رسالة الهجرة نحو مكة والقدس
حمادة فراعنة يكتب: رسالة الهجرة نحو مكة والقدس
يتوقف المسلمون في ذكرى الهجرة، كما يتوقف المسيحيون في ذكرى الميلاد، ليتذكروا رسالة السماء وتوزعها وانتشارها من بلادنا، من الجزيرة العربية، ومن أرض فلسطين وقدسها.
رسالة الإيمان والعقيدة والاستقامة، رسالة المساواة والعدالة في رفض الظلم والعسف، وإرساء قيم المحبة والأخوة بين بني البشر، حتى ولو اختلفوا واجتهدوا وتنوعوا وصولاً لرسالة مقدسة واحدة.
قسوة الهجرة، شكلت الحافز لفتح مكة والعودة لها، كي تكون مصدر الإلهام، وعاصمة للرسالة، وكعبة للمؤمنين الصادقين، كانت ولا تزال وستبقى.
وشعب فلسطين على الطريق، نصفه يُعاني من الظلم والاستعمار والعنصرية والاستبداد، ونصفه الآخر مُهجّر، مُشرّد، في مخيمات اللجوء خارج وطنه، يتوق للعودة إلى بلده، يستعيد ممتلكاته، في اللد والرملة وحيفا وعكا ويافا وصفد وبئر السبع وبيسان، كما كانت العودة إلى مكة، لتكون ذكرى الهجرة، ورسالتها ومضمونها الكفاحي في انتصار الإنسان على الظلم والغُربة، واستعادة الذات وكرامتها، باستعادة الوطن حراً مستقلاً، لشعبه، كما يجب أن يكون.
رسالة الهجرة، ليست مجرد وقت، وإضافة سنين ومراكمتها، بل محطة تذكير أن ما جاء بعده من الانتصار والفتح والانتشار، لم يكن ليتم لولا صلابة الإنسان وتمسكه بما يرى أنه حق ويعمل لأجله، مهما تكالبت القوى المعادية، ومهما تفوق العدو.
كانت قوى ظلامية محلية، تمت هزيمتها، وكانت إمبراطوريات كبيرة قوية محيطة ومجاورة، تم دحرها، وقوى ذاتية متواضعة انطلقت من الجزيرة العربية، انتعشت وتكاثرت وتعاظم دورها وانتصرت، بالحق والتضحية ونكران الذات، وهذا هو الرهان على المقدسيين، وأبناء الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، كما هو الرهان على أبناء الضفة والقطاع، مدعومين من خارج فلسطين بالإسناد والتضامن والعطاء.
المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي مهما تفوق، وطال زمنه، حصيلته الانكفاء والتراجع والإندحار، لأنه قام على الظلم والضغينة، وطرد الآخر وتشريده من وطنه الذي لا وطن له غيره، وكما عاد أصحاب الهجرة إلى مكة سيعود شعب فلسطين إلى أولى القبلتين، إلى القدس، حاملين من المنافي والشتات ومخيمات اللجوء شموع العودة والفرح والانتصار، تلك كانت رسالة الهجرة، المتوجة بفتح مكة وعلو شأنها، لتكون رسالة الفلسطينيين على نفس الطريق، طريق العودة والفرح والانتصار نحو القدس أسوة بما جرى لمكة وأهلها ورسالتها.