سامية المراشدة تكتب:كنترول الباص

هذه المهنة ستذهب مع الزمن، كان فيه كنترول الباص  مهمته يسألنا ونحن في الشارع "طالع طالع"، الذي يرانا عبارة باريزة، هو الذي لا مكان له في الجلوس بالباص ،بل الوقوف الدائم  فقط عند الباب، الذي يرانا عن بعد ليصفر لنا ويأشر بيده ، "الذي يقول للسائق: "في باص ورانا، اسبقه"،  الذي يقول "مين بده باقي". الكنترول الذي يقول "سكروا برادي الباص خوفاً من أن يرى شرطي السير زيادة عدد الركاب"، هو الذي يذكر شوفير الباص بنزول الركاب ليقول "نزل" ليقف ،هذا الكنترول الذي يسيطر على الركاب ليقول"اطفي السيجارة"، هو الذي يقف خلف الشوفير ليقول "هاتلك فراطة خمس ليرات، أنصاص وأرباع". هو الذي سيقف مدافعاً مع الشوفير في أي مواجهة مع أي أحد في الطريق  ،هو الذي يرتب الجالسين ،"بالله لو سمحت قوم نقعد الصبية محلك " أو الختيار "،هو الذي يقف بالمجمع السفريات ينادي "اربد الزرقا عجلون ..

      هذا الكنترول الذي كان يحلم بأن يصبح شوفير في يوم من الأيام ، هي المهنة التي علمته الحساب " عد القروش "   هي التي لا تتطلب شهادة متخصصة ،. على ماذا تم إلغاؤها؟ قبل سنوات كان معظم الشباب الصغار يبحثون عن عمل  كنترول باص في عطلات المدرسية وهذا أمر لا يخجل ،على ماذا تم الغائها هل هي  عبء وظيفي على الدولة ؟  هي التي لا يتحمل أحد مسؤوليتها إلا مسافات طريق "رايح جاي "  ، ولا تأخذ حيزاً في مواقع العمل الأخرى، يعملون بشكل يومي بدخل بضع الدنانير ، " من قلة الشغل "ستذهب هذه المهنة مع باقي ذكرياتنا، بالرغم  أن حافلاتنا لا تنعم بالتطور التكنولوجي ولا بقدرة الدفع ببطاقات إلكترونية ،ولا يوجد لدينا بديل قاطرات سريعة ، هل هذا هو نموذج التطور الذي سيبدأ من حافلة الباص العادية؟، وأنها مهنة تشوه معالم الدول الحضارية، وأن ما بعد كنترول الباص ماذا سيتلاشى من مهن أخرى؟ بياع الغاز ، موزع مياه مفلترة ، أو حتى مهنة الجابي ،او بياع المتجول .

وعلى ذاكرة الزمن، سجلوا كانت  هناك مهنة كنترول باص  ، كما ذهبت موديل سيارة التكسي القديمة، واستبدلت بسيارات التطبيقات الحديثة، مثل تطور سيارة البنزين واستخدام سيارات الكهرباء،مثل باقي التغييرات التي ستحصل في المستقبل، لكن يبقى شيء واحد لم يتغير، وهي الطرقات وأزمات السير وكثرة الدواوير ، كل هذا لم يدرس جيدًا كما درس بعناية إلغاء مهنة كنترول الباص.. سامية المراشدة