةِ… وللتنزّهاتِ في ربوعِ وطنٍ اشتقنا إليه ونحن ما زلنا نعيشُ فيهِ… اشتقنا لشمالِه وجنوبِه وغابَ عنّا شرقه وغربِه… فارتبط البحرُ الميتُ بحجْرِ الكورونا… فأصبحتِ العقبةُ ملاذًا تحت ضغطِ التكاليفِ الماليةِ العاليةِ… فهَجَرْنَا بلدَنا التي هجرتْنَا هي بدورِها بتغليظِ عقوباتِها علينا… عِوَضًا عن نفسيّتِنا التي كانت تتحسّنُ بسلامِ الأيدي وكأنّ قلوبَنا كانت تتعافى بمجردِ انتقال الطّاقةِ الإيجابيّةِ من أحدٍ لآخرَ… فأصبحتِ الكمامةُ تُخفي ابتساماتٍ كم كنّا ننتظرُها لا بل والأفضلُ أخفتْ امتعاضَنَا من أُناسٍ كم تفاديْنَاها … فالكورونا جاءت بجدليّتِها… أفادتْنا وضرّتْنا… وجعلت الحياةَ جدليةً… كم جدليةٍ هي الحياةُ من بعدِك يا كورونا ؟ الكثيُر تغيّرَ… ولكنّني على يقينٍ بأنّ حياتَنا وجمعاتِنا وسهراتِنا ومصالحِنا وأعمالِنا ستعودُ بأفضلَ من ذي قبل… إلا أنها تحتاجُ منّا الصبرَ الذي شارفَ وينتهي …والكثيرُ من الأملِ الذي لايأتي بِلا ثِقةٍ وإصرارٍ… فاصبروا وتوكّلوا على ربّ العباد…





م. رهف منذر الصوراني


تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير