الأردن الأول عربيًا في التربية الإعلامية وحماية المجتمع من شرِّ الفضاء الرَّقمي
نبأ الأردن -
إيمان المومني وعماد السَّعايدة - سبع سنوات مرَّت على جهود الأردن لحماية المجتمع من خطاب الكراهية والتَّنمر والابتزاز والتَّعامل مع المعلومات الواردة عبر الفضاء الرَّقمي والإعلامي ووضع الخطط والاستراتيجيات وبدأ بتنفيذها على أرض الواقع من خلال برامج التَّربية والدراية الإعلامية.
تتبعت وكالة الأنباء الأردنية (بترا) هذه البرامج التي بدأت منذ العام 2016 ومرَّت بعدِّة مراحل، فكان أبرزها تضمين وحدات التَّربية الإعلامية في مناهج التَّربية المدنية والوطنية والحاسوب في الصف السَّابع والثَّامن والعاشر، لا سيما أنَّ التَّربية الإعلامية دواء فعَّال للتصدي لوباء المعلومات الذي يجتاح العالم ويستهدف كل فئات المجتمع.
وزارة التربية والتعليم، أعدَّت خطة لإدخال وتدريس مفاهيم التربية الإعلامية والتي أقرِّت عام 2020، لتكون ضمن المناهج الجديدة لعدد من المباحث خلال العام الدراسي المقبل 2023/ 2024، بعد تضمين مفاهيم التربية الإعلامية لتلك المناهج.
أمين عام وزارة التربية والتعليم للشؤون التعليمية الدكتور نواف العجارمة، أكد لوكالة (بترا) أن مجلس التربية والتعليم أقرَّ في وقت سابق الإطار العام والخاص، لإدماج كفايات التربية الإعلامية والمعلوماتية في المناهج المدرسية، من خلال وضع مناهج دراسية جديدة للبدء بتدريسها في العام الدراسي المقبل ضمن مناهج: اللغة العربية، والدراسات الاجتماعية، والتربية الإسلامية.
وبين أنَّ الوزارة بذلت جهودا كبيرة في مجال تأهيل كوادرها، ونفَّذت برنامجا تدريبيا للمشرفين التربويين والمعلمين من التخصصات كافة، استهدف 181 معلما ومعلمة ومشرفا في جميع أقاليم المملكة، واستمر خمسة أيام بواقع خمس ساعات، وانتظم المتدربون في ورشات تدريبية متخصصة بالتربية الإعلامية بإشراف مدربين متخصصين من معهد الإعلام الأردني.
وأوضح أنه، ضمن مشروع بناء قدرات المعلمين في مجال التربية الإعلامية والمعلوماتية، طوّر معهد الإعلام الأردني، دليلا تدريبيا للتربية الإعلامية والمعلوماتية، وتدريب المدربين لنقل خبراتهم إلى بقية المعلمين والمعلمات والمشرفين التربويين في جميع المحافظات، مؤكدا في هذا الإطار اعتماد برنامج التدريب مادة تدريبية لغايات الرتب للمعلمين.
وقال العجارمة، إن الوزارة نفذت كذلك بالشراكة مع معهد الإعلام الأردني ضمن مشروع "صوت الشباب والشابات في الإعلام "، برنامجا تدريبيا على مرحلتين أحداهما للمعلمين، والثاني للطلبة ركز على كيفية إعداد التقارير الإخبارية.
من جهتها، قالت رئيسة لجنة إدماج مفاهيم التربية الإعلامية والمعلوماتية في المناهج الدراسية بيان التل، إن تطبيق التربية الإعلامية بدأ عام 2016 من خلال معهد الإعلام، اذ طبق المشروع بالشراكة مع منظمة اليونيسكو في عدد من المدارس الحكومية وجامعتين حكوميتين.
وبينت التل، أنه جرى في وقت لاحق إقرار الاستراتيجية الوطنية للتربية الإعلامية والمعلوماتية، التي تبنتها الحكومة عام 2019 كأولوية وأصبحت اليوم تنفذ من خلال وزارة الاتصال الحكومي، وتعتمد في تطبيقها على عدة محاور هي: المدارس، والجامعات، ومراكز الشباب، والفضاء العام، والإعلام ومؤسسات المجتمع المدني.
وأشارت إلى تشكيل المركز الوطني للمناهج، عام 2021 لجنة لوضع إطار خاص لمفاهيم التربية الإعلامية والمعلوماتية، وتشكيل فريق لإدماج هذه المفاهيم في الكتب المدرسية التي هي الآن في طور التطوير والتحديث في المركز.
وتشمل المباحث بحسب التل، التربية الإسلامية، واللغة العربية، والتربية الوطنية، والجغرافيا، مؤكدة أن العمل مستمر وجار على إدماج التربية الإعلامية للصفوف المدرسية كافة من الروضة وحتى الثاني عشر.
وكشفت التل، أنَّ الأردن يعتبر أول دولة عربية تبدأ على هذا المستوى في إدماج المفاهيم التربية الإعلامية ويحسب له تقديره لأهمية التربية الإعلامية خاصة أنه يحرص على تزويد الطلاب بمهارات التحليل والتفكير الناقد والأخلاقيات لتمكينهم من التمييز بين الخبر والرأي، والخبر المفبرك والخبر المتوازن، وكيفية البحث عن المعلومة وتقييمها وانتاجها؛ بما يسهم في التعبير عن رأيه بإيجابية وضمن الأخلاقيات التي تحكم الاستخدام الآمن والصحيح لمواقع التواصل الاجتماعي.
بدوره أكد رئيس المجلس الأعلى للمركز الوطني لتطوير المناهج الدكتور محي الدين توق، لـ(بترا) أن المركز أنهى عمليات إدماج مفاهيم التربية الإعلامية والمعلوماتية في مناهج اللغة العربية والدراسات الاجتماعية للصفوف الأول، والرابع، والسابع، والعاشر؛ والتربية الإسلامية للصفوف الأول، والثاني، والرّابع، والخامس، والسابع، والثامن، والعاشر، والحادي عشر للفروع كافة، والدراسات الإسلامية للفرع الأدبي.
وقال إن عمليات الإدماج تمت بالرجوع إلى الإطارين العام والخاص اللذين أقرهما مجلس التربية والتعليم العام الماضي، وفقا للخطة التنفيذية الحكومية لنشر مفاهيم التربية الإعلامية والمعلوماتية 2020.
وأضاف توق أن المركز بالتشاور مع اللجنة التي أعدت الإطارين، وبالنظر إلى أفضل الممارسات العالمية، ارْتَأَى أن تدرس مفاهيم التربية الإعلامية والمعلوماتية ضمن سياقات تعليمية مختلفة، بحيث تكون مدمجة مع مواد مختلفة يدرسها الطلبة حيثما أمكن، وتُدرّس الكفايات والمفاهيم على شكل أنشطة داخل الدروس أو على شكل دروس داخل الوحدة، أو وحدات داخل الكتاب المدرسي.
وأكد أن المركز راعى التدرج في المرحلة الدراسية خلال عمليات تعليم مفاهيم التربية الإعلامية والمعلوماتيّة، فيكتسب الطلبة المفاهيم والكفايات بشكلها المبسط ففي المرحلة التعليمية المبكرة، مثل التفريق بين الألوان الحقيقية والمزيفة لغايات تعليمهم مفهوم الحقيقة والزيف، وتعليمهم قواعد سلوكية وأدبية كاحترام الآخرين وآرائهم، والابتعاد عن الإيذاء قولا وفعلا، وأهمية التحقق مما يصلهم من معلومات.
وبين أنَّ المرحلة التعليمية التي تليها تصبح المفاهيم والكفايات أكثر وضوحا، فيبدأ الطلبة بنقد المواد الإعلامية والمعلوماتية والتأكد من مصدرها، وصحة عزوها، وصدقيتها، وفي وقت متقدم من هذه المرحلة يتعلم الطلبة مفاهيم متعلقة بالتربية الإعلامية منها حرية التعبير، والجريمة الإلكترونية وخطاب الكراهية، التنمر، وجرائم الذم والقدح، بالإضافة إلى مهارات تحرير الخبر وتدريبهم على استعمال أدوات التحقق.
أما في المرحلة الدراسية المتقدمة "الثانوية" فيصبح الطلبة ناقدين للمعلومات ومحررين لها ومتحققين منها، والأهم من ذلك أنهم يستطيعون، بالنظر إلى اختلاف مستوياتهم، أن يصبحوا منشئي محتوى، ومصادرا لمشاركة المعلومات.
وأكد أن أهمية تدريس التربية الإعلامية والمعلوماتية تكمن في تمكين الطلبة من التحكم في سيل المعلومات التي تتدفق حوله في ظل توافر الأجهزة الخلوية والحواسيب والتطورات التكنولوجية المتسارعة، التي قد يحمل بعضها خطرا داهما على نفسية الطلبة وعقليتهم وتصرفاتهم، وتعاملهم مع المجتمع المحيط بهم.
وتعد منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو"، الداعم الأكبر عالمياً للتربية الإعلامية، لا سيما أن المنظمة تعتبر الإعــلام يملــك سلــطة مؤثــرة على القيــم والمعتـقــدات والتـوجـهــات والممارسات، في مختلف الجوانب اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً.
وبدأت اليونسكو العمل على مشاريع التربية الإعلامية والمعلوماتية في الأردن منذ عام 2013، بمحاولات بسيطة لإدماج مهارات التربية الإعلامية والمعلوماتية في الحصص والنشاطات المدرسية، وكان المشروع الأول عام 2016 بالتعاون مع معهد الإعلام الأردني البرنامج الأكثر شمولا في هذا المجال والذي كان بعنوان "دعم الإعلام في الأردن" والممول من الاتحاد الأوروبي، ونفذ بناء على اتفاقية بين الاتحاد الأوروبي والأردن، واستمر حتى عام 2018.
وهدف المشروع، عموما، إلى تنمية وتطوير الإعلام في الأردن وركزت أحد مكوناته على إدخال مفهوم التربية الإعلامية والمعلوماتية إلى الأردن.
وكان توقيت المشروع مثاليًا حيث كانت الأرض خصبة لاستيعاب مفهوم التربية الإعلامية والمعلوماتية في جميع المجالات: من الحكومة عبر وزارة التربية والتعليم، إلى المدارس والطلاب والآباء والمنظمات المدنية والجمهور العام.
واتخذ الأردن نهجا استباقيا وبناء تجاه التربية الإعلامية والمعلوماتية، بعد أن أصدر أول ورقة سياسة له حول التربية الإعلامية والمعلوماتية عام 2016، وفي عام 2018، أدرجت الحكومة خطة شاملة للتربية الإعلامية والمعلوماتية التي التزمت بحق مواطنيها في المعرفة بما يتماشى مع القانون.
ونفذت اليونسكو، مشروعًا ثانيًا حول تمكين الشباب من خلال مهارات التربية الإعلامية والمعلوماتية، واستمر لمدة 20 شهرًا وكان ممولًا من الاتحاد الأوروبي، وهدف إلى تعزيز التربية الإعلامية والمعلوماتية كاستجابة شاملة لتعزيز استخدام أكثر أخلاقي ونقدي للإعلام والإنترنت من خلال تعزيز قدرات الجامعات والمدارس والعاملين في مجال الإعلام والتعليم ومؤسسات المجتمع المدني في مجال كفاءات التربية الإعلامية والمعلوماتية في محافظات اربد والزرقاء ومعان والمفرق.
وقدَّمت اليونسكو مبادرة بعنوان "التربية الإعلامية ومكافحة التضليل من خلال البودكاست" نفذت عامي 2021 و2022، من خلال شبكتي صوت وصدى للبودكاست، لتعزيز أصوات الشباب ومساعدة 40 شابًا على تطوير مهاراتهم في التربية الإعلامية والمعلوماتية وإنتاج محتوى صوتي خاص بهم، وجرى إنتاج 15 حلقة بودكاست لمجموعة من الشباب وهم يناقشون القضايا المرتبطة بالتربية الإعلامية والمعلوماتية.
وتقوم اليونسكو حاليًا وبالتعاون مع معهد الإعلام الأردني، بإعداد دراسة وطنية شاملة لتقييم مستوى التربية الإعلامية والمعلوماتية في الأردن منذ سنة 2016 حتى الآن وستطلق نتائجها منتصف آب المقبل، كما جرى تأسيس تحالف وطني يهدف إلى إيجاد مظلة مشتركة للمؤسسات المحلية والخبراء العاملين في مجال التربية الإعلامية والمعلوماتية في الأردن وتنسيق جهودهم ودعم مبادراتهم الجماعية.
وقال نائب نقيب الصحفيين الزميل جمال اشتيوي : من حيث المبدأ، هناك أهمية كبيرة لتدريس التربية الإعلامية في مختلف المراحل الدراسية، والنقابة تدعو إلى ضرورة تعميق علاقة الطلاب بالتربية الإعلامية وزيادة الوعي لديهم بهذه العملية، مبينا أن التجربة بحد ذاتها جيدة.
ويستضيف الأردن في تشرين الأول المقبل مؤتمر اليونيسكو "الأسبوع العالمي للدراية الإعلامية والمعلوماتية وأجندة الشباب"، يناقش الدراية الإعلامية وهو موضوع أصبح محل اهتمام عالمي بسبب انتشار وسائل الاتصال، من المقرر أن يشارك فيه أكثر من 800 شخص من دول العالم، إلى جانب متخصصين في هذا المجال للوقوف على موضوع الانتشار المعلوماتي الذي لا يميز بين فئات المجتمع، والتوعية بسلبياته خاصة تلك التي تستهدف الفئات الأكثر هشاشة في المجتمعات.
وعملت وزارة التربية والتعليم على تنفيذ الخطة الوطنية للتربية الإعلامية من خلال استهداف الفئة العمرية من 14 – 16 سنة، وتدريب 40 طالبا وطالبة من مدارس التميز، وما زال العمل، بالإضافة إلى عقد دورتين تدريبيتين لضباط ارتباط الإعلام من كافة إدارات الوزارة، وعملت مع الجهات المعنية على إطلاق المشروع الثاني المتعلق بتدريب المعلمين.