في حوار شامل مع "نبأ الأردن" .. سعيدان : مبدئياً لن يكون هناك رفع لأسعار المياه

{title}
نبأ الأردن -

*مصير مشروع قناة البحرين غير واضح .. وهذا هو السبب





نعمل على فتح ملف مفاوضات مع الجانب السوري لتحصيل حقوقنا المائية حسب اتفاقيتنا معهم في عام 1987نُحَضّر لصيف 2021 عن طريق حفر آبار ارتوازية للمياه الجوفية
*12 شركة عالمية مهمتة بمشروع الناقل الوطني .. وهكذا سيطرح العطاءنفاوض "الديسي" من أجل إضافة كميات المياه لغاية 10 مليون سنوياً
*الاعتداءات والسرقات تؤثر على قدرتنا في توصيل المياه
*مشاريع أميركية وألمانية لتقليل نسبة الفاقد في الأحياء والمدن
*سيُعاد النظر في عقد أية شركة لا تكون مؤشرات الأداء لديها جيدة
*نركز الآن على الحصاد المائي للمزارعين وفي المناطق النائية من خلال "الحفائر"
*ملكية خط الديسي ستؤول الى الدولة الأردنية



نبأ الأردن – كتب نشأت الحلبي – في الوقت الذي يعد فيه قطاع المياه من أكثر القطاعات الحساسة في الأردن نظراً لشح المياه واعتبار الأردن من الدول الأكثر فقراً "مائيا" في العالم، فإن تسليط الضوء على هذا القطاع يعد من الأهمية بمكان لكل أردني خصوصاً وأن هناك الكثير من الأسئلة التي تطرح.
قضايا كثيرة تبرز بين الحين والآخر ليصبح معها قطاع المياه القضية الأكثر أهمية للناس، ومنها مثلاً الانقطاعات التي عانت منها الكثير من المناطق، والتساؤل حول حقيقة نوايا الحكومة برفع أثمان المياه، وكذلك مصيرمشروع "ناقل البحرين"، واهتراء شبكة المياه في كثير من المدن والأحياء، وعمليات الاعتداءات، أو السرقات، التي تتعرض لها خطوط مياه حيوية.
كل هذه الأمور، وغيرها، طرحها موقع نبأ الأردن الإخباري على وزير المياه والري معتصم سعيدان في حوارٍ شاملٍ امتاز بالشفافية والصراحة المطلقة.





الوزير سعيدان أكد بداية أنه ومنذ شهر آذار الماضي، ومع الحظر الشامل بسبب وباء كورونا، أصبح هناك زيادة في استخدامات المياه، وتم الطلب من الناس أن يجلسوا في منازلهم ويغسلوا أياديهم ويلتزموا بإجراءات التعقيم ضمن حملة التوعية التي تمت في هذا المجال، وهذا الأمر أدى الى ازدياد استهلاك المياه بنسبة 10 في المائة تقريباً.
وأضاف أن الخطة المائية تبدأ عادة ً في شهر أيار وتنتهي في نهاية الصيف، وهذه الفترة التي عادة نتعرض فيها لشح مياه حيث يكون الاستخدام هائل للمياه في الصيف، وتكون مصادرنا تنضب نوعاً ما خصوصا الاحتياطي والمخزون السنوي بسبب تبخر مياه السدود وما شابه.
وقال إن مصادرنا من المياه كلها مشتركة مع دول الجوار، ونحن نتحدث هنا عن سد الوحدة المشترك مع سوريا، وبحيرة طبريا التي نأخذ منها حسب اتفاقية السلام، وعندنا أيضا حوض الديسي المشترك مع السعودية، فبالتالي فإن وضع الأردن كثاني أفقر دولة في العالم بالمياه دائما يفرض علينا أن ندير مصادرنا بحكمة وبطريقة نستطيع معها أن نمر سنوياً بالإزدياد في الاستهلاك المعروف عنه في فصل الصيف.
وأوضح أن مشكلتنا الآن أن صيفنا بدأ في شهر آذار بسبب كورونا حيث كان الاستهلاك هائل على المياه، وكذلك الحال في شهري نيسان وأيار، واستمر صيفنا للأسف لغاية منتصف شهر تشرين ثاني، ومررنا بموجتي حر في شهري أيلول وتشرين أول مما زاد في استهلاكنا من المياه، هذا بالإضافة الى أن اتفاقيتنا مع شركة الديسي التي تحتم إجراء عملية صيانة للمضخات وبالتالي تحدث عملية تعطيل للمضخات أثناء إجراء عملية الصيانة ولمدة خمسة أيام، فهذا كله بالتالي اجتمع في ظرف معين، وحاولنا أن نؤجل إيقاف صيانة المضخات لكننا لم نستطع لأنه يوجد شرط تعاقدي، ولا نريد كذلك أن نتحمل مشاكل ميكانيكية في المضخات بعد ذلك، فتم الإيقاف، وعادة وكما هو معروف فإنه كلما يحدث إيقاف للمضخات يحدث "خربطة" في الأدوار كمدة زمنية حتى نستطيع إيصال المياه لكل الأحياء، فبدل ما كانت تصل المياه مثلا لمدة 18 ساعة أو 24 ساعة، أصبحت تصل لمدة 8 ساعات فقط، وهذا صاحبه للأسف أن بعض الأخوة المواطنين أصبحوا يركبون مضخات على العدادات، مما بالتالي الى تخفيف ضغط المياه عبر الشبكات، وتأثرت كذلك المناطق الموجودة في أطراف الشبكة أو في المناطق المرتفعة بحيث أصبحت تصلهم المياه في فترة زمنية أقل وبضغط قليل، وغير كافية، وفي هذه الحالة فإننا ملزمون بأن نرسل "تنكات" مياه الى من يتضررون بحيث يدفع المواطن مبلغاً رمزياً مقابل ذلك، فإن حصل مثلا على 4 أمتار، فيمكن أن يضاف الى عداده دينارين أو 4 دنانير حسب المكان والاستهلاك أو حسب شريحته أو طبيعة استهلاكه للمياه، فكما هو معروف أن لدينا فئات أو شرائح.
وأضاف أن الوزارة تفاوض "الديسي" من أجل إضافة الكيمات لغاية 10 مليون سنوياً، ونعمل على فتح ملف مفاوضات ومناقشات مع الجانب السوري حتى نحصل حقوقنا المائية حسب اتفاقيتنا معهم في العام 1987، فلدينا حقوق مائية والمفترض أن نبدأ التفاوض حولها، وهذا سيتم من خلال البروتوكول الرسمي من خلال وزارة الخارجية، وإن شاء الله يكون الطرف الثاني متجاوب معنا في هذا الاتجاه.
وقال إننا نعمل الآن على تحضير أنفسنا لصيف 2021 وذلك عن طريق حفر آبار إرتوازية للمياه الجوفية في سد الوحدة والخطط الآن أن نحفر نحو 4 آبار وقد باشرنا فيها، ولدينا أيضا منطقة تابعة للمفرق وتسمى "حوض العاقب" والتي تقع على حوض مائي وافر، وبالتالي هذا قابل للشحن حيث تأتي المياه الجوفية من جبال طوروس في تركيا ومن جبل الشيخ في لبنان ومن الفيضانات التي تحدث في سوريا وتمتد لغاية حوض حماد، فتجري عملية شحن لهذا الحوض، وبالتالي يمتلأ ولا خوف من أن ينضب أو ينزل مستوى المياه لدرجة تُحدث مشاكل.
وقال إن ما سيجري هو عبارة عن حفر آبار جوفية على عمق 400 الى 800 متر، ومن ثم يتم تركيب مضحات على تلك الآبار ويتم شبكها على شبكة أنابيب ناقلة وترسل الى المناطق الشمالية.
وأوضح أنه تم حل كل الأمور بالنسبة للشمال مع محطة سد وادي العرب والتي افتتحها جلالة الملك قبل حوالي شهر، وهذه المحطة تأخذ حوالي 10 مليون متر مكعب من قناة الملك عبدالله في الطور الأول لهذه السنة، وبالتالي فإن هذه المحطة ستسهم في تلبية احتياجات بعض المناطق في اربد والتي أسميناها بالبؤر الساخنة، بني عبيد، بني كنانة، قصبة إربد، وقرى المفرق، وسوف تمد أيضا مناطق من جرش وعجلون بالمياه.
وأضاف أنه وفي نفس الوقت، فإن لدينا بعض السدود التي تم بناؤها أو التي تم إجراء توسعة جديدة لها، وهذه ستسهم في عملية الري وشرب المياه، وهنا نتحدث عن تعلية سد الوالة، وقد أوعزنا قبل نحو أسبوعين وأتت عليها موافقة، بإنشاء محطة تنقية بعد سد الوالة في إحدى الوديان شبيهة بمحطة زي ومحطة سد وادي العرب، وستسهم هذه المحطة بإعطاء المياه لمنطقة عمان كجزء من مياه سد الوالة لإستخدامات الشرب، هذا غير الآبار الجوفية في هيدان.
