عبدالهادي راجي المجالي يكتب : في الهوية

نبأ الأردن -
الكتابة أحيانا أشبه بالوقوف على حد السكين ، فإن كتبت عن الحكومات تصبح رهين مصطلحات أنتجها إعلام الإخوان في الأردن وهي : كتائب التدخل السريع ، سحيج ، متكسب ..الخ , وإن مارست دور الناقد للحكومات تصبح أيضا رهين أوصاف أنتجتها مسيرات الإخوان في الأردن وهي : الأحرار ، الحراك الأردني الحر ..الخ .
أنا أعرف بحسب التصنيف (الإخواني) ، أني بعد هذا المقال سأكون ..من أتباع الصف الأول ، وسأحوز على المرتبة الأولى فيهم وهي : السحيج .
أكثر الرؤوساء تحدثا عن الهوية الأردنية بشكل مقنع هو : جعفر حسان ..وأكثر رئيس سمعته أشار إلى التباس الهوية عند بعض الحركات السياسية وحتى الكتاب هو جعفر حسان ، وقد بدأ مشروعه بذلك حين أصدر قرار العلم ، وألزم الأبنية الجديدة بوضع سارية على البناء .
قصة الهوية لا تأتي بالقرار فقط ، بل باستقطاب من كتبوا عنها ودافعوا عنها والاستماع لوجهات نظرهم ، وسؤالهم حول تشكلها ، وقوتها ومدى حضورها في المشهد .
في مسألة الخلايا الإخوانية ، نحن لا نواجه خطرا إرهابيا فقط ، بل نواجه أزمة هوية ، لو أن الذي صنع الصواريخ كان الحس والشعور الوطني لديه في أعلى الدرجات لما أقترف هذه الجريمة ، لكنه خضع لبرمجة عقل (إخوانية) ، وهي برمجة لا تؤمن بالحدود ، لايوجد هوية في تلقينها للأعضاء ، لايوجد فيها مفهوما محددا لفكرة الدولة ..بل توجد فكرة الأمصار الإسلامية ، وهي برمجة سيطرت عليها التفاسير (القطبية) المرتبطة بتكفير المجتمعات ، وبالتالي خضوع الفرد ورضوخه لمبدأ الدولة الكافرة....
المصريون فهموا اللعبة جيدا ، لقد سقط الإخوان في مصر لأنهم اشتبكوا مع وجدان الشعب المصري ، لقد أرادوا محاكمة عادل إمام ، وأرادوا إغلاق دار الأوبرا المصرية ، واعتبروا السينما من المحرمات ... سقطوا لأنهم أرادوا أحداث تغيير جذري في الهوية المصرية ، وتحويلها من هوية تنويرية شرسة مقاتلة وتستطيع تصدير نفسها ، إلى هوية إسلامية تخضع للفتوى وقرار المرشد .
العامل الأمني مهم جدا في معالجة فكرة الإرهاب الإخواني ، لكن ماذا أنتجنا من مشاريع في الهوية ؟ وهذا ليس سؤالي هذا ما يريد الرئيس طرحه على كافة من التقاهم وتحاور معهم ، وهو كما علمت يلملم أوراق معظم الحوارات التي أجراها في هذا الموضوع .
وزير الشباب الحالي ، مرن وعميق ..وهو يفهم فكرة انتاج مشاريع مرتبطة بالهوية والإنتماء ، ولكنه للأسف ورث وزارة ، كانت في فترة رهينة لمشاريع منظمات المجتمع المدني ، تحاورنا أكثر من ساعتين ..الرجل لديه القدرة على تشخيص الخلل ولديه القدرة على إنتاج ما يفتقده الشباب .
وزارة الشباب ووزارة الثقافة ، هما أدوات الحكومة المهمة في مشروع الهوية ..وأظن أن الأفكار اكتملت لدى الرئيس ، وأجزم أننا في البلد نحتاج لشيء جديد نحتاج لإعادة معسكرات الحسين للشباب ، نحتاج لإنتاج الشبيبة الهاشمية ..نحتاج للذهاب إلى المحافظات ، نحتاج لأشياء لا يمكن أن يتسع المقال لعرضها .
الفكرة تمحى بالفكرة ، والهوية هي الأساس لأي مشروع تنويري يحمي الدولة وعرشها ونسيجها الاجتماعي ...
وليقولوا عني (سحيج) ، على الأقل (السحيج) في العرف الأخلاقي تبقى أقل ضررا ممن يصنع الصواريخ لقتل الناس .