شرف أبو رمان يكتب : على مهلكم.. لسنا خصوماً
نبأ الأردن -
لا تنتهي مسابقة كروية أو مناسبة سياسية، إلا ونشهد انقضاضاً من صفحات مشبوهة، مصدرها العراق الشقيق، تهاجم الأردن شعباً وقيادةً ومواقفَ وأفراحاً؛ وتنتقص من قيمهم، وتشكك في كل ما هو أردني.
أي مبتدئ في السوشال ميديا يعلم أنها صفحات ممولة (10 دولارات على الأكثر)، وموجّهة للمهتمين في الأردن؛ بهدف استفزازهم، والاستفادة من مشاعرهم الوطنية، ودفعهم للتعليق، مما يساهم في زيادة نشر الصفحات والإساءات أردنياً؛ وبالتالي زيادة التفاعل ورفع وصول الإساءة.
*فلاش باك..*
وعينا، كأردنيين، مدركين أهمية دورنا الإقليمي، وميّزنا بين أهمية تطوير هويتنا الوطنية الأردنية الخاصة بنا، بما يدعم مواقفنا العروبية.
شاركنا في الاتحاد العربي مع العراق الشقيق في خمسينيات القرن الماضي، ووقفنا مع العراق علناً في حربهم ضد إيران، ووقفنا مع العراق ضد التيار العربي في حرب الخليج 1991 - ودفعنا فاتورة كبيرة لذلك الموقف - ، ووقفنا مع الشعب العراقي حتى سقوط بغداد عام 2003، واستقبلنا اللاجئين العراقيين، وقدمنا لهم التسهيلات المعيشية كاملة، أسوةً بما قدمناه لغيرهم سابقاً ولاحقاً؛ وليس لأي هدف اقتصادي كما نتهم دوماً، بل حرصاً على استمرار دور الدولة الأردنية العروبي في أن تكون ملجأً للجميع.
أما على الصعيد الشعبي؛ فقد درس العشرات من الآلاف من الأردنيين في الجامعات العراقية عبر عقود (مجاناً)، جلّهم يتغنون بتلك الفترة وينقلونها لأبنائهم وأحفادهم.
بالمقابل؛ ومن بعد عام 2003، درس مئات الآلاف في المدارس والجامعات الأردنية، ولهم الحق في الحديث إن تم التعامل معهم بغير الأخوة؛ وشخصياً درّست المئات منهم، وكنا نتعامل كأسرة واحدة.
وبالمقابل؛ ينظر الأردنيون إلى العراقيين بصفتهم أهل النضال العربي، والمضحّين في سبيل المواقف العربية، والمتحمّلين على أنفسهم في سبيل العرب، بالإضافة إلى دعمهم الأردن اقتصادياً في فترات تخلى عنه فيها الجميع.
أما على الصعيد الرياضي – قيد الفتنة – فأنا شخصياً من الجيل الذي رفع علم العراق في المحافل الرياضية، وكنا نفرح لإبداعات المرحوم أحمد راضي، وحبيب جعفر، وليث حسين.
وأذكر عندما أحرز العراق كأس آسيا كيف ضجّت عمّان بالاحتفالات، أردنيين وعراقيين معاً – وكنت منهم في منطقة الرابية – في مواكب عزّ؛ رقصنا واحتضنّا بعضنا، كأن الكأس آتٍ إلى عمّان.
لا يوجد أردني ليس له صديق عراقي، ولا ذكريات محببة مع عراقيين، إما دراسياً أو وظيفياً أو اجتماعياً.
* مالذي يحدث اليوم.. ؟ *
ما يحدث اليوم من إسقاطات سياسية من تيارات عراقية، بينها – لا يجد الأردنيون أصلاً أنهم خصوم لها – قد دخل منحنى خطيراً، بتبنّي بعض شخوص الإعلام المهني والرسمي، وليس فقط صفحات الفتنة عبر التواصل الاجتماعي، لإثارة سوء العلاقة مع الشعب الأردني؛ وصلت إلى تحميلنا أقذر الصفات، والتشكيك الدائم بنا. ومع ذلك، كان النضوج سمة الأردنيين، وذلك لتمكّنهم أولاً من التعامل وفهم دور وسائل التواصل الاجتماعي، وثانياً لوجود القوانين الأردنية الضابطة والناظمة لهذا الشأن. وبالمقابل، فإننا نشهد عقلانية من قبل معظم أهلنا في العراق، ومنهم الإعلام العراقي في غالبيته، والذي شهدنا تصفيقه للنشامى، وسعيه لمنع المتهورين من امتطاء المنصات في كثير من الحالات.
الأردنيون اليوم ينظرون بعين الأمل إلى أن يتمكّن المنتخب العراقي الشقيق، دوماً وأبداً، من تمثيل المشاركة العربية في المونديال القادم؛ وذلك على الصعيد الرياضي، كما يأملون أن تتقدم العراق سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، لما في ذلك خير للبلدين الشقيقين.
ونأمل أن نعمل معاً على كتم أصوات *(الجهال)* من الطرفين، فنحن أهل ولسنا خصوماً.
























