د.حسن براري يكتب : الحقيقة الضائعة بين الإعلام الباكستاني والهندي .. تناقض السرديات وتجنب الكارثة

{title}
نبأ الأردن -
بعيدا عن خبراء السوشيال ميديا في شؤون الحرب، قررت أن أخصص يومين فقط لمتابعة حثيثة للصحف الباكستانية والهندية الناطقة باللغة الانجليزية حتى أكون صورة أوضح عما يجري. فالحرب بين الطرفين أيضا إعلامية من الطراز الفريد.
في هذه المواجهة الأعلامية، انقسم الإعلام الرسمي في البلدين حول المواجهة الأخيرة التي كادت أن تشعل فتيل حرب إقليمية مدمرة. قدمت ياكستان رواية مثيرة تقول فيها أنها أسقطت طائرات فرنسية وروسية متطورة، بما في ذلك تدمير منظومة الدفاع الجوي الروسية الشهيرة "إس-400"، والتي تعتبر فخر الصناعات العسكرية الروسية. في المقابل، انكبت الهند على دحض هذه الادعاءات، مصرّة على أنها نجحت في إسقاط 400 طائرة مسيّرة باكستانية، مما يعكس صورة مغايرة تماماً عن طبيعة المواجهة.

هذا التناقض الإعلامي لم يكن مستغرباً، لكنه زاد من تعقيد فهم الحقيقة في ظل تراجع المهنية لصالح السرديات الوطنية. لعل أبرز الأمثلة على ذلك، تغطية الإعلامية الهندية الشهيرة بالكي شارما، التي لطالما عُرفت بتحليلاتها الرصينة، لكنها هذه المرة قدّمت سردية أقرب إلى خطاب تعبوي يخدم المصالح الهندية. الأمر ذاته يمكن رصده في تغطية الإعلام الباكستاني، حيث هيمنت النزعة الوطنية على المحتوى، مما دفع المتابعين من الجانبين إلى التحول إلى "خبراء حرب إلكترونية" على منصات التواصل الاجتماعي.

ورغم كل هذا الصخب الإعلامي، فإن قرار الطرفين بوقف إطلاق النار جاء بمثابة خطوة حكيمة حالت دون انزلاق المنطقة إلى هاوية الحرب الشاملة. فالتاريخ يذكرنا بأن مواجهة بين دولتين نوويتين قد تكون كارثية، تُفضي إلى القضاء على ملايين الأرواح وخلق شتاء نووي يهدد الأمن الغذائي العالمي.

إن الاختلاف الحاد في السرديات بين الإعلام الباكستاني والهندي يعكس تحدياً أكبر يواجه الصحافة في أوقات الأزمات: تحقيق التوازن بين الوطنية والمهنية، وبين تعزيز المصلحة العامة واحترام الحقيقة. في النهاية، الحقيقة ليست دائماً ما تُقال، لكن الأمل يبقى في أن يكون الوعي الإنساني أقوى من ضجيج الحرب.
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير