د.وليد العريض يكتب: الغابة التي لا يُستجاب فيها الدعاء(4) الضبع الذي وقع للوحش

نبأ الأردن -
لم يكن الضبع مثل باقي سكان الغابة.
لم يكن شريرًا، لكنه لم يكن طيبًا أيضًا.
كان يتقافز بين جثث النزاعات، يقتات من فُتات الصفقات، يتشمم روائح الدم ويتظاهر بالحكمة.
شعره مبعثر كأكاذيبه وعيناه تبرقان كلما لاح في الأفق ضعف أو خصام.
عرفه الجميع بـالمحلّل
يُفسّر جرائم الوحش على أنها إجراءات ضرورية لحماية الغابة
ويبرّر صمت الأسد المنبوذ على أنه حياد استراتيجي
ويحذّر من الغزلان لأنها -بحسب تعبيره- تحلم أكثر من اللازم.
في صبيحة حزينة تسلّل الضبع إلى وكر الوحش الكبير.
كان يحمل في فمه لفافة ملفوفة بورق الجبن يقول إنها مبادرة سلام جديدة.
ضحك الوحش ضحكته الثقيلة التي تهزّ الأشجار وتُسقط العصافير من أعشاشها
ثم قال:
ـــ تعال يا محلّل الغابة سنُقيم مأدبة تكريمية لك.
دخل الضبع ولم يخرج.
في اليوم التالي وجدت السناجب أمام باب الوكر بقايا الملف وقد تلطّخ بورق الجبن والدّم.
رفعت البومة العتيقة رأسها وقالت بحزن ساخر:
ـــ هذا ما يحدث للضبع حين يظن أن الوحش يقرأ التحليلات.
أما الغابة فلم تبكِ الضبع.
لكنها سجّلت غيابه تحت بند "خسارة طبيعية"
وبقي الدعاء، كما هو دائمًا، يتصاعد في الهواء ولا يُستجاب.