بشير المومني يكتب : حيرة الحكومة وقرعة الشعب

{title}
نبأ الأردن -

كل شيء في هذه الحياة تقريبا يدور بين النفع والضرر فالقرارات والاجراءات الحكومية مثلا يمكن تفسيرها باتجاهين متناقضين تماما في الوقت ذاته ولا يوجد نشاط بشري في العالم كله يوصف بأنه إيجابي إلا وينشأ عنه سلبية في مكان آخر لذلك فإن الحياة بمجملها لا تعدو كونها مجموعة من القرارات الاجتهادية فما يظهر لك بأنه سلبي فإنه بالضرورة يخدم مصالح إيجابية لمجموعة من البشر وقديما قيل ( مصائب قوم عند قوم فوائد ) اما التفكير العلمي فهو الذي يتم بناؤه على مقدمات صحيحة لينتهي الى نتائج صحيحة لكنه في الحقيقة يبقى عبارة عن فرضيات لها نتائجها السلبية إيضا لذلك عندما يتم اتخاذ أي قرار بالشأن العام يتم وضع الايجابيات والسلبيات كل في كفة لتجري الموازنة ما بين الكفة الأرجح وليصار الى اتخاذ القرار المناسب وتقضي قواعد الحكمة بأن ( دفع المفسدة أولى من جلب المصلحة ) فلا يوجد نفع محض او ضرر محض لذلك من السهولة بمكان تأويل أي قرار او تفسير اي حدث حولك لصالح المواقف والاحكام المسبقة ..





أنماط اتخاذ القرار لدى الحكومات الأردنية تغيرت في العقد الأخير وباتت مبنية على التغذية الراجعة المستقاة من الرأي العام فلقد كانت بالسابق تسقط على الناس بالبراشوت أما اليوم فيتم قراءة الرأي العام واستلهام الافكار والقرارات من المحتوى الاجتماعي الاكثر فعالية بعد عمليات الرصد والتنبؤ والتحليل للاتجاهات السائدة في محاولة استرضاء قد تبدو في بعض الاحيان انها ( غير مناسبة ) لا سيما في ظل الانقسام المجتمعي حول قضية معينة واليوم فإن ما نواجهه بشأن فيروس كورورنا وطريقة التعامل الامثل مع الجائحة هي نموذج لابد ان تتم قراءته بعناية وتدريسه لدى جهات الاختصاص لنماذج أزمات متوسطة او طويلة المدى والاستفادة من الدروس السياسية والاقتصادية والامنية والاجتماعية وكيفية التعامل معها ولعل ذلك أيضا هو ما يفسر حيرة الحكومة في تقبيل قرعة الشعب الغاضب من الوضع القائم ..





مهما طبعت الحكومة على قرعة الشعب من قبلات فلن يكون هنالك رضى كامل او غضب كامل وحتى لو بالغت الحكومة في عمليات الاسترضاء لتصل الى مرحلة تقبيل أيادي الناس ( نفر نفر زنقة زنقة دار دار ) سنجد من يعترض لأن الحكومة لا تضع كمامة مثلا وسيقوم بتفسير عملية تقبيل ايادي الناس تحت بند المؤامرة او التمهيد ( لخازوق جديد ) فهذه هي تركيبتنا الذهنية لا سيما أن عملية التقبيل بحد ذاتها تدور بين النفع والضرر فلا الناس راضية عن الانفتاح الاقتصادي لتحريك عجلة لقمة الخبز للأقل حظا ولا هي راضية عن الإغلاق الشامل ولا هي راضية عن الموازنة بينهما ولكل حالة من الحالات اعلاه أنصار بالملايين لكن اقبح ما يحصل الآن أن يتم توظيف موضوع الوباء من قبل القوى المناوئة للاستقرار السياسي في حملة ممنهجة لمقاطعة الانتخابات التاريخية ..





التوظيف غير الاخلاقي لكورونا في سبيل تحقيق مآرب سياسية من قبل اشخاص وجهات كانت تعتبر الفايروس مجرد مؤامرة حكومية واليوم باتت تستعمله لترويع الجمهور بهدف مقاطعة الانتخابات وممارسة عمليات الاسقاط المبكر لمؤسسة دستورية وجهد اغلبية قررت ان المشاركة في الانتخابات هو استحقاق وعي بالمرحلة المعقدة التي يعيشها الاقليم للتصدي لمشاريع ستلحق الضرر بالاردن يمكننا ان نفسره بأنه مؤامرة على الوطن اذا انطلقنا من نفس الاسلوب والعقلية في التفكير ولربما نسخفه ونصفه باللاوعي لكننا نربأ بانفسنا عن هذه الانماط وبجميع الاحوال فدعوات المقاطعة لن تجد نفعا لأن الانتخابات شرعية بمن حضر أما ترويع المواطنين يجب ان يواجه بخطة مدروسة ليس اقلها الملاحقة القانونية من حيث التصدي لاطلاق الاشاعات والعبث والتأثير على ارادة الناخبين وتوحيد المرجع الاعلامي في التصريحات الحكومية وتقديم التطمينات الأمنية والصحية ليومي الاقتراع والفرز بإعلان الخطة الصحية والأمنية والدخول في أجواء العملية الانتخابية إعلاميا ونخبويا وبجميع الأحوال الدعوة الجماهيرية لافراز مجلس نواب قوي قادر على محاسبة ورقابة الحكومة وضرب قرعتها بهراوة الاسقاط وفق احكام الدستور عند اللزوم وشخصيا سأنتخب أكثر جهة مناكفة وشراسة في معارضة الحكومة ..





المحامي بشير المومني


تابعوا نبأ الأردن على