علا شربجي تكتب:جولات السفير الأمريكي ليست عملاً بروتوكوليًا .. فحسب
حين يغادر الدبلوماسي العاصمة ويتجه إلى الأطراف، فهو لا يبحث عن صور تذكارية، بل عن المزاج الشعبي، وتوازنات العشائر، ومستوى الاستقرار الاجتماعي في مناطق تُعدّ تاريخيًا صمّام أمان الدولة. الولايات المتحدة تدرك أن قوة الأردن لا تُقاس بالمركز فقط، بل بتماسك الأطراف، ولذلك تتحرك لتفهمها، تراقبها، وتبني معها قنوات تأثير ناعمة. في العمق، تحمل هذه الجولات أبعادًا أمنية واقتصادية ورسائل سياسية صامتة: الأردن ما زال محورًا لا يمكن تجاوزه، والداخل الأردني تحت المجهر في لحظة إقليمية يعاد فيها ترتيب النفوذ لا عبر الدبابات، بل عبر الحضور الذكي وجمع المعطيات وبناء الشبكات
الجولات لها أهدافها و منها :
قراءة المزاج الشعبي خارج العاصمة
على السفير أن يتحرك ميدانيًا إذ أن واشنطن لا تكتفي بالتقارير الرسمية لذلك على السفير الاطلاع على اتجاهات الرأي العام و مستوى الاحتقان أو الاستقرار و أهم ما في الأمر طبيعة العلاقة بين الدولة والمجتمع المحلي خصوصًا في مناطق تعتبر حسّاسة اجتماعيًا وتاريخيًا.
تلك الزيارات تعني الكثير عند أبناء الشعب الأردني ، و بهذا يعمل السفير على تثبيت النفوذ عبر "الدبلوماسية الشعبية”
فالولايات المتحدة تحرص على الظهور كطرف حاضر في الأطراف لا في المركز فقط
تحاول التقرب من العشائر والقيادات المحلية وهذا أسلوب ناعم لبناء قنوات تأثير طويلة الأمد، بعيدًا عن الحكومات فقط.
أما الأهم هو الحدود و البعد الأمني غير المعلن
الأردن دولة محورية أمنيًا محاطة بحزام دائم الاشتعال ، تلك الزيارات تعطي الفرصة للسفير أن يطلع على البيئة الاجتماعية في مناطق قريبة من الحدود
و النقطة الأهم فهم أي تحولات قد تُستثمر من جماعات متطرفة أو شبكات تهريب
و عليه يمكن تقييم قدرة الدولة على الضبط الاجتماعي في الأطراف .
الاطمئنان على المنح الأمريكية و المشاريع و التمويل
إذ تحقق هذه الزيارات فرصة تقييم أثر المساعدات و طرح أو الاطمئنان على مشاريع تنموية تمولها الوكالة الأمريكية كما يمكن أيضًا البحث عن فرص استثمار أو إعادة توجيه التمويل بما يخدم أولويات واشنطن
بعد كل هذا يجب أن تصل الرسالة إلى الدولة و الحكومة و الشعب : نحن نراقب، نهتم، ونفهم المجتمع
أما بالنسبة للمجتمع الدولي : الأردن ما زال حجر زاوية في الحسابات الأمريكية
إذا … الجولة ليست حبًا بالبادية ولا سياحة دبلوماسية. هي جمع معلومات، بناء نفوذ، وطمأنة أمنية بأسلوب هادئ، في لحظة إقليمية حساسة تشهد إعادة ترتيب للأوراق

