وأكد سعيدان أنه يجري الآن التركيز على الحصاد المائي للمزارعين ولإخواننا في المناطق النائية في البادية الشرقية حيث نعمل ما يطلق عليه "حفائر" وهي عبارة عن حُفر على مسافات طويلة وتخدم لفترات معينة في الصيف قبل أن تجف، وهي تساهم في خدمة من يعملون في الزراعة وتربية الأغنام وستؤدي الغرض، وفي نفس الوقت نعمل على تشجيع فكرة الحصاد المائي، وهذه في المناطق الغربية الشمالية في اربد وعجلون حيث أن الموسم المطري يكون جيد جدا، وبالتالي فإن المنزل الواحد يمكن أن يحصد حوالي 50 متر مكعب من مياه الأمطار كل موسم مطري.
واضاف، أنه وفي نفس الوقت، وحسب توجيهات جلالة الملك، فإننا نعمل على تنفيذ الخارطة الزراعية الملكية وهي لتلبية حاجات المزارعين، وإنشاء فرص عمل، وكذلك عمل زراعات نوعية ذكية يكون لها سعر عالمي ومنافس في السوق، وفي نفس الوقت تلائم تربتنا وبوجود مياه قادرة على تزويدها للري، وفي هذا الأمر نستهدف الأراضي التابعة لخزينة الدولة، وبالتالي يتم توفيرها لأهل المناطق التي تتم فيها أو المجتمعات الأهلية المجاورة، بالإضافة الى أننا نعمل على تشجيع استخدام المياه التي كانت عادمة بعد معالجتها في الزراعات المقيدة فقط، وهي زراعة ذرة الأعلاف والبرسيم حتى نشجع المزارعين، وهذا تشكل فرص عمل ستكون مجدية لأن التعرفة لهذه المياه رخيصة جدا ومشجعة، كما أن لدينا منها كميات هائلة حيث تصل في السنة الواحدة الى 150 مليون متر مكعب، وهذه قادرة على أن تنعش الاقتصاد في هذا المجال وهو "الزراعة المقيدة".
وحول "شركة الديسي" والعقد المبرم معها، ومتى تؤول ملكية الخط للحكومة الأردنية، قال سعيدان إنه وحسب الاتفاق معهم فإنهم يقومون ببناء المشروع، ومن ثم تجري عملية التشغيل، ونحن الآن في مرحلة التشغيل، وعادة يكون الاتفاق ما بين 10 الى 20 عاماً، والمشروع بدأ في عام 2010 وبعد فترة ستؤول ملكية هذا المشروع للدولة الأردنية.
وتحدث الوزير سعيدان لموقع نبأ الأردن الإخباري عن المشروع الأكثر أهمية الآن وهو مشروع تحلية مياه البحر، أو ما نسميه بالناقل الوطني.
وقال إن مصير مشروع "قناة البحرين" غير واضح، حيث لا نعرف ما هي الخطوة القادمة من قبل "الجانب الآخر"، وبالتالي فإن لدينا خطة بديلة وهي إنشاء ناقل وطني أردني بحت بحيث تتم عملية تحلية مياه البحر الأحمر ومدها للديسي ومن ثم نقلها عبر خطٍ موازٍ لخط الديسي، بمعنى أنبوب جديد، حتى يغذي مناطق عمان، مؤكداً أن هذا المشروع "استراتيجي" وسوف يخدم الأجيال القادمة، وسيكون من أحد المشاريع من الأكثر أهمية لخدمة الأردنيين.
وأوضح أنه تم الآن استقبال رسائل اهتمام من حوالي 12 شركة عالمية من الشركات المميزة التي تقدمت للمشروع، ونحن الآن في مرحلة دراسة ومعرفة الشركات المؤهلة كملاءة مالية وسجل فني، ومن ثم تُقَدّم لنا مقترحات قبل طرح العطاء، ونقوم بفرز رسائل الاهتمام حتى يتم طلب تقديم العطاء الفني والعرض المالي المصاحب له.
وحول إذا ما كان يعني ذلك الاستغناء عن مشروع قناة البحرين وبالتالي عدم التعامل مع "الجانب الآخر" من خلال هذا المشروع الأردني البحت، قال : في ظل الوضع الحالي، وعدم وضوح الخطوة الثانية بالنسبة لقناة البحرين، فنحن نسير في هذا المشروع، فحتى لو سار مشروع قناة البحرين، فنحن سنستمر في مشروع "الناقل الوطني" لأنه مشروع للأجيال القادمة.
وفي إجابته لموقع نبأ الأردن الإخباري حول ملف سرقة المياه من قبل أصحاب مزارع كبيرة وغيرها من عمليات السرقة، قال الوزير سعيدان إن هناك اعتداءات على خط الديسي، واعتداءات من قبل آبار مخالفة، وهذا الموضوع دائما محط نقاش، وهناك تعاون مع مديرية الأمن العام، ومع الإدارة الملكية لحماية البيئة حتى نرصد الاعتداءات على قناة الغور الشرقية من قبل الإخوان المزارعين او من قبل سكان المنطقة هناك، وهذا كله، وبكل صراحة، يعمل على التشويش على كل إدارتنا لمنظومة المياه في الأردن سواء للري أو لمياه الشرب.
وأضاف أن هناك اعتداءات أيضا من قبل المنازل مثل سحب المياه من خلف العداد مثلا، وهناك أيضاً الفاقد غير المفوتر والذي لا نراه، فنحن نضخ مثلا الف متر مكعب من المياه، وهناك 400 متر مكعب للأسف غير مفوترة، وبالتالي فإن هذا ضياع في المصدر وضياع مالي ويعيقنا ككلفة مالية في تشغيل القطاع.
وقال إن هناك الآن مشاريع من أصدقائنا الأميركيين والألمان لتقليل نسبة الفاقد في الأحياء داخل المدن، حيث أن نسبة الفاقد تصل كمعدل من 40 الى 59 بالمائة في الأردن كله، وهذا رقم عالي، ولذلك فإن أي تقليل من نسبة الفاقد ولو كانت واحدة في المائة، فإنه سينعكس بتوفير ملايين الأمتار المكعبة على مستوى الأردن.
وأكد أن هذه القضية تتطلب توعية والتزام وضمير أيضا وأن يشعر المواطنون مع البلد وبأنها فقيرة في مصادر المياه، وبالتالي أن تكون هناك عدالة ومساواة في تقديم الخدمة لأن الاعتداءات هذه تؤثر على قدرتنا في توصيل المياه لقرى المفرق مثلا، وبعض الأحياء داخل المناطق في عمان مثل الرابية وأم أذينة والصويفية التي تتأثر بسبب هذه الاعتداءات.
وحول احتمال زيادة أسعار المياه، قال سعيدان إننا مبدئيا نقوم بمراجعة ما طرح منذ بداية السنة، وما فُرض كشرائح على الشركات التابعة لنا، ونحن أوقفنا رفع المياه في البلقاء وعجلون والكرك ومعان والطفيلة، لكن فيما يخص العقبة ومياهنا واربد، فهذه شركات، وبالتالي نقوم الآن بمراجعة الآلية التي تمت منذ بداية السنة، ومبدئياً، وحسب نتائج الدراسات، فإنني أميل لاتجاه عدم وضع أية تعرفة، بل على العكس، فإنه من الممكن أن نلغي الآلية التي كان يتم من خلالها تسعير المياه سابقاً.
وقال : مبدئياً لن يكون هناك رفع لأسعار المياه.
وحول إذا ما كان يبشرالأردنيين بأننا لن نعطش خلال الصيف القادم وأن لا نعاني من شح المياه، قال : إن شاء الله أن نكون قادرين على ذلك، وندعو الله أن ينعم علينا بموسم مطري يؤهلنا لذلك، مؤكداً أن هناك نقص ولا شك في المياه، لكن كان هناك أيضا تشغيل غير ممنهج لمصادر المياه، وهذا ما قمنا بضبطه، ونحاول أن يكون هناك عدالة ومساواة في توزيع المياه على كل الأحياء والمناطق في شمال الأردن ووسطه وجنوبه.
وحول عقد شركة مياهنا وإن كان أبدي أم له فترة زمنية لتعود إدارة المياه لسلطة المياه أو للوزارة، قال إن هناك إدارة لدى الوزارة تتابع أداء شركاتنا وتقوم بتقييمها، ولا أخفي أننا نقوم الآن بمراجعة كل المؤشرات ونضع مؤشرات جديدة لضبط الأمور، والهدف تقديم خدمة تليق بالأردنيين، وبكلفة لا ترهق قطاع المياه، والشركة التي تثبت أنها قادرة على أن تقوم بذلك وتحقق هذين الهدفين، فنحن ندعمهم ونعطيهم أيضا من المنح التي تأتينا للقطاع حتى يقوم بتأدية واجبه بشكل صحيح سواء في الصرف الصحي أو بالمياه، لكن الشركات تكون مؤشرات الأداء لديها غير جيدة، فسيعاد النظر في عقدهم.


تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير