علاء الذيب يكتب : عن تنظيم جماعة الإخوان المسلمين وخلية الـ 16"

{title}
نبأ الأردن -
بداية، لست ضد جماعة الإخوان المسلمين، تربطني علاقات طيبة بعدد من قيادات الجماعة، وكذلك مع حزب جبهة العمل الإسلامي، أنا شخصيا أُقدر هذا التنظيم وأحترم بنيته التنظيمية.

لكن في الفترة الأخيرة، بدأت الجماعة، عبر ذراعها السياسي "جبهة العمل الإسلامي"، تتخذ خطوات تصعيدية سريعة وغير محسوبة، ما أدى إلى حالة من توتر العلاقة مع دوائر صناعة القرار في الدولة الأردنية.

أما ما كان يحدث في الشارع من مسيرات وهتافات داعمة للحرب هناك، فقد تضمنت خطابات قادة ميدانيين تحمل رسائل واضحة، التقطتها الدولة بجدية، هذه التصريحات لم تكن عفوية، بل مدروسة، وتم التعامل معها على هذا الأساس.

وفي مجلس النواب، تصاعدت حدة الخلاف بين كتلة الإصلاح ورئاسة المجلس، خاصة مع اعتراضهم المستمر على قوانين تحظى بدعم شعبي، يبدو أن هذه الاعتراضات كانت تستخدم كورقة ضغط لحل قضية الخلية، وهي قضية تعلم الجماعة مسبقا أن الدولة ستكشف تفاصيلها عاجلا أو آجلا، لكن هذه المرة، اختارت الدولة عدم الدخول في حوار، بل سارت بسياسة النفس الطويل حتى انتهاء التحقيقات، "ولا يستبعد أن تظهر مفاجآت لاحقة".

ثم انفجرت قضية "خلية الـ16"، حيث أعلنت الدولة أنهم خططوا للإضرار بالأمن الداخلي وإثارة الفوضى، بينما بادرت الجماعة بنفي أي علاقة تنظيمية، واعتبرت أن ما حصل تصرف فردي لدعم المقاومة.

رغم النفي، لم تتخل الجماعة عن المتهمين، بل اوكلت لهم محامين محسوبين عليها، وبدأت باستخدام أدواتها الإعلامية لنشر وجهة نظرها، والتأكيد على أن ما حدث يندرج ضمن حق مشروع في دعم المقاومة، وفقا للاتفاقيات الدولية، وانتشرت منشورات ومحاضر تحقيقات تشير إلى أن الهدف كان لدعم المقاومة لا غير، هذا الموقف شطر الشارع بين مؤيد للجماعة ومدافع عنها، وآخر يعتبرها خطرا على الدولة.

لكن حتى لو افترضنا أن الغاية دعم المقاومة، تبقى أسئلة صعبة بحاجة لإجابات:

ماذا لو سبق الكيان الإسرائيلي الأجهزة الأمنية الأردنية واكتشف موقع تصنيع الصواريخ! هل كان سيتردد في قصفه كما يفعل بشكل متكرر داخل الأراضي السورية؟

ماذا لو نجحت الخلية في تصنيع أكثر من 300 صاروخ! كيف كانت ستنقل؟ كيف كان سيتم تهريبها دون علم الدولة؟

وماذا عن الخلية التي تتلقى تدريبات قتالية! هل كانت تخطط لتنفيذ هجوم مسلح عبر الحدود كما حدث في 7 أكتوبر؟

الشارع يطرح أسئلة كثيرة، والدولة لا تجيب، تاركة المجال للأهالي والناشطين للدفاع عن المتهمين وعن الجماعة وعن الدولة في وقت واحد.

لكن صمت الدولة لا يبدو عاديا، بل يخفي وراءه خطوات قادمة، هناك حديث عن تحويل ملف حزب جبهة العمل الإسلامي للقضاء، ووجود إفادات تثبت ارتباط المتهمين بالحزب والجماعة معا، إذا ثبت ذلك قانونيا، فالحزب مهدد بالحل، والنواب المحسوبون عليه بخسارة مقاعدهم، وهذا ما أشار إليه النائب ناصر النواصرة حين قال؛ "خذوا المناصب"،ولا يستبعد أن يكون النواب يخططون لشيء ما أيضا.

لكن المواجهة ليست بهذه البساطة، الصراع مع جماعة منظمة وذات حضور شعبي ليس كالتعامل مع مجموعة منحلة قانونيا، والتغاضي عن تصرفات جماعة علنية أهون بكثير من مواجهة تنظيم سري يعمل في الظل، وهنا تصبح المعادلة في غاية التعقيد

أخيرا، لا يمكن فصل هذه التطورات عن الظروف المعيشية الصعبة التي يمر بها الأردنيون، من ارتفاع الأسعار والضرائب، إلى ضعف الدخل، هذه الظروف تدفع الناس أحيانا إلى رفض الرواية الرسمية واللجوء إلى الطرف الاكثر معارضة ، ليس إيمانا بالطرف الآخر، بل يأسا من الواقع.

والله من وراء القصد.
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير