أمل خضر تكتب: علم الأردن فخر واعتزاز

{title}
نبأ الأردن -
منذ أقدم العصور وسالف الدهور اتخذت كل أمة من الأمم وكل حضارة من الحضارات رايةً خاصة بها، تمثلها وترمز إلى شيء معين ولا تشبهها أية راية أخرى. وقد اتخذ المسلمون في زمن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- رايةً خضراء اللون لتتميَّز بها جيوشهم عن جيوش الأمم الأخرى التي كانوا على صراع معها، مثل: الفرس والروم وغيرهم، وبعد ذلك اتخذت كل دولة إسلامية رايةً خاصة بها مختلفة عن الأخرى، ولا بدَّ أن يبعث علم الأردن الفخر والاعتزاز في نفوسنا؛ لما يحمل في ألوانه من رموز ودلالات عظيمة تحتضن التاريخ الإسلامي والعربي المُشرق من بدايته إلى منتهاه، ومن أقصاه إلى أقصاه، بألوانه وشكله ومزاياه.
يحمل علم كل دولة ألوانًا مختلفة ترمز في مضمونها إلى العديد من المعاني والدلالات والإشارات، بعضها يكون ذا مدلول تاريخي، وبعضها يكون ذا مدلول قومي، وبعضها يكون ذا مدلول ديني وغيرها، وتعبرالألوان والأشكال والنجوم والأبعاد عن تلك الدلالات وتتصل بها، فلا تكون مختارة عشوائيًّا. أمَّا علم المملكة الأردنية الهاشمية فإنه يجمع العديد من الألوان ذات الدلالات التاريخية العريقة، وذات المعاني القومية العميقة، يتألف العلم الأردني من أربعة ألوان: ثلاثة منها على شكل مستطيلات، واللون الرابع على شكل مثلث جانبي، وهي: اللون الأسود، واللون الأبيض، واللون الأخضر، واللون الأحمر. إن كل لون من تلك الألوان له دلالة بعيدة وإشارة أكيدة إلى دولة عظيمة وحضارة قديمة، من تلك الحضارات الإسلامية والعربية التي مرَّت على العالم الإسلامي في وقت من الأوقات، وفي عصر من العصور، وتركت آثارها الخالدة عبر التاريخ، سياسياً وحضاريًّا.
فاللون الأخضر يشير إلى دولة الخلافة الراشدة والدولة العربية الأموية التي حكمت بعدها، والتي تعدُّ من أعظم الدول عبر التاريخ، وأكبر دولة إسلامية على الإطلاق، ويشير اللون الأسود إلى الدولة العباسية التي حكمت بعد الدولة الأموية، وكانت من أعظم الدول أيضًا. أمَّا اللون الأبيض فإنه يرمز إلى الدولة الفاطمية التي حكمت خلال وجود الدولة العباسية، وسيطرت على مصر والمغرب والشام وبلاد الحجاز لسنوات طويلة، بينما يشير اللون الأحمر إلى الأسرة الهاشمية، حيثُ يجمع المثلث الأحمر الموجود على جانب العلم أجزاء الأسرة الهاشمية في الدول الإسلامية الثلاث التي مرت عبر التاريخ الإسلامي، وحكمت بلدان العالم الإسلامي، وكانت جميعها حضارات رفيعة ودول منيعة. أما النجمة البيضاء السباعية وسط المثلث الأحمر فتحمل دلالة دينية لها أهمية كبيرة في العلم الأردني، حيثُ تشير النجمة إلى السبع المثاني في القرآن الكريم، وهي سورة الفاتحة أول سورة في كتاب الله، وهذا يدلُّ على الأهمية الدينية التي يرمز إليها العلم.

تنبع تلك الأهمية سواء بالإشارة إلى الدول الإسلامية العظمى التي مرت قديمًا، أو الإشارة إلى السبع المثاني وما لها من قيمة دينية كبيرة، إذ يقول الله تعالى في كتابه العزيز: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ}، لذلك فإنَّ علم الأردن يولي أهمية كبيرة للدين الإسلامي ومعالمه؛ ليرفع راية الإسلام خفاقةً فوق ربوع المملكة التي ورثت أمجاد الهاشميين الكرام. وفي الحديث الذي ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورد تأكيد على عظمة السبع المثاني عند الله تعالى، فقد روى أبو سعيد بن المعلى -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال له: "لأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هي أعْظَمُ السُّوَرِ في القُرْآنِ قَبْلَ أنْ تَخْرُجَ مِنَ المَسْجِدِ. ثُمَّ أخَذَ بيَدِي، فَلَمَّا أرادَ أنْ يَخْرُجَ، قُلتُ له: ألَمْ تَقُلْ: لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هي أعْظَمُ سُورَةٍ في القُرْآنِ؟ قالَ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) هي السَّبْعُ المَثانِي، والقُرْآنُ العَظِيمُ الذي أُوتِيتُهُ". حتى إنَّ المقاييس المخصصة بالعلم كانت قد حدِّدت بدقة، حتى يبدو العلم أنيقًا، فتمَّ الاتفاق على أن يكون طول العلم ضعف عرضه، وأن يقسم إلى ثلاثة مستطيلات بشكل أفقي، الأعلى منها ذو اللون الأسود، والأوسط ذو اللون الأبيض، والأسفل ذو اللون الأخضر. أمَّا المثلث الأحمر فإنه يكون في الجهة اليسرى من العلم بقاعدة تبلغ نفس عرض العلم وارتفاع يبلغ نصف طوله، كما أن الطرف المدبب المقابل للقاعدة يأتي وسط العلم، وداخل المثلث نجمة بيضاء سباعية، وقد اعتمد العلم الوطني في المملكة الأردنية الهاشمية منذ عام 1922م، أي قبل مئة عام تقريبًا. وقد استَمدَّ العلم الأردني من علم الثورة العربية الكبرى. وقد انطلقت الثورة العربية الكبرى من مكة المكرمة في الحجاز ضدَّ الدولة العثمانية بقيادة شريف مكة المكرمة الشريف حسين بن علي_ رحمه الله_ وهو الجد الثاني لجلالة الملك الحالي عبد الله الثاني، وعلى ذلك فإنَّ علم الأردن بالإضافة إلى الشكل الجميل والتناسق المبهر الذي يجعل منه لوحة فنية خفاقة على مر الأزمان، فإنَّه يحمل من المعاني والدلالات ما تضيق به الأذهان؛ فعلم الأردن رمز الثورة العربية الكبرى.
وأخيرًاً فإنَّ العلم الحالي في المملكة الأردنية الهاشمية قريب جدًّا من علم الثورة العربية الكبرى مع بعض التعديلات والقليل من الإضافات، التي زادت من بهائه، كما أنَّ علم الأردن هو العلم الوحيد من بين أعلام الدول العربية الذي يرمز بقوة إلى الثورة العربية الكبرى، والتي يفتخر بها العرب على مرِّ الأيام، ويتذكرونها كلما نظروا إلى علم المملكة الأردنية الهاشمية.
تابعوا نبأ الأردن على