د. لينا جزراوي تكتب: الّلغة العربيّة في غُرفة العِناية الحثيثة

{title}
نبأ الأردن -
كتب  إبن خلدون في مُقدّمته قبل زمن طويل : "أن المَغلوب مولَعٌ بتقليد الغالِب" ، واليوم تبدو لي هذه العبارة صحيحة جدّا  ،خصوصا وأنا أرصُد يوميّا ظاهِرة أصبحت مُنتشِرة جدا في عمّان، وضواحيها  ، وهي  ظاهرة التّواصل اليومي باللغة الإنجليزيّة بين الشّباب والشّابات ، وضعف اللغة العربيّة لديهم ، ولا يتوقّف الضّعف على مهارات الكتابة، وقواعِد اللغة وحدها ، بل يتجاوزها لضعفٍ شديدٍ في فهم ما يمرّ على رؤوسِهم من مَنشورات وسطور بسيطة  جدّا على صفحات السوشال ميديا ، فهم لا يقرأون باللّغة العربيّة ، وإن قرأوا  في الغالِب لا يفهمون  .  وهذا برأيي مُؤشّرٌ على فُقدان الهُويّة ، ودليلٌ على حالة من الإرتِباك  الّتي تجعل الشباب غير مُدركٍ لماهيّته ، ولثقافته ، ولقيَمه . لقد انتشرت هذه الظاهرة لدرجة أن التّواصل اليوميّ لدى بعض العائِلات العمّانيّة بين أفراد العائِلة الواحدة ، وداخل البيت الواحِد ، أصبح باللغة الإنجليزيّة ، و أرصُد يوميّا أمّهات يتحدّثْنَ مع أطفالهنّ باللغة الإنجليزيّة في مراكز التسوّق ،وفي العيادات الطبيّة، وفي المطاعِم، وفي الحدائِق العامّة  ؛ أطفالٌ لا تتجاوز أعمارهم ال 4 سنوات تَعطّلت لديهم القُدرة والقابليّة ، والرّغبة لتعلّم اللغة العربيّة !!! 
    أُدرِك تمامًا أهميّة اللغّة الانجليزية اليوم لغايات العمل ،ولغايات فتح أبواب التوظيف للشّباب مع المؤسسات ،والمنظّمات الدوليّة والأجنبيّة ،ولست ضدّ إتقانها ؛ لكن كيف نقبل أن تُقتُل لُغتنا بهذا الشّكل الفجّ ، وداخِل بيوتنا و عقول أبنائِنا  !!!!!   إنّ خسارة اللغة العربيّة هي خسارةٌ للهُويّة ، وخسارة للثّقافة، وخسارة للقيم  ، وللأهل الّذين يتخوّفون من الإختِراق الثّقافي الغربيّ لمجتمعاتنا ، وانتِشار قيم ،وأفكار لا تُشبهنا ولا تُشبِه بيئتنا  أقول ؛ إنّ اللغة العربيّة هي السبيل لحِماية الجيل من آثار  هذا الإختِراق  ، لأنها ليست مُجرّد أداة للتّواصل ، بل هي مِظلّة قادرة على حِماية الأجيال القادِمة من خطر الفوضى الرقميّة والقيميّة والثّقافيّة الّتي نعيش في عصرها اليوم . 
 قبل فترة قصيرة زارتني صديقة أجنبيّة جاءت  الى عمّان  لتُقوّي لغتها العربيّة  ، حيث  كانت تتعلم اللغة العربيّة في بلدها ،وكانت ترغب بالتدرّب على اللغة في مُجتمع عمّان المحلّي ، وبعد شهر من الإقامة أخبرتني أنّها  قررّت الذهاب الى دمشق قائِلة : أن كلّ الأردنيين الذّين قابلتهم  يتحدّثون الإنجليزيّة بطلاقة  ، ولا أجد من أتحدُث معه العربيّة.
فتخيّل يا رعاك الله.

تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير