د. وليد العريض يكتب: الغابة التي لا يُستجاب فيها الدعاء..حين تنفجر الغابة من الداخل

{title}
نبأ الأردن -
لم تأتِ النيران من السماء، ولا من هجوم خارجي كما اعتادت الغابة أن تتّهم الريح أو الجوارح. هذه المرة كانت النار تُشعلها سيقان الأشجار ذاتها، تنمو بها من الجذور وتشقّ لحاءها حتى تتفجّر.
كانت الغابة كلها تهتزّ، لا بفعل زلزال، بل لأنّ كلّ كائن بدأ يشكّ في الكائن الآخر.
في البدء انفجرت الشجرة الأم، التي كانت تُلقّن الأغصان معنى الصبر والانتظار. قالوا إنّ جُذورها اختنقت بما سُقيت به من كذب وإنّ أغصانها قد ملتِ التنازلات لثعالب المجالس.
ثمّ تبعتها أشجار الزيتون التي سئمت أن تكون رمزا للسلام بين وحوش لا تعرف السلام.

الضبع الذي اعتاد أن يضحك في المجالس صمتَ، لكنّ لعابه سال أكثر من اللازم.
الذئب الذي لبس جلد الراعي تمزّق قناعه وبدأ يعوي علنًا.
أما الأرنب الخائف الذي قضى عمره يهرول خلف قشرة جزرة فقد صعد على جذع شجرة محترقة وصرخ:
كفى لن نأكل الخوف بعد اليوم!

الأسد الذي نُفي منذ فصول طويلة إلى كهف العار، سمع صدى الانفجار وظنّ أن أحدًا عاد ليطلب حكمته. لكنّ الغابة لم تكن تطلب مَلِكًا جديدًا، بل كانت تلفظ كلّ من ظنّ نفسه مَلِكًا.

في المستنقع كانت الضفادع تُقيم قدّاسًا للغابة الجديدة وتردّد ترانيم النشاز القديمة غير عابئة بأنّ الانفجار قد غمر أعشاشها بالوحل.
في أعلى الشجرة الوحيدة التي لم تحترق وقف طائرٌ مجهول. لا هو عصفور ولا هو صقر. لا أحد يعرف متى جاء ولا لماذا لم يصفر مثل البقية. قال هامسًا:
حين تنفجر الغابة من الداخل لن يُجدي فرار ولن تنفع صلاة لم تصعد في حينها.
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير