أمل العلي تكتب : تعفّن الدماغ… مسؤولية تربوية لا يمكن تجاهلها
نبأ الأردن -
في محاضرة تربوية مهمة قدّمتها متخصصة الإرشاد الرقمي الأستاذة هبة حبش، تعرفت على مفهوم تعفّن الدماغ. والمفاجئ — بل الصادم لي— أن هذا المفهوم ليس مجازًا تربويًا، بل حقيقة علمية تشير إليها صور طبية متخصصة تُظهر نقاطًا سوداء في الدماغ تختلف في حجمها ووضوحها تبعًا لدرجة التلف الحاصل.
وهنا تتجه الأنظار مباشرة إلى دور الأهل والمربين.
فالطفل لا يختار بيئته الرقمية، بل تُصنع له!!. والدماغ الذي بين أيدينا اليوم هو أمانة سنُسأل عنها: كيف استُخدمت؟ وبماذا أُشبعت؟ وعلى ماذا تربّت؟
الدماغ نعمة عظيمة وهبنا الله إياها لأبنائنا، وهو كالعضلة؛ إن دُرّب على التفكير، والتحليل، والاستنتاج، والربط، والتخطيط، واتخاذ القرار … نما ونضج وارتفعت كفاءته.
أما حين تُعطّل هذه القدرات، ويُترك الطفل لساعات طويلة أمام الشاشات، فإن الدماغ لا يبقى محايدًا… بل يضعف ويتضرر!!
الخطر الحقيقي يكمن في الجرعات العالية والمجزّأة من الدوبامين التي يتلقاها الطفل عبر الألعاب الإلكترونية وحصوله على المكافآت الفورية، ومقاطع الريلز السريعة، وتطبيقات التواصل الاجتماعي، والتسوّق الإلكتروني القهري وادمان المواقع الاباحية عند بعض المراهقين. هذا النوع من التحفيز المفرط الذي يُعرف بالكوكايين البصري يرفع مستوى الإثارة إلى درجات تفوق ما يحتمله الدماغ النامي، فيُرهق الناقلات العصبية ويضعف أداءها، وقد يسبب تلفًا جزئيًا فيها مع الاستمرار.
ومع الوقت، قد يظهر هذا التلف في صور طبية متخصصة على شكل نقاط سوداء في الدماغ، تتفاوت شدتها تبعًا لمدة الاستخدام، وكثافته، ونوع المحتوى الذي تُرك الطفل يغرق فيه دون وعي أو رقابة!
رسالتي للأهل واضحة خصوصا بعد أن سألت عددا من طلبتي في آخر يوم في الفصل كيف يخططون لقضاء عطلتهم الشتوية ، وكانت الاجابة المتوقعة:خلف الشاشات!وقد بدؤوا بسرد أسماء الألعاب التي لا أعرِفُ معظمها ولكنني على يقين أن من صنعها لا يعنيه عقل طفلي وطفلك، فلا صوت يعلو على صوت المال في تجارة العصر!
التقنية ليست عدوًا، لكنها ليست مربية بديلة… وليست أما حنونا ولا بيتاً دافئاً! بات السقفُ يجمع جدران المنزل وما عاد يجمع قلوبَ ساكنيه! دقَّت نواقيسُ الخطرِ مجتمعة .. ولاتَ ساعةَ مندمِ!!
إما أن نوجّه التكنولوجيا لتكون أداة بناء لعقول أبنائنا ، أو نتركها تتحول إلى سبب خفيّ يستهلك أدمغتهم وقدراتهم دون ضجيج في منازل تبدو هادئة!
حماية عقول أبنائنا ليست رفاهية تربوية، بل واجب شرعي وأخلاقي وإنساني.
فلنحسن حفظ هذه الأمانة… ونستعدّ ليومٍ يقِفُنا فيه الله .. فإننا مسؤولون!
المستشارة الأسرية
أمل العلي

























