جهاد البطاينه يكتب: قانون لا يردع وأرواح تزهق… إلى متى؟

{title}
نبأ الأردن -
في ظل التحديات الأمنية والاجتماعية المتسارعة يواجه الأردنيون واقعًا يزداد قسوة في الأحياء الشعبية والأسواق حيث باتت تنتشر المخدرات وتعود ظاهرة الإتاوات بطرق وأساليب جديدة تفرض نفسها على تفاصيل الحياة اليومية للمواطن البسيط.

برغم الجهود الكبيرة والمقدّرة التي تبذلها الدولة ممثلة بجهاز الأمن العام ووزارة الداخلية في ملاحقة تجار المخدرات والخارجين على القانون والتي نشهد ثمارها في عمليات نوعية متواصلة ومداهمات حاسمة إلا أن هذه الجهود تصطدم أحيانًا بواقع تشريعي لم يعد مواكبًا لحجم التحدي وللجريمة.

نشامى الأمن يضحون بأنفسهم ويقفون في الخطوط الأمامية دفاعًا عن المجتمع لكنهم يجدون أنفسهم في معركة غير متكافئة الأطراف عندما يعود ذات المطلوبين إلى الشارع بعد فترة وجيزة من توقيفهم بسبب ثغرات قانونية أو عقوبات غير رادعة، لا تتناسب مع حجم الجرائم التي تُرتكب.

اليوم فقدنا الشاب عبادة عمر في منطقة البيادر غدرًا على يد أحد أصحاب الأسبقيات وكما يُقال فإن الخلاف كان على الإتاوات ،لا يهم ما كان سبب الخلاف بل الأهم هو كيف تجرأ القاتل على أن يمشي في الشارع ويحمل سلاحًا أبيضًا ويطعن في وضح النهار أمام الناس دون رادع أو خوف؟

فقدنا الشاب عبادة قتلاً لكن كثيرين فقدناهم بسبب المخدرات وبسبب رعونة أصحاب السوابق وتجرّؤهم على المواطنين واستقوائهم بالعنف على من يرفض الرضوخ الأخطر من ذلك أنهم باتوا يتقنون استغلال القانون ويستخدمون ما يُعرف بـ”شكوى بشكوى” ليُعامل الضحية كمجرم ويتم توقيفه دون تحقق كافٍ أو توسّع في التحقيق، فتضيع العدالة مرتين ويُرهب الناس ويُجبرون على السكوت.

من المهم الإشارة إلى أن الإتاوات كانت قد شهدت تراجعًا واضحًا في بعض المناطق نتيجة القبض على عدد كبير من أصحاب الأسبقيات وتراجع استعراض القوة والتهديد لكن هذا التراجع يظل مؤقتًا إذا لم يُدعم بخطوات أكثر جذرية وأدوات ردع قانونية فعالة تمنع هؤلاء من العودة لممارساتهم بمجرد الإفراج عنهم.

اليوم من غير المقبول أن تعيش آلاف العائلات تحت وطأة الخوف بسبب فئة قليلة تمتهن ترويج المخدرات وفرض الإتاوات بينما القوانين الحالية لا توفر الردع الكافي لهم. ولم يعد مقبولًا أن تتكرر جهود الدولة مع الأشخاص أنفسهم لأن النص القانوني لم يكن حاسمًا أو صارمًا بما فيه الكفاية.

أصبح من الضروري والواجب الوطني أن تتم مراجعة التشريعات ذات الصلة وتغليظ العقوبات بحق من يهدد أمن المجتمع وسلامة أفراده فالجريمة تغيّرت وتطورت أدواتها وأصبح لزامًا أن يتطور القانون معها لا أن يبقى متأخرًا عنها بخطوة أو أكثر.

المعركة مع المخدرات والإتاوات لم تعد أمنية فقط بل هي قانونية واجتماعية أيضًا والمطلوب اليوم أن تتكاتف جميع السلطات التشريعية والتنفيذية لسنّ قوانين تردع وتحمي وتحفظ هيبة الدولة وتصون حق المواطن في أن يعيش آمنًا في وطنه.

ما يريده الأردنيون اليوم واضح وصريح  قانون يحميهم وتغليظ للعقوبات بحق هذه الشرذمة الخارجة عن القانون إعادة الحملات الأمنية بقوة وانتظام ترسيخ مفاهيم القانون والهيبة في الأحياء الشعبية والمكتظة وتفعيل دور الحكام الإداريين في قيادة هذه الحملات ميدانيًا.

فمن الضروري أيضًا إطلاق منصات شكاوى سرية وآمنة يتم التعامل معها فورًا دون معرفة هوية المبلّغ لضمان الأمان وتسهيل التبليغ عن كل مجرم ومطلوب.

اليوم نحن بحاجة لترسيخ قناعة راسخة لدى كل مواطن بأن الدولة قادرة على حماية أبنائها تحت أي سماء وفوق أي أرض وأن هيبة القانون فوق الجميع ولا أحد أكبر من الدولة.

العدالة ليست فقط في توقيف الجاني بل في منعه من تكرار الجريمة وفي طمأنة المجتمع أن لا أحد فوق القانون.

لم يعد تعديل التشريعات وتغليظ العقوبات خيارًا أو ترفًا بل ضرورة وطنية احترامًا لتضحيات الأجهزة الأمنية وإنصافًا لملايين المواطنين الذين يريدون فقط أن يعيشوا بأمان.
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير