ميسر السردية تكتب عن رحيل "أبو خالد" : .. وكان الريحان يحب النعناع والزعتر..
عندما ينبش المختص بالتاريخ وعلم الإجتماع ماضي الشعوب ينصرف فورا إلى دراسة وتحليل الآداب والفنون وما يُنتج في هذا المضمار ,لتحديد مدى تقدم ذاك الشعب أو تأخره في كل أوجه الحياة حتى السياسية والاقتصادية منها , إذ تشكل الحركة الثقافية الشعبية الوجه الحقيقي لحالة الناس العامة بعيدا عن صياغات الأقلام الرسمية.
في فترات ماضية ليست ببعيدة ,شهدت الساحة الأردنية لحظة نهضة فنية عامة ,شملت مختلف الشرائح حتى المدارس الحكومية عبر ما يعرف بالأنشطة اللامنهجية, فكانت الأنشطة الثقافية وما تحويها من تدريبنا على التمثيل والغناء والمسابقات الشعرية والمشاركة في كافة الاحتفالات الوطنية والدينية والموسمية, لا نفوت مناسبة حتى عيد الشجرة وعيد الأم.
قبل التردي الذي شهده الأردن في العقدين الأخيرين -على كافة المستويات- تميزت الساحة الوطنية بظاهرة الفرق الشعبية من الشمال إلى الجنوب, على سبيل المثال أشتهر منها آذاك, فرقة عالية وفرقة الرمثا وفرقة معان وفرقة دير علا وغيرهن , كن يشاركن داخل وخارج الأردن , كسفراء للوجه الحضاري للشعب الأردني عبر تقديم تراثنا بأجمل وأبهى صوره .
كل هذه الفرق والحركة النشطة توارت في زاوية الجمود والشلل الذي تعرضت له كل مفاصل الوطن .
اليوم تعج صفحات السوشيال ميديا بنعي مؤسس فرقة معان للفنون الشعبية , التي طالما أسعدتنا في صناعة الفرح, كان يُعجب به الناس ,لقدرته و لطافته أثناء قيادة الدبكة , بتلك الأزياء الجميلة والسحجات والأغنيات الموغلة بلون الجنوب الوردي" أول القول ذكر الله والشياطين نخزيها" ويا صلاة محمد ويا جيرة علي" ومسيرة طويلة من العطاء ,ظلت خالدة في ذاكرة الجيل الذي يغفو الآن على صفيح الخوف والترقب.
إلى رحمة الله وجناته يا أبا خالد وجزاك الله عنا وعن وطنك خير الجزاء.