ميسر السردية تكتب: الفزّاعة في مهبّ الريح

{title}
نبأ الأردن -
ما يجري هذا الأسبوع في أوروبا ليس مجرد رد فعل سياسي عابر، بل علامة فارقة في التحوّل العالمي تجاه واحدة من أكثر الأدوات قمعًا للعدالة والوعي: قانون معاداة السامية، الذي طالما استُخدم لتكميم الأفواه، وتحويل الاحتلال إلى ضحية، والضحية إلى جلاد.

مواقف حكومية وبرلمانية متتابعة، واعتصامات شبابية وطلابية في كبرى الجامعات، واستدعاءات رسمية لـ"سفراء نتنياهو" بعد استهداف دبلوماسيين أوروبيين في مخيم جنين، تُشكل معًا لوحة متكاملة لما يمكن وصفه بلحظة الانكشاف الرمزية لهذا القانون.

ولأول مرة، يتم استدعاء سفراء تل أبيب بهذه الصورة شبه الجماعية، من أكثر من دولة غربية في آن واحد، في مشهد غير مسبوق يعكس تغيرًا في طبيعة وشكل العلاقة ومستقبلها ما بين "اللقيط والمتبني".

لأول مرة منذ عقود، يُفتح الباب أمام نقد تصرفات "الكيان" دون أن يوصف ذلك بأنه تحريض على كراهية اليهود أو انتهاك لمقدسات التاريخ. الشعوب سبقت حكوماتها، والوعي تجاوز خطاب الحالة المعادة، فحتى لغة البيانات الدبلوماسية باتت أكثر صراحة في تسمية المعتدي والمعتدى عليه.

ما يحدث اليوم ليس ضربة لحل "العقدة الغوردية" التي خلقها الاستعمار في بلادنا، لكنه إعلان صريح أن سيف الصمت لم يعد قادرًا على الملاحقة والوصاية، وأن قانون معاداة السامية لن يظل فزّاعة تلوّح في وجه كل من ينتقد الاحتلال. وها هم رسميّو أوروبا، التي بدأت اليوم بمراجعة لتحيّزها غير العادل، ينطلقون من عقالهم الذي كبّلهم لعشرات العقود.

العالم يتغير، والقداسة المصطنعة تنهار.
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير