د. وليد العريض يكتب: الغابة التي لا يُستجاب فيها الدعاء(2) مأدبة الخراف الكبرى

{title}
نبأ الأردن -
لم يكن صباحًا عاديًا في الغابة.
لم تغرّد العصافير ولم يهتزّ الغصن ولم تتثاءب الشمس من خلف الضباب.
كانت الأرض تتهيّأ لمسرحية قد كُتب نصّها بالدم وأُخرجت على خشبة الخنوع.
في ساحة الحطب اليابس نُصبت المائدة الطويلة.
وُضعت عليها أقنعة من حرير وأكواب من رماد وخناجر مغسولة بالنشيد.
اجتمعت الخراف.
ليس لأنّها جاعت بل لأنّ الكبش الأكبر دعاها باسم الوطن.
وقف الكبش الأبيض بقرنيه الملمّعين بالخضوع يخطب في القطيع:
ايّها الأحبّة، إن الدم حين يُسفك طاعة، يصبح طهارة!
السكينُ ليست خصمًا، بل أداة عبور إلى فردوسِ التضحية.

صفّقت الخراف بأظلاف مرتعشة بينما وقفت الثعالب تصفق ببطونٍ ممتلئة.
ضحكت الضباع من بعيد ودوّنت ما قيل في دفتر "الطاعة المقدّسة".

صعد الديك المُزركش الذي كان يُدعى الناطق باسم الحقيقة وقال بصوت رخيم:
لن نأكل اليوم، بل سنُؤكل.
وهذا فخر. ستُطهى أحلامنا على نارٍ هادئة ويأكلنا التاريخُ بشهيةٍ وطنية.
صفق الحضور. حتى الشاة العرجاء التي فقدت ولدها في ولائم سابقة صفّقت بيدٍ مكسورة وقلبٍ مطحون.

في زاوية الساحة كانت البومة الرمادية تراقب كل شيء.
همست لنفسها:
هذه ليست مأدبة.
هذه نشرةُ نعيٍ جماعية تُبَثّ بموسيقى وطنية!

أما العصفور الصغير الذي لم يكن يفقه لغة التهليل فقد سأل أمه هامسًا:
لماذا يبكون ويضحكون معًا؟"
فأجابته:
لأنهم لا يعرفون هل هم أحياء أم مؤجلون.

وفي لحظة الغروب عُلّقت صور الضحايا الشجعان كأنها أوسمة.
وكُتب تحتها:
> هكذا نحبّ بلادنا: مذبوحين بلا شكوى.

لكن في ظلال الأغصان الجافة ووسط صمتٍ كثيف رُفع دعاء صغير…
لم يصعد.
بل وقع على الأرض كحجر ثقيل.
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير