د.مريم علي اليماني تكتب: " حقوق الإنسان في ظل التطور الرقمي''

نبأ الأردن -
في ضوء التطور الرقمي السريع الذي يشهده العالم في العصر الحالي، أصبحت حقوق الإنسان تحت تهديد جديد ومتزايد. فالتقدم في مجال التكنولوجيا والاتصالات يعطي المزيد من القوة والتأثير للحكومات والشركات والجهات الأمنية، وهو ما يؤثر على حقوق الأفراد والمجتمعات.
أحد أهم القضايا التي تثار في ظل التطور الرقمي هو تقييد الحريات والخصوصية. فمع توسع استخدام التكنولوجيا والإنترنت، يتم تجميع كميات ضخمة من المعلومات الشخصية للأفراد، مثل المواقع التي يزورونها، والمكالمات التي يجرونها، والمراسلات التي يتبادلونها. وهذه المعلومات قد تستخدم بطرق تنتهك خصوصية الأفراد وتعرضها للاستغلال.
كما يشكل التطور الرقمي تهديداً على حرية التعبير وحرية الصحافة. فمع ازدياد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية، بات من السهل على الحكومات والشركات مراقبة وتأثير الرأي العام وتقييد حرية التعبير. وقد شهدنا في السنوات الأخيرة زيادة في عدد الحكومات التي تحجب المواقع الإلكترونية وتطبق قوانين صارمة لمراقبة المستخدمين ومتابعة النشاط على الإنترنت.
بالإضافة إلى ذلك، فإن التطور الرقمي قد أثر على حق العمل والعيش الكريم. فمع التحول من العمل التقليدي إلى العمل عن بعد والتكنولوجيا الذكية، بات العديد من الوظائف مهددة بالتطوّر التكنولوجي والتأتّبع الآلي. وهذا يعني أن العمال قد يواجهون فقداناً لوظائفهم وانعدام الأمان الوظيفي، مما يؤثر سلباً على حياتهم وقدرتهم على العيش الكريم.
تتطلب هذه التحديات التي تثار في ضل التطور الرقمي معالجة جادة وسريعة من قبل المجتمع الدولي. يجب ضمان حقوق الإنسان في العصر الرقمي وتعزيز الحماية القانونية للأفراد والمجتمعات. ينبغي تبني قوانين وسياسات تحمي الخصوصية والحريات الأساسية على الإنترنت، وتنظيم استخدام البيانات الشخصية ومراقبة الاتصالات بشكل عادل وشفاف.
علاوة على ذلك، يجب تعزيز الوعي بحقوق الإنسان في ضوء التطور الرقمي، وتشجيع المنظمات الحقوقية والمدافعين عن حرية التعبير على العمل على تعزيز حقوق الإنسان ومناقشة القضايا المرتبطة بالتكنولوجيا والحريات الرقمية. إن حماية حقوق الإنسان في العصر الرقمي يجب أن تكون أولوية دولية، لأن الحقوق الأساسية للإنسان لا يمكن المساومة عليها بأي ثمن.