محمد الخطيب يكتب: بين الحياد والولاء والمعارضة… المنصب لا يعترف إلا بالكفاءة

نبأ الأردن -
في زمن الحضور الرقمي الطاغي، باتت المنصات الإعلامية وشبكات التواصل الاجتماعي ساحاتٍ مفتوحة يتسابق فيها الجميع على التعبير، وطرح الرؤى، وتسجيل المواقف. بعضهم يكتب دعما، وآخرون معارضة، وثمة من يبدّل مواقفه حسب المزاج العام أو اتجاه الريح السياسية. غير أن كثيرين باتوا يعتقدون أن هذا الحراك الافتراضي وحده كفيل بتمهيد الطريق نحو المناصب العليا، أو حتى مقعد في مجلس الأعيان.
لكن الحقيقة التي يجب أن تُقال بصراحة: المناصب الرفيعة يجب ان لا تُمنح على أساس عدد الإعجابات أو المشاهدات، ولا تُقاس بالكلمات الرنانة ولا بالتصريحات المتكررة، ولا بمدى التنقل بين المنابر الإعلامية. بل إن الصوت المرتفع، مهما علا، يظل في كثير من الأحيان صدىً لا يُترجم إلى ثقة.
كم من شخصية برزت في الفضاء الرقمي، وارتدت ثوب المنظر السياسي، وتقلّبت بين الموالاة والمعارضة، وهي تظن أن ذلك يكفي لتصدر المشهد. ومع ذلك، بقيت بعيدة عن دائرة الفعل، لأن الوصول الحقيقي لا يتم عبر الضجيج، بل عبر مسارات أكثر تعقيدا: الخبرة، والانضباط، والعمل بصمت، والتراكم المهني، والأهم... المصداقية.
العمل العام مسؤولية لا تتناسب مع من يتعامل معه كحملة علاقات عامة أو كوسيلة للشهرة الشخصية. فالمناصب العليا ليست تكريما ولا مكافأة، بل تكليف يتطلب دراية، وانضباطا، ونزاهة.
في النهاية، لا ضير في التعبير، ولا في الطموح. ولكن من الضروري أن يدرك الجميع أن الطريق إلى المناصب لا يُرسم في خانة التعليقات، بل في عمق المواقف، وسلامة النية، وصدق الأداء.