بلال حسن التل يكتب: المخدرات... غزة... أكبر من ندوة
نبأ الأردن -
تطلق جماعة عمان لحورات المستقبل، في تمام الساعة العاشرة والنصف من صباح بعد غد السبت في قاعة المؤتمرات بالمركز الثقافي الملكي حملتها الوطنية لمحاربة آفة المخدرات وخطر تهريب الأسلحة من خلال ندوة وطنية تنظمها بالشراكة مع جهاز الأمن العام، حيث ستناقش الندوة مجموعة من أوراق العمل المتخصصة، والتي أعدتها مجموعة من ذوي الاختصاص.
و تأتي خطوة جماعة عمان لحوارات المستقبل هذه اولا ترسيخا لمبدء التشاركية بين المؤسسات الحكومية وبين مؤسسات المجتمع المدني، الذي تنصرف بعض مؤسساته للأسف الشديد عن التصدي للمشاكل الحقيقة التي يعاني منها مجتمعنا، والتحديات التي تواجهه، وتصرف جهدها لخدمة اجندات جهات التمويل الأجنبي، وهي اجندات في غالبيتها الساحقة تهدف إلى تمزيق مجتمعنا، وتعميق مشاكله و تشويه انتماؤه الحضاري.
كماتأتي خطوة جماعة عمان لحوارات المستقبل ثانيا ادراكا من الجماعة لخطورة مايجري على حدودنا الشمالية والذي صار لابد معه من قرع اجراس الخطر للانتباه من ما يهددنا جميعا، والذي يحتاج إلى ماهو أكبر من ندوة، الا اذا كانت الندوات طريقا لبناء الوعي على الخطر الذي واجهنا، من خلال تهديده لأمننا في مستوياته كلها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ، ومن ثم وضع خطط واليات مواجهة هذه الأخطار استنفار قوى المجتمع مواجهتها، ذلك أن مايجري على حدودنا الشمالية ليس عمليات تهريب للمخدرات والاسلحة فقط على خطورة المخدرات والاسلحة، وتأثيرهما على زعزعة استقرارنا، وإضعاف قدرت مجتمعنا على العطاء والإنتاج، خاصة وان المستهدف الأول للمخدرات هم الشباب الأردني الذين هم النسبة الاعلى من عدد السكان وعصب الانتاج، وهم كل المستقبل الذي لابد من ان نحميه، حتى ينعم أولادنا بالاستقرار والطمأنينة.
ان المتأمل في مايجري على حدودنا الشمالية، يدرك تماما اننا نواجه نوعاً من أنواع حروب الجيل الرابع التي تفتك بالمجتمعات دون إراقة دماء، بل من خلال إنهاكها من الداخل فيسهل على عدوها السيطرة عليها لأنها تصبح مجتمعات مسلوبة الإرادة، وفي هذا المجال نستذكر محاولة العدو الصهيوني اغراق شباب الأرض المحتلة عموما وشباب قطاع غزة على وجه الخصوص بالمخدرات، حيث حقق في البداية نجاحات ملحوظة، حتى هيئ الله لغزة كوكبة من الدعاة على راسهم الشيخ الشهيد احمد ياسين فاعادوا تحصين المجتمع الغزي وتربيته تربية امانبة فصار القطاع هو الكابوس الدائم للاحتلال، وهو صانع انتصار السابع من أكتوبر الذي زلزل كيان الاحتلال. وهو الإنتصار الذي تعقد ندوة يوم السبت في ظلاله علنا نستفيد من درس غزة في مواجهة المخدرات، لذلك فان علينا نوقن بان مايجري على حدودنا الشمالية هو حرب حقيقية عنوانها الظاهرتهريب المخدرات والأسلحة ، تهدف إلى الهاء شبابنا واضعافهم من خلال اغراقهم بالمخدرات لتحقيق اجندات سياسية ومذهبية، تقف ورائها دول تختبئ وراء عصابات و مليشيات يفوق عددها وفق المعلومات الأمنية المئة وستين (١٦٠) تشكيلاً عصابياً، تم تسليحها باسلحة ثقيلة، مما تتسلح به الجيوش، كالصواريخ متعددة الأنواع، والطائرات المسيرة، والمدافع الرشاشة، والالغام المضادة للأفراد، والبنادق الحربية المزودة بمناظير قنص، مما يذكرنا ببعض مايجري لأهلنا في قطاع غزة، ويؤكد الرابط الخفي بين الحربين على قطاع غزة وعلى حدودنا الشمالية، فاذا أضفنا إلى ذلك أن العصابات والمليشيات التي تستهدفنا من حدودنا الشمالية لا تكتف باستهدافها لبلدنا، بأسلوب عصابات التهريب من خلال محاولة التسلل سرا، بل تلجاء إلى اسلوب الاشتباك مع قواتنا المسلحة واجهزتنا الأمنية وبإعداد كبيرة تصل إلى المئات في معارك تدوم لساعات طويلة، مما يؤكد أن وراء الأكمة ماورائها من اخطار لا تستهدف بلدنا فقط لكنها تستهدف جوارنا العربي وعبره الكثير من دول العالم، اي ان بلدنا يخوض الحرب على حدودنا الشمالية نيابة عن العالم كله. مما يستدعي هبة اقليمية ودولية لمساندة الأردن في حرب المخدرات والأسلحة المهربة.
حتى تتم هذه الهبة علينا أن نعتمد على ذاتنا، وأن ننخرط جميعا في معركة الوطن الدائرة على حدودنا الشمالية، ذلك انه اذا كانت قواتنا المسلحة واجهزتنا الأمنية كفيلة بالجانب العسكري والخشن من حرب تهريب المخدرات والأسلحة، فانه يقع على عاتقنا نحن في المؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني مسؤولية مقاومة الجانب الناعم من هذه المعركة، من خلال حماية ظهر قواتنا المسلحة واجهزتنا الأمنية، حتى لاتؤتى من حيث لا تحتسب، كما حصل في الإشتباكات الأخيرة عندما تم إطلاق النار على قواتنا المسلحة من الخلف، مما يثبت أن للعصابات المرابطة على حدودنا امتدادات داخلية، علينا أن نكون عونا في اكتشافها، من خلال بناء الوعي المجتمعي على خطورة عصابات تهريب المخدرات والسلاح ورعاتها من أصحاب الاجندات السياسية والمذهبية وامتداداتها الداخلية وما يمثله ذلك كله من خطورة.