ميسر السردية تكتب : مات الموسيقار جوعاً

{title}
نبأ الأردن -
يطرق صوت المذيعة طبلة أذني صباحا وأنا أحاول إزاحة قوار شتلة نعنع عن عين الشمس، الخبر يقول :حزن عميق سيطر على السودانيين بعد سماع نبأ موت الموسيقار خالد سنهوري جوعاً داخل منزله في أم درمان، لأنه لم يتمكن من تناول الطعام لأيام بسب الاشتباكات، وأن شقيقه دفنه أمام البيت لعدم تمكنهم من وصول المقابر العامة.
منذ اندلاع هذه الحرب الأهلية "بالوكالة" عن الفاعلين الأساسيين وإنا اتجنب قدر الأمكان التمعن بمشاهد النساء و الاطفال والعجزة وهم يفرون لا يلوون على شيء، يفترشون التراب الساخن تحت الأشجار ، احاول الهرب من وجوه الضعفاء والفقراء وسماع قصص القتل والاغتصاب والتدمير الذي يتعرض له أطيب وابسط شعوب العرب، احاول عدم سماع صيحات كل فريق وهو يُكبر على الفريق الآخر، أو "براشيم" الهُدن بين الأطراف التي يأكل بعضها بعضاً.
السنهوري مات جوعاً، قد يكون مات محتضناً قيثارته، أو ملقى مابين كومة مقاعد، ككل هذه الأمة التي تموت طالع كل شمس، جوعاً، خوفاً، يأساً،قهراً "فرق حساب" كل أصناف الموت تحفل بها جغرافيا العرب، لاتهم الطريقة، المهم الموت فقط.
أسئلة موجعة كثيرة تعرف اجابتها، ترى الا تستطيع دول العرب التي تنفق" الملايين المملينه "على شراء السلاح و الزاخرة بالرتب والأوسمة والنياشين والمناورات والإستعراضات من التدخل فورا وبالقوة وبدون إذن من جهة دولية للفصل بين المتقاتلين لحقن دماء أهلنا في السودان...ألا ينص القرآن على (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما) أم أنه لا وقت لدى العرب، منشغلون بقتل بعضهم بعضاً على جبهات أخرى، .... لعن الله التلفزة والأخبار والاسئلة وفستان المذيعة أيضاً وفوق البيعة برنارد لويس ومن لف لفيفه... نكاد نطالبهم"خلص" قّسموها" واطووا الملف"أجعلوا من كل قرية دولة... وكل حرب ونحن نشتعل كُرمى لعيون الأوباش.
فن التلاعب بالعقول والقلوب في خبر وفاة الموسيقار يوحي للمستمع أن مايحدث في السودان سببه ارتفاع منسوب مياه النيل وليست حربا مات نتيجتها حتى الآن آلاف الناس وتشردت آلاف أخرى وتوقف الحياة النابضة في شريان كل ماهناك.
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير