الحكومة: الأردن الدولة الوحيدة التي تسجل طبقها التقليدي (المنسف) على لوائح اليونيسكو

{title}
نبأ الأردن -
يدرك وزير السياحة والاثار مكرم القيسي جيداً أن السياحة هي نفط الأردن، وأنها ركن أساسي في اقتصاد بلاده، ويتحدث بشغف عن المواقع السياحية والاثرية المنتشرة في طول الأردن وعرضه، مفصلاً ميزات كل واحد منها.

في سنة العودة القوية للسياحة العالمية، يبدو القيسي مرتاحاً إلى أداء المملكة، وإن يكن يتطلع إلى أرقام أعلى بعد. برأيه أن 2023 هي سنة السياحة بامتياز في الأردن. ومع توسع الخريطة السياحية في المنطقة، لا يبدو قلقاً على مكانة بلاده، ويبدي ثقته في ميزات تنافسية ستتيح للمملكة الحفاظ على مكانتها، وإن يكن يتطلع إلى تعاون إقليمي في السياحة.

وعن الطفرة السياحية حول العالم هذا الصيف، قال القيسي "حددت منظمة السياحة العالمية 2019 السنة الأساس لقياس مؤشرات التدفق السياحي بشقيه، الدخل السياحي وعدد الزوار. وبالنسبة إلى الأردن، كانت 2019 من أفضل السنوات بلغة الأرقام. كان فيها الدخل السياحي مرتفعاً وتدفق الزوار عالياً. وبعدما ضربت سنة 2020 جائحة كورونا العالم كله، كانت 2021 سنة بدء التعافي، و2022 كانت ممتازة، ويمكن القول إننا وصلنا الى أرقام ما قبل كورونا. ولا شك في أن سنة 2023 هي سنة السياحة بامتياز في الاردن. تعدينا أرقام 2019 وأرقام 2022 . وفي بعض المناطق المعروفة زاد العدد 80%، وفي أخرى لم تكن معروفة، وإن تكن لا تقل أهمية، تجاوز عدد الزوار أحياناً ألف %".

وأضاف، "يشكل القطاع السياحي نحو 56 ألف وظيفة مباشرة، وهو من أكثر القطاعات التي تشغل أردنيين (85 % )، ونسبة الإناث ارتفعت إلى 20 في المئة من صفر قبل سنوات. مواقعنا الرئيسية هي ما نسميه المثلث الذهبي، أي العقبة والبتراء ورام".

وأكمل: الموقع الاكثر زيارة في الاردن هو البتراء ويصل عدد زواره عادة إلى مليون، ومن المتوقع أن يزداد العدد هذه السنة. وتتوافر في المنطقة حالياً 3400 غرفة فندقية، ونحتاج إلى ألف غرفة فندقية من فئة خمس نجوم لتغطية الطلبات. وفي رام تكون الحجوزات في بعض المخيمات أحياناً مكتملة لمدة شهرين.

وزاد، "في الاردن مواقع أخرى لا تقل أهمية عن البتراء مثل أم الجمال في شمال شرق الأردن. قدمنا ملفها لليونيسكو للنظر في إدراجها على لائحة التراث العالمي. وأم الرصاص ايضاً لا تقل أهمية عن أم الجمال، وفيهما كنائس بيزنطية بني نصفها على أيام الامبراطورية البيزنطية وعندما جاء العباسيون والامويون لم يحافظوا على الإرث الحضاري والتراثي فحسب، وإنما أيضاً زادوا عليه، وهذا اثبات على التسامح الحقيقي الموجود في العالم العربي، والعالم الاسلامي".

ولفت إلى أن الاردن يعتبر من أكثر الدول التي حافظت على تراثها وآثارها وتمسكت بهويتها. فخلافاً لبعض الدول التي لديها تاريخ اسلامي وتسقط اي اشارة إلى تلك الحقبة في التعريف عن آثارها، تصر عمان مثلاً على تسمية "المدرج الروماني"، محافظة على إرث تلك الحقبة.

وعن أهمية السياحة الدينية للاردن، أوضح الوزير أن الاردن يضم خمسة مواقع يعترف بها الفاتيكان كمواقع للحج المسيحي، وهي المغطس وجبل نيبو ومارالياس وكنيسة السيدة ومكاور حيث قطع رأس يوحنا المعمدان ونعمل على اعادة استكشاف الموقع لترميمه.

وبين، "أدرج المغطس على لائحة التراث العالمي عام 2015. حصتي كأردني في الموقع الأردني كانت واحد في المئة من عدد سكان، وعندما ضُم إلى لائحة التراث العالمي صارت حصتي كمواطن واحد من سبعة مليار، ولكن مسؤوليتي كوزير للسياحة والاثار للحفاظ على هذا التراث هي مئة في المئة".

ونوه إلى أن "المغطس حالياً من أهم مواقع الحج المسيحي في العالم. فإذا كانت كنيسة المهد هي مكان ميلاد المسيح وكنيسة القيامة مكان قيامته، فإن المغطس هو المكان الذي عمد فيه وانتشرت باسمه المسيحية حول العالم. وربما يصنّف المسيحيون المغطس الموقع الثالث من حيث الاهمية لدى المسيحيين، ولكنني أعتقد أنه الأهم كونه مهد ولادة المسيحية، ويقع هذا الموقع جغرافياً في المملكة الاردنية الهاشمية، الدولة ذات غالبية مسلمة والتي يحكمها ملك هاشمي والحفيد المباشر لنبي الاسلام. وبالتالي هذا البلد ذو الغالبية المسلمة يحكمه ملك مسلم حفيد للرسول يحافظ على هذا الموقع المسيحي، ويحميه ويديره".

وعن الهدف الأساسي لتطوير موقع المغطس، أكد أن "كل دولة تسعى الى زيادة عدد زوار مواقعها التاريخية. عدد زوار هذا المكان نحو 200 ألف، طموحنا أن يزداد سنة 2023، ولكن التوجه الملكي واضح وصارم على ألا نساوم عدد الزوار على أصالة الموقع. ربما لو كان هذا الموقع في بلد آخر لكانوا أقاموا مشاريع استثمارية ومطاعم وأماكن ترفيه، ولكن مثل هذا الأمر مرفوض هنا بناء على توجيه ملكي؛ إذ أمر جلالة الملك بتشكيل هيئة ملكية لإدارة هذا الموقع، وعين مستشاره للشؤون الدينية رئيساً لهذه اللجنة لكي يحافظ على هذا الموقع".

ونوه إلى أنه "يسأل كثيراً لماذا يزور لورد مثلاً خمسة ملايين ولا يزور المغطس الا 250 ألفاً؟ ما يهمني أنا أن يأتي المسيحي أو المسلم ويزور الموقع ويمشي على خطى المسيح ويسير في نفس المكان الذي عاش فيه وتعمد فيه ونفس المغارة التي عاش فيها يوحنا المعمدان ويراهما كما كانا قبل 2000 سنة. هذا الموقع يقع ضمن مسؤوليتي كدولة ومسؤولية حامل الوصاية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس، وحامي موقع عماد المسيح. التطوير سيتم في المنطقة المحاذية للموقع المدرج على لائحة التراث العالمي. ولن يتم الدخول الى الموقع تحت أي ظرف من الظروف. وهناك خطة تطويرية كاملة تشمل ربما متاحف وفنادق وتحفاً شرقية، لاغناء زيارة السائح للموقع".

وحول الجدل في شأن المكان الحقيقي لموقع عماد المسيح بين الضفتين الشرقية والغربية لنهر الاردن، أوضح القيسي، "زار الاردن أربعة بابوات، وزياراتهم تؤكد أهمية هذا الموقع، وأنه مكان عماد السيد المسيح، بدءاً بالبابا بولس السادس عام 1964، وكان أول حبر أعظم يخرج من روما منذ 1812. الأمر محسوم من الناحية الأركيولوجية ومن ناحية الوثائق ومن ناحية الفاتيكان".

وعن منسوب مياه النهر، أشار إلى أن "كل الأنهار تراجع منسوبها. انظروا الى الفرات ودجلة. ثمة أسباب عدة لهذه الظاهرة، منها التغير المناخي وسنوات الاستخدام لهذه المياه، وطبعاً هناك الاحتلال الاسرائيلي الذي يحول بعض المجاري التي يفترض أن تصب في هذا النهار الى أماكن أخرى".

ولفت إلى أن المنافسة في كل المجالات مطلوبة، ولكن يجب أن تكون على أسس واضحة. في الاردن تنافس بين الكرك ومادبا وبين وادي رم والبتراء وجبل نيبو، مشير إلى إمكانية أن يكون هناك تعاون إقليمي يؤدي في المستقبل الى حزمة سياحية يزور بموجبها السائح الآتي في بلد بعيد، الاردن وسوريا وفلسطين والعراق ودول الخليجـ أو بعضاً منها، في رحلة واحدة.

وأكد، "الأردن قادر على المنافسة لأنه يتمتع بمزايا عدة، بينها الأذرع في وزارة السياحة والآثار المتمثلة بهيئة تنشيط السياحة التي تأسست عام 1998. قد لا يتمتع الأردن بقدرات دول أخرى لضخ موارد مالية في الترويج ولكن بناء الخبرات التراكمية تحتاج إلى وقت، الذراع الآخر هو هيئة الآثار العامة، أقدم الدوائر الرسمية الحكومية وقد تأسست قبل تأسيس المملكة، وبعد الإمارة (إمارة شرق الأردن) بسنتين.".

وقال، "أدرك الأردن مبكراً أهمية السياحة لأننا لا نملك موارد الخليج. والقيادة الهاشمية في الأردن تعلم تماماً أنه بدون موارد طبيعية يجب أن يكون لديك بديل، والبديل الواضح بالنسبة للقيادة كان التركيز على الموارد البشرية. لذلك ركزنا على الطب والهندسة والتعليم والاستشفاء وبناء القدرات في ما يتعلق بآثارنا. الخبرة التراكمية موجودة. وتؤهل إدارة الاثار العامة الفرق الموجودة لترميم بعض المواقع أو إعادة بنائها من دون مساعدة أجنبية. وهذه الخبرة هي عبارة عن عقود من التراكم".

ونوه إلى أنه ميزة أخرى للأردن تكمن في طقسه الذي لا مثيل له في العالم. أضف إلى ذلك كله عناصر الحضارة المتعددة كاللغة، والموسيقى التي تعيد تشكيل الوجدان الأردني الثقافي الموسيقي السياحي من خلال وزارة السياحة.

وأشار إلى أنه "لا ننسى المطبخ الأردني الذي يشكل ثقافة المجتمع. هناك قائمة تصدر كل سنة وتحدد أفضل 50 مطعماً في الشرق الأوسط وشمال افريقيا نجح منها 5 مطاعم اردنية. والفارق بيننا وبين الآخرين أن هذه المطاعم أردنية صرفة تنافس أفخم المطاعم. والإرث الأردني ليس فقط ملموساً.الاردن الدولة الوحيدة التي تسجل طبقها التقليدي (المنسف)على لوائح اليونيسكو للتراث غير المادي".

وعن مهمته في اليونيسكو، قال "أعطاني عملي في اليونسكو شغفاً لموضوع الآثار، وعملنا على كلفات سياسية أيضا، وفي مقدمها القدس والحفاظ عليها وعلى هويتها انطلاقاً من وصاية الملك على المقدسات الإسلامية والمسيحية".

وختم، "السياحة العربية دون الطموح. في الاردن وصلنا الى مراحل متقدمة لأن السياحة هي نفطنا. استثمرنا في العنصر البشري وفي التدريب. ربما نعاني مشكلة في النقل السياحي الداخلي، ثمة تشريعات لتطويره. ونجري تدريبات، لزيادة أعداد المتدربين ولكن دائماً ليس على حساب النوعية".


تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير