د. عبدالمهدي القطامين يكتب: الفوسفات الأردنية… حين يُصبح أمن المعلومات قرارا استراتيجيا

نبأ الأردن -
في زمن تتسارع فيه التهديدات الرقمية وتتعاظم فيه قيمة البيانات كمورد استراتيجي، لم تكتفِ شركة مناجم الفوسفات الأردنية بإنتاج أحد أهم روافد الاقتصاد الوطني، بل مضت لتؤمّن البنية الرقمية التي تحمل وتحمي هذا الإنتاج وتُسيّره.
فقد أعلنت الشركة، في خطوة نوعية، عن حصول دائرة تكنولوجيا المعلومات فيها على شهادة ISO/IEC 27001:2022، المعيار الدولي الأرفع لإدارة أمن المعلومات.
لطالما كانت الفوسفات مرادفًا للثروة الأرضية، لكنّ هذا الإنجاز يعلن دخول الشركة إلى ثروة جديدة ثروة المعلومة المؤمّنة حيث لم تعد المعارك تدار في أسواق التصدير فقط، بل أيضًا في غرف التحكم الرقمي، في مراكز البيانات، وعلى خطوط الدفاع السيبراني. ومن هنا، جاءت شهادة الأيزو لتؤكد أن الفوسفات الأردنية تُدرك أن أمن المعلومات لم يعد ترفًا بل ضرورة وجودية في عالم سريع التحول والتغير .
من المؤكد ان الحصول على شهادة ISO/IEC 27001 لا يعني فقط وجود نظام لحماية البيانات، بل يؤشر إلى جملة من المعاني اهمها
أن لدى الشركة حوكمة رقمية رشيدة، تعتمد على السياسات والإجراءات وليس على الاجتهاد الفردي وان إدارة الفوسفات باتت تنظر إلى أمن المعلومات كجزء لا يتجزأ من استراتيجيتها العامة، تمامًا كما هو حال السلامة الصناعية أو المالية وهذا يعني رفع قدرة على تعامل الشركة مع شركاء عالميين يشترطون مستويات عليا من الامتثال والتأمين الرقمي.
لم يكن الإنجاز شكليًا، بل جاء بعد مسار دقيق شمل مراجعة شاملة لكل ما يتصل بالبنية التقنية، وتقييم المخاطر، وتدريب الكوادر، ووضع آليات استجابة فعالة تؤدي بالنتيجة الى تعزيز قدرتها على حماية بياناتها الحساسة من الاختراق أو التسريب وزادت قدرتها على الاستجابة لحوادث الأمن السيبراني بطريقة منظمة وسريعة اضافة الى تعميق ثقافة الوعي المعلوماتي بين الموظفين، فلم تعد كلمة المرور مجرد رقم، بل مسؤولية تشغيلية
وحين تعلن شركة وطنية عملاقة كالفوسفات عن تبنيها لمعيار دولي صارم في أمن المعلومات، فإنها تمنح مثالًا وانموذجا لبقية مؤسسات وشركات الدولة فليس من المعقول أن يتطور الاقتصاد بينما تبقى البنى الرقمية مكشوفة، وليس من المنطقي أن نطالب بثقة المستثمرين في وقت لا نحمي فيه نظمنا.