الإعلام الأردني: تحوّلات عميقة تُبرز مواقف الدولة عربياً ودولياً
نبأ الأردن -
يخوض الإعلام الأردني غمار تحولات عميقة في بنيته ومحتواه، مسترشدا بشعار السقوف العالية التي رسخها مؤسسيا جلالة الملك عبدالله الثاني في مسعى لإعلاء شأن وجهات النظر الأخرى، إتكاء على مبادئ الدولة الأردنية وقيمها في الدفاع عن الحقيقة وأخلاقيات العمل الإعلامي والحريات العامة.
ففي ظلال العهد الميمون لجلالة الملك عبدالله الثاني، أصابت وسائل الإعلام بمختلف أشكالها قسطا كبيرا من المهنية والنضوج محققة نقلة نوعية في مجالات التغطية والتنوع الإعلاميين، وترسخت الحرية الصحفية وتعددية المنابر التي تعكس وجهات نظر متباينة حيال المشهد الوطني والعربي والدولي.
ولأن التقنيات الحديثة باتت منذ حين جسرا فاعلا في تشكيل توجهات الرأي العام، فقد تسلح الإعلام الأردني بهذه التقنيات واستثمرها بشكل فعال وأدام انخراطه فيها، خصوصا في منابر وسائل التواصل الاجتماعي على اختلافها.
معطيات التحدي الرقمي محليا تفيد أن للإعلام الأردني دورا مشهودا في إجلاء موقف الدولة الأردنية حيال المتغيرات السياسية والاقتصادية التي يمور بها عالم اليوم، ولا سيما في المنطقة العربية.
فقد قطع الإعلام الأردني شوطا طويلا في تحسين جودة ومستوى التغطية عبر التواصل الحثيث مع الجمهور، وتعزيز مفهوم المسؤولية الاجتماعية. ولم يبطئ الإعلام لحظة في التركيز على القضايا المفصلية وطنيا وقوميا ودوليا، خصوصا ما يتصل بالقضية الفلسطينية بصفتها محورا مركزيا في السياسة الأردنية التي يقودها جلالة الملك عبدالله الثاني.
أما العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، فقد كان الإعلام الأردني في طليعة الذائدين عن الشعب الفلسطيني وتعرية التضليل الاسرائيلي، فكان المجهر الذي ينقل بدقة حيثيات الموقف السياسي الأردني الشجاع في الدفاع عن قضية العرب الأولى، ورفض تهجير الشعب السقيق من بلاده والتمسك بحقوقه الوطنية المشروعة في بناء دولته المستلقة وعاصمتها القدس، استنادا للشرعية الدولية وقراراتها في هذا الشأن.
وأولى الإعلام الأردني أهمية كبرى لتدريب كوادره لتتكيف وتستوعب وتبدع في تسخير النقلة الرقمية لخدمة القضايا الوطنية والعربية، فضلا عن التنوع الكبير بوسائل الإعلام المحلية، ما أسهم في تعزيز المنافسة، من حيث التنوع والأداء الذي يخدم رسالة الدولة داخليا وخارجيا، الأمر الذي أسهم في تميز الإعلام الأردني، وقوّى حضوره على الساحة العالمية.
وقد حرص جلالة الملك على حرية الصحافة والإعلام استنادا لإيمان جلالته بأن "حرية الصحافة سقفها السماء" ولدور وسائل الإعلام في النقد البناء خدمة للمصلحة الوطنية، والارتقاء بحياة المواطنين وتحسين معيشتهم.
ولعل اهتمام جلالته بالاعلام يعد امتدادا للتاريخ الهاشمي منذ قيام الدولة الأردنية منذ أكثر من قرن مضى، إذ كانت الصحيفة الأولى "الحق يعلو" التي صدرت عام 1920 غداة وصول الملك المؤسس عبدالله الأول إلى معان، وكانت تحمل الصوت الأردني وصداه القومي مبشرة بمشروع الأمة الوحدوي والدعوة إلى التحرر والوحدة والحياة الفضلى والانعتاق العربي.
فقد أولت القيادة الهاشمية مبكرا جل اهتمامها بالإعلام، وهو ما انعكس في تأسيس الإذاعة الأردنية، والتلفزيون الأردني، وصولا إلى التنوع الكبير في وسائل الإعلام المحلية التي تسلط الضوء على مواقف جلالة الملك تجاه القضايا العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية التي يسعى جلالته جاهدا إلى وضعها على سلم الأولويات الدولية، إضافة إلى التركيز على تحسين صورة الإسلام في جميع المحافل العربية والدولية.
وتتجلى رؤية جلالته بأن الإعلام هو ركيزة أساسية في بناء مجتمع قائم على المعرفة والحوار المفتوح وتحقيق التنمية وتشجيع الاستثمار وتعزيز الروح الوطنية والقيم والثقافة الوطنية، وتجلى ذلك من خلال لقاءاته المتكررة مع الإعلاميين التي تعكس الإيمان العميق لجلالته بأهمية الإعلام ودور الإعلاميين في توجيه وتشكيل وعي الجمهور.
وتمثل لقاءات جلالة الملك مع الإعلاميين منصة لفتح قنوات الحوار والتواصل مع الشعب، حيث استمع جلالته بعناية إلى أفكار وآراء وطموحات الإعلاميين، وعبر جلالته عن تقديره لجهودهم ودورهم الحيوي في نقل الأخبار والمعلومات بشفافية ومهنية ومسؤولية.
ويحث الملك في لقاءاته الإعلاميين على تشجيع الإبداع والتحديث والابتكار في مجال الإعلام، مشيرا إلى أهمية التكنولوجيا في تطوير وسائل الإعلام، ودعم التواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لإيمانه العميق بأهمية دور الإعلام والإعلاميين في بناء مجتمع قوي ومتحضر.
ولعل الدعم الملكي الذي حظي به الاعلام في الاردن انعكس على التزامه بتقديم خدمة إعلامية متميزة ومواكبة التطورات الاجتماعية والتقنية، كما يسعى الإعلام إلى تحقيق التنوع بمضمونه وتمثيل مختلف فئات المجتمع، ما يسهم في بناء تجربة إعلامية غنية وشمولية، في بيئة تتسم بحرية الرأي التعبير والتغطية الشاملة للأحداث والقضايا بمهنية عالية، واستقلالية تامة بعيدا عن التأثيرات الخارجية، وبشكل موضوعي ونزيه، مع التأكيد على أهمية تحليل الأحداث وتقديم وجهات نظر متنوعة، وتعزيز الحوار والمشاركة المجتمعية، ما ساهم في بناء جسور التواصل بين الحكومة والمجتمع.
بهذه المنظومة من القيم والمبادئ، ظهر الإعلام الأردني كجهة إعلامية محترفة، عزز دورها وزارة الاتصال الحكومي التي استطاعت في عهد جلالته تنظيم وتطوير القطاع الإعلامي وتعزيز التواصل بين الحكومة والمواطنين، من خلال تدريب الناطقين الاعلاميين في المؤسسات الحكومية، والتربية الإعلامية والمعلوماتية.
وفي هذا الخضم، صدر نظام التنظيم الاداري لوزارة الاتصال الحكومي رقم 65 لسنة 2022، وقد حدد النظام مهام وصلاحيات الوزارة، منها وضع سياسة عامة للإعلام والاتصال الحكومي ترتكز على الالتزام بنصوص الدستور ضمانا لحرية التعبير عن الرأي وتعزيزا للنهج الديمقراطي والتعددية السياسية، وتعزيز دور الإعلام الوطني في الدفاع عن المصالح العليا للدولة والتمسك بالقيم الاصيلة للمجتمع الأردني، وحماية تعددية وسائل الإعلام وتنوعها وتعزيز دورها وفقا للتشريعات النافذة، وتعزيز حق الجمهور بوسائل إعلام مهنية وموضوعية تحترم العقل والحقيقة وكرامة الإنسان وحريته، وتنمية وعي المواطنين بحقوقهم وواجباتهم وتعزيز مبادئ المساواة والعدل وسيادة القانون.
ومن ضمن مهمات الوزارة، توفير المعلومات الأساسية المتعلقة بالحكومة ومؤسسات الدولة لوسائل الإعلام والاتصال المختلفة وتوثيق علاقات التعاون معها، وإعداد المواد الإعلامية المتعلقة بأنشطة الحكومة والمناسبات الوطنية بالتعاون والتنسيق مع مؤسسات الإعلام الحكومي.
يضاف الى هذا تقديم الدعم الفني للناطقين الإعلاميين في الوزارات والدوائر والمؤسسات الحكومية وبناء قدراتهم ورفع مستوى أدائهم، ونشر التربية الإعلامية والمعلوماتية، والتصدي للإشاعات وخطاب الكراهية وانتهاك حرمة الحياة الخاصة، ونقل صورة إيجابية عن المملكة للخارج بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، وتنظيم الفعاليات الإعلامية الحكومية بالتنسيق مع الجهات المعنية، ومتابعة الدراسات والتقارير والبحوث المتعلقة بالمملكة واقتراح كيفية التعامل الإعلامي معها، وإطلاع الجمهور على سياسات الحكومة وخططها وبرامجها وتوجهاتها والتشريعات التي تعدها وتشجيع إبداء الرأي والحوار الهادف بشأنها، الأمر الذي يسهم في تحسين جودة الإنتاج الإعلامي وتقديم محتوى أكثر نوعية ومهنية وجاذبية.
من جهتها، أدت نقابة الصحفيين الأردنيين دورا بارزا في تشكيل وتعزيز الساحة الإعلامية في المملكة في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني، إذ عملت على حماية حقوق ومصالح الصحفيين، والدفاع عنها، وتمكين حق الوصول إلى المعلومات، ما يسهم في خلق بيئة إعلامية حرة ومتنوعة وتعزيز معايير الأخلاقيات في ممارسة الصحافة، وتقديم محتوى إعلامي يستند إلى الدقة والمصداقية، وتطوير مهارات وكفاءات الصحفيين من خلال تقديم برامج تدريبية وفرص تطوير مهني، وبما يعزز مستوى الأداء الإعلامي، وتمكين التواصل والتضامن بين الصحفيين، والمساهمة في تبادل الخبرات ودعم الزملاء في مواجهة التحديات المشتركة.
ويبلغ عدد أعضاء النقابة الحالي أكثر من 1300 من الصحفيين الممارسين المتفرغين للعمل الصحفي.
على أن وكالة الأنباء الأردنية (بترا) تعد إحدى ركائز الإعلام الوطني حيث شهدت في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني، تطورا وتميزا نوعيين في أدائها ودورها، من خلال توفير تغطية إخبارية شاملة ومستمرة للأحداث الوطنية والإقليمية، بدقة وموضوعية، واستثمار التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي؛ لتحسين جودة الخدمة وتعزيز تواصلها مع الجمهور.
وتنطلق الوكالة في عملها مستنيرة بمنطلقات ثابتة في سياستها التحريرية تتمثل في قول الحقيقة ونقل الأحداث والوقائع بصدق وأمانة لإنتاج خبر هادف يخدم الأمن الوطني والمصالح العليا للوطن والأمة.
كما أظهرت الوكالة مرونة في التعامل مع وسائط الإعلام المتعددة، وتقديم تقارير وتحقيقات وأخبار صحفية متخصصة، وتسليط الضوء على القضايا الوطنية والاقليمية والعالمية، والتغطية المستمرة لأحداث غزة، ونقل ما يجري بكفاءة واقتدار.
فيما تميزت مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردني في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني بالعديد من الجوانب التي تعزز دورهما في نقل المعلومات وتشكيل رؤية إعلامية متطورة من خلال تحديث التكنولوجيا وتطوير البنية التحتية لتلبية متطلبات العصر الرقمي، وتكثيف البرامج الاخبارية والتفاعلية في مختلف المجالات، ما يجعل الجمهور جزءا من التجربة الإعلامية.
وركز التلفزيون الأردني على تعزيز الجودة وتقديم تحليلات وتغطيات متوازنة ومحتوى محلي يعكس الثقافة والتاريخ الأردني، ما يعزز الهوية الوطنية، فضلا عن تركيزه للقضايا الوطنية والاجتماعية الهامة، ما يعكس الالتزام بتوجيه الرأي العام نحو القضايا ذات الأهمية الكبيرة، ومن أبرزها الحرب على غزة حيث باشر باستوديو مفتوح لتغطية هذا الحدث، واستضافة العديد من أصحاب الرأي والفكر سواء في المملكة أو الأشقاء في فلسطين والدول العربية، كما أبرز الموقف الأردني الثابت والمتقدم والهادف إلى وقف التصعيد والعدوان على الأهل في قطاع غزة.
وشهدت الصحافة الأردنية والمحطات التلفزيونية والاذاعية في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني؛ تعزيزا لحرية التعبير، ما سمح للصحفيين بتقديم تقارير متنوعة وجريئة حول الأحداث والقضايا المحلية والإقليمية، واعتمد الصحفيون على التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي لتحسين وتسريع نقل الأخبار، وللتواصل المباشر مع الجمهور، مع التركيز على توفير معلومات دقيقة وتحليلات موضوعية، أسهمت في توعية المواطنين، وتسليط الضوء على جهود الملك عبدالله الثاني في تحقيق الإصلاحات والتطورات في مختلف المجالات.
وتمثل هذه المظاهر التميزية للصحفيين الأردنيين تعبيرا عن الالتزام والاحترافية في مهنة الصحافة خلال عهد الملك عبدالله الثاني.
وفي عهد جلالة الملك عبدالله الثاني، شهدت هيئة الإعلام المرئي والمسموع تطورات كبيرة وأداء متميزا، ما أضاف قيمة مهمة للمشهد الإعلامي، إذ تم انشاء معهد الإعلام الأردني، وفقا لقانون الإعــلام المـرئي والمسمـوع قانون مؤقت رقم (71) لسنة 2002
ويقع على عاتق الهيئة، تنمية قطاع الإعلام المرئي والمسموع في المملكة وتنظيمه والعمل على خلق بيئة استثمارية فيه، ودراسة طلبات الترخيص، ومراقبة أعمال الجهات المرخص لها، وإجازة المصنفات ومنح الرخص اللازمة لمحلات تداولها وأماكن عرضها وفقا لأحكام هذا القانون والأنظمة الصادرة بمقتضاه، واعتماد مكاتب مراسلي محطات الإذاعة والتلفزيون بموجب نظام خاص يصدر لهذه الغاية"، وترخيص الأجهزة والوسائل المستخدمة لأعمال البث الإذاعي والتلفزيوني بالتنسيق مع هيئة تنظيم قطاع الإتصالات".
وفي سياق التطور الشامل للقطاع الإعلامي في المملكة الأردنية الهاشمية، يبرز معهد الإعلام الأردني محطة حيوية تسهم بشكل فعال في تدريب وتأهيل الكوادر الإعلامية، وتقديم برامج تعليمية متخصصة، جنبا إلى جنب مع المؤسسات التعليمية التي تقوم بتدريس هذا التخصص في الصحافة والاعلام، بهدف تنشئة جيل جديد من الإعلاميين لخدمة وطنهم، إذ تم تأسيس المعهد وافتتاحه في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني.
ويقدم المعهد برنامج الماجستير في الصحافة والإعلام الحديث باللغة العربية منذ العام الجامعي (2009 -2010 ) للمساهمة في رفع مستوى الإعلام في الوطن العربي ورفد الشبكات الأجنبية الناطقة بالعربية بطاقات إعلامية عربية متميزة.
ويسعى المعهد إلى تحسين مخرجات الإعلام والارتقاء بسمعة وصورة المهنة محليا وإقليميا من خلال برنامج الماجستير في الصحافة والإعلام الحديث الذي يتألف من مسارين: المسار الشامل الذي يهدف إلى تخريج صحفيين مهنيين مزودين بمهارات متقدمة وتحديدا في مجال الصحافة الرقمية، ومسار الرسالة العلمية الذي يهدف إلى تطوير مهارات البحث والكتابة الصحفية وإرساء المعايير الأخلاقية والإبداعية للمهنة لدى الطلبة.
ويطبق برنامج الماجستير في معهد الإعلام الأردني معايير متقدمة في جودة تدريس الصحافة تقوم على التوازن بين الجانبين النظري والتطبيقي والاندماج في تكنولوجيا الاتصال والتطبيقات الرقمية، حيث يعد المعهد أول مؤسسة تعليمية عربية تطور مناهجها في الصحافة بالاستفادة من عناصر البيئة الرقمية، إلى جانب التركيز على بناء أساس معرفي ثقافي متين لدى الطلبة، وقد بلغ عدد الخريجين أكثر من 380 خريجا.
ويعمل المعهد على توجيه الشباب نحو مجالات الإعلام وتحفيزهم على اختيار مسارات مهنية ملهمة، ما يعزز دور الشباب في تطوير المشهد الإعلامي، ويركز المعهد على تطوير المهارات الشخصية والمهنية للطلاب، وبما يمكنهم من التأقلم مع متطلبات سوق العمل وتحقيق أداء متميز، ويعزز التفاعل مع صناعة الإعلام من خلال وجود شراكات وبرامج تبادل خبرات مع وسائط الإعلام والشركات ذات الصلة، وإثراء المعرفة والمساهمة في تطوير البحث العلمي والابتكار في مجال الإعلام، وتخريج كوادر إعلامية مؤهلة وتمكينها في تطوير الإعلام الوطني.