د. محمد جرار آل خطاب يكتب:العدالة والشفافية والمساواة... حقيقة أم وهم وأضغاث أحلام؟

نبأ الأردن -
في وطنٍ يرفع شعارات العدالة والمساواة والشفافية، تتكرر ممارسات تطرح علامات استفهام كبرى حول مدى صدق هذه المبادئ على أرض الواقع، فكيف يمكن الحديث عن الشفافية وتكافؤ الفرص، في ظل التعيينات الأخيرة لمجالس المحافظات ولجان البلديات، حيث تكررت الأسماء ذاتها دون تغيير، دون إتاحة الفرصة للآخرين لممارسة حقهم الطبيعي في تمثيل مجتمعاتهم؟
الأمر لم يقف عند هذا الحد، بل تفجرت مؤخرًا فضيحة تعيين شخص متوفى منذ سنوات ضمن اللجنة المؤقتة لاحدى البلديات، والأسوأ من ذلك، تكرار اسم آخر في أكثر من لجنة، إحداها في محافظة ، والأخرى في محافظة ثانية ، وكأن الكفاءات قد نضبت، أو أن الوطن بات عاجزًا عن إنجاب من يستحقون التمثيل الحقيقي.
هذه الممارسات ليست "أخطاءً إدارية عابرة" كما يُراد التهوين منها، بل هي دليل صارخ على خلل بنيوي في منظومة اتخاذ القرار، وغياب لمعايير المساءلة والتدقيق، وضرب واضح لمبادئ العدالة وتكافؤ الفرص التي يُفترض أن تكون مرتكزات العمل العام.
في كل مناسبة يتكرر السؤال الشعبي البسيط والمشروع: كيف تمر هذه الأسماء دون تدقيق؟ من يُعيد تدويرها؟ ومن المستفيد من إبقاء الأبواب موصدة أمام طاقات شابة ومؤهلة؟
الأدهى من ذلك أن هذه "الأخطاء" تتكرر في كل مناسبة؛ سواء في تمثيل المجتمع بلقاءات مع جلالة الملك، أو في تعيينات رسمية في مجالس الخدمات أو اللجان الحكومية، حيث تُختار الأسماء دون معايير معلنة أو شفافة، ودون أي إشراك حقيقي للمجتمع المحلي.
كل هذا يثير تساؤلات حول مدى جدية الدولة في التزامها بمبادئ الكفاءة والاستحقاق، هل التعيينات تستند إلى خبرة وكفاءة وتمثيل حقيقي؟ أم أن الأسماء تُدرج فقط كأرقام على الورق، لا تتجاوز الحبر ولا تعبّر عن الواقع؟
ما يحدث اليوم لا يضعف فقط الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، بل يهدم أساس العلاقة القائمة على الشراكة والانتماء. ويجعلنا نتساءل بمرارة: هل تُدار المنظومة بروح العدالة أم بعقلية المحسوبية والروتين؟
ما جرى ليس مجرد زلة، بل صفعة مؤلمة لثلاثية طالما تغنت بها السياسات العامة: العدالة، الشفافية، والمساواة. وإن لم يُحاسب المسؤول، فإن هذه الممارسات ستبقى وصمة في جبين من يدّعي الإصلاح والحوكمة الرشيدة.
العدالة لا تتحقق بتكرارها في الخطب، والشفافية ليست بيانًا صحفيًا، والمساواة لا تُجزّأ. فإما أن تكون المبادئ مطبقة على الجميع دون استثناء، أو تبقى مجرد شعارات مفرغة تستخف بعقول الناس، وتعمّق شعورهم بالتهميش والغضب.