ميسر السردية تكتب :السفرطاس

نبأ الأردن -
في زخم تبادل هموم الحياة وارتفاع تكاليفها همست لي سيدة البارحة أنها اضطرت لتعطيل طفلتها عن المدرسة لأنها لم يكن معها مايكفي لشراء مستلزمات إفطار جماعي سيقيمه صف ابنتها، قلت لها كان يفترض أن تستقرضي، فقد يكون هذا إفطار عمل لمناقشة الرؤية المستقبلية للجيل الواعد والجيل القاعد، ردت، والله تعبت، رسوم واجار باص، نشاطات، قرطاسية، وزي مدرسي، بعدين أنا بكحوش مافي الدار وبفطر ولادي بالبيت.. استحيت اسنقرض من جيراني.
نبهنا صديقة كانت معنا سرحت في ملكوت الله... احضرينا بالحكي.. فقالت.. حاضرة..معكم ولكن أفكر "بالانشبوكس" ماذا أضع لأبنتي فيه؟!... تحب الفلل الأخضر والخيار.. سألته وهل يعقل يأخذ الطفل فلفل وخيار للمدرسة؟!.. ردت : يفرجها الله.. لما نشتري تفاح بحطلها... سألتهن وهل هناك يأخذون مصروفا أيضا ؟ طبعا.. لا بد منه.. وإلا كيف سكون الطفل بين أقرانه؟!!
حقيقة لا أدري من أين دخلت علينا ثقافة النهم المعوي هذه، وهل لدى الطفل كل هذا الوقت كي يتعلم ويأكل ويلعب؟! في صغري كانت جدتي تسقيني كأس حليب فقط، وتعطيني شلناً للفرصة، أحيانا طبعا، كانت تقول اذا العيل ترس بطنه أكل الصبح ينعمي ذهنه وما يلقط علم.. ولليوم لا استطيع تناول وجبة صباحية...
هل من الممكن أن نلتقت لهذه القضية التي بات الشغل الشاغل لأكثرية الأمهات...لماذا لا تبدأ كل أم بإلغاء قصة "السفرطاس" التي توحي وكأن الطفل مسافراً وليس ذاهباً ساعات معدودة وعائدا إلى بيته حيث وجبة غداء مع أسرته بما فتح الله من رزق.... أرحمن أنفسكن وغيركن من الأمهات.. وبلا منها الفزلكة الاستهلاكية المرهقة هذه.....يتضح أن معالف الطعام صارت عنوان المرحلة.. في التلفزيونات.. المدارس.. النت... وقد يأتي وقتاً وتبدأ نشرة الأخبار الرئيسية بطبق اليوم.