المحامي بشير المومني يكتب: صندوق باندورا !
البارحة اتصل بي صديق يصنف بأنه ( مهم ) وفي طريقي الى محطة تفريغ شحنات اليوم السلبية مع كل نفثة ارجيلة ورشفة شاي ( مقهى الشريف ) مررت بمنزله ورفضت الصعود الى سيارته وطلبت منه ركنها والصعود بسيارتي على غير العادة وتوقفت فجأة امام محل خضرة فسألني عن السبب فقلت له تلقيت اتصال من جهة مرجعية ( ام شهد ) لاحضار خضرة الاسبوع للمنزل وقلت لصديقي - الذي يعمل في موقع حساس وهو بالمناسبة برتبة وزير - ( تعال نقي خضرة واحمل معي الكياس ع السيارة ) فاضطر تحت ضغط ابتزاز الوقت للرضوخ ..
نزلنا سويا وبدأنا ( بالتنقاية ) وكان صديقي متوترا وما انفك يتحدث عن ( صندوق باندورا ) وما جرى نشره ودخلنا في تفاصيل مثل الجهة التي تقف خلف النشر واهدافها وصحة المعلومات ومدى توظيفها وطبيعة مصادر النشر واشخاصهم ومن يقف خلفهم واثر هذه المعلومات على المجتمع الاردني وكيف سيتم اسقاطها كمعلومات في الداخل وتوظيفها اردنيا والرد عليها .. كان متوترا وتسرب الي توتره وقلقه وبدأ صوتنا بالارتفاع ..
لاحظ الخضرجي صاحب المحل وجودنا نتيجة ارتفاع الصوت ويبدو ان الجملة الوحيدة التي التقطها وفهمها من الحديث هي ( صندوق باندورا ) فصاح باعلى صوته ( ياااااا ولد جيب صندوق بندورة جديد لعمك هون ) فنظرنا الى بعضنا البعض وانفجرنا بالضحك ولا ادري لماذا بدأ صاحب المحل بالضحك معنا ولربما بسبب متوالية الضحك التي ضربت جنباتنا حد الدموع انا وصديقي .. وبالنتيجة فلقد صعدنا الى السيارة ومعنا ( صندوق باندورا ) اضطررنا ( لفغم ) نصفه وتوزيع النصف الاخر ..
لم تكن المشكلة يوما في ( صندوق باندورا ) بل في طعم ( الباندورا ) فلقد تغير سلوكنا الاستهلاكي وبتنا نقبل بالشيء الردي والطعم الرديء حتى انه اصبح بلا لون ولا حتى طعم أو رائحة وسرعان ما يشوبه العفن والفساد ليظهر على حقيقته بأنه مهما بلغ من الجمال واللون الاحمر واللمعان فإن الطعم الحقيقي والقيمة الغذائية المفيدة والصندوق الذي يصلح للاستهلاك الاردني هو فقط انتاجنا من ( الباندورا ) البلدي ..
على المستوى الشخصي اصابني نوع من الشعور بالاهانة الوطنية عندما سمعت ما تردد من جماعة ( صندوق باندورا ) عن الرقم المتواضع لقيمة عقارات الملك في الخارج وكنا نأمل أن تصدق رواياتنا الشعبية عما ورثه الملك - كغيره - من مليارات من الراحل الملك حسين رحمه الله تعالى فالمبلغ لا يساوي ثمن جزء من يخت لاحد اثرياء العرب او ما يضعه اردني في فرع من بنوك لبنان .. بجميع الاحوال فالمعلومات قديمة جدا بالنسبة للشعب الاردني وهي لدينا ولم نتفاجأ بها ولو كانت من قبيل الثرثرة او الاشاعة لكنها بصراحة ( خذلتنا ) وشعرنا ( بفقسة ) امام اصحاب المليارات الخليجية التي تملك ( قصر ) صحيفة الجارديان الاجنبية ..