عائشة الخواجا الرازم تكتب: قل لهم يا نبيل مصاروة

وبعد أن تقول لهم ويداك تحملان شوالات نفاياتهم المحرجة أمام تحجر عيونهم، وتلوث أكفهم، وخجل حواجبهم الممغوطة.
قل لهم وأنت تمحو آثار حقدهم على أرض متعتهم المارقة .
قل لهم وأنت تستحي من فعل أفاعيل أفاعيهم المسمومة الموغلة بالتقيؤ والمرض الشامل لأنف الوطن الجميل الكامل .
ولكن اصرخ أول صرخاتك بعد جمعك لناقلات أوساخهم، اصرخ صرخة الغضب، ولا تهز رأسك محزونا مكلوما خجلانا هزة العتب.
اصرخ بتجار العاصمة الحبيبة ثم تجار البلاد. الذين يورثون قمامة تجارتهم للبلاد والعباد. ثم اطلقهم ينوسون لجمع الرمي العشوائي .
فرميهم، مخيف ومخطط له ووبائي .
قل لهم:
ها هي الأردن الحبيبة بقراها ومدنها ومتنزهاتها وغاباتها، تفتح عينيها الجميلتين كل صباح مع شروق الشمس مطلقة ابتسامة النظافة .
فهل في حياة الكائنات الحية والطبيعة والبيئة أعلى مستوى من النظافة ليبتسم الكون ؟ فالنظافة هي الصحة، والنظافة هي الثقة بالروح الوثابة للانطلاق، والنظافة هي العين الجميلة المنعكسة فيها رؤى وخيالات الاستبشار بعنوان اليوم من صبحه إلى غروبه، والنظافة هي صفاء البصر الممشوق كالسهم النوراني باتجاه البصيرة .
والنظافة هي مغناطيس العلاقة الوضاءة بين الأرض وبين من يمشي عليها بخيلاء الجمال. والنظافة هي فضاء الاستقبال الكريم الواسع الرحب لوفود الزهر على أصص البيوت والتلال والجبال .
والنظافة هي دواء العليل والسقيم والعقيم والمحروم من كل داء .
والنظافة هي سلامة الصدر النابض بالعطش وبالآخ في انقطاع الماء، والنظافة انتفاضة الهواء راقصا بين يدي الإنسان، وهي للبلدان أرفع عنوان، وهي عملة التجار والمنتجين والباعة والمشترين والمتبادلي الزيت والقطين والتمر وزبيب الكروم. وعي نصاعة الأكف المسؤولة عن تجارة الربح وربح التجار فنقول يا لها من يد نظيفة !
والنظافة عبقرية الرؤوس المركبة التي أعلاها الخالق العظيم وسندها بين كتفين يحرسانها، وغرسها بلولبيات الحشوة الصعبة، فنقول فلان مخه نظيف .
والنظافة يا هذا هي عبارة لا يكف لسانك يا ابن وطني عن التلفظ والتغني بها، حينما تقول: سأنتخب ممثلا عني نزيها كفؤا يده نظيفه .
والنظافة هي تشبث الشجر بالحجر وعناق السهل مع عشب وطنك على ضفاف روحك .
والنظافة يا صويحبي هي قرش بيعك وتعليلة ربحك في دكان وطنك، ومهما تراكمت أوساخ شوالات نفايات بيعك الوفير أمام دكانك ومتجرك، فهي ربحك وجبين وطنك الذي تغل وجهه وتشيح بوجهك المغمض عن وجعه .
والنظافة يا رفيق هي سعادة الرصيف أمام رزقك وفاتحة الخير والطريق، النظافة يا فاتح بوابات الرزق، وداعيا لربك التوفيق لتزيح هموم الحزن والخسارة، هي عنوان مسرب دمعة سعادة وطنك منك وعليك وفيك .
النظافة هي شخصيتك الأنيقة المتوشحة بأريج سماء وأرض بلدك، وهي الحسرة النائمة في كينونة وطنك .
النظافة وإن كنت لا توليها مهجة جهدك وعرقك، فلن يفوح عطر بلادك على خديك، مهما دلقت من تنكات الكولونيا على كتفيك الذين يسندان مخك .
النظافة يا هذا وذاك .
النظافة يا ابن وطنك الجريح تحت ركام مخلفاتك، غاضبة عليك ولا يهون عليها مشاهدة مغتسلك بين يدي الطهارة، وقد أورثت وطنك الكثير من عفار حياتك .
النظافة هي حلاوة روحك وأنت حتى على المغتسل يشدك دمع الوداع بين النائحين .
النظافة هي أنشودة غابة الصنوبر الخضراء تعلمك البكاء على أرتال أوساخك وحزن الأطلال .
النظافة هي هويتك تتت سقف موئلك، والنظافة إن كنت لا تدري يتحلى بها الفن والأدب وتاريخ الناس، فتضحي النظافة رقمك الوطني المحفور في جذع جسدك بين من فوق الكتفين .
فنقول عنك يا رفيق: وطنك نظيف …إذن مخك نظيف ..ويدك نظيفة وكفك ناصعة البياض كوجه وطنك !