الأردن يُحقِّق مراتب عُليا في تمكين الحوار بين الثّقافات التي تسكنه
نبأ الأردن -
أصدرت منظمة الأمم المتحدة للعلوم والثقافة "اليونسكو"، وبالتعاون مع مؤسسة "آنا ليند" الأورومتوسطية للحوار بين الثقافات نتائج أول مؤشر لقياس حوار الثقافات في 160 دولة حول العالم، الذي أظهر حصول الأردن على نتائج مرتفعة في معاييرها التسعة التي اشتملت عليها.
وصول الأردن إلى نتائج مرتفعة في هذا المؤشر لم يكن وليد الصدفة بل هو رسالة دولة ممتدة منذ أكثر من مئة عام جسدت كل معايير الحوار بين مكونات المجتمع وفق وفق منظومة إنسانية وقانونية تحفظ الكرامة والأمن.
وانطلق الأردن إلى تجسيد الحوار بين الثقافات بدءا من الدستور الأردني والقوانين، إضافة الى رسالة عمان التي تنبذ خطاب الكراهية والإرهاب، واسبوع الوئام بين الأديان، والعمل بمبدأ أن الوطن يتسع الجميع، وصولا إلى خطابات جلالة الملك عبد الثاني في المحافل الدولية بأن الأردن بلد التسامح وقبول الآخر وسيادة القانون وحرية التعبير دون انتهاك كرامة الإنسان واغتيال الشخصية.
وكالة الأنباء الأردنية "بترا" اطلعت على إطار عمل "اليونسكو 2023" لتمكين الحوار بين الثقافات، وتبين لها أن الأردن حصل على أعلى من المتوسط العالمي في المعايير التسعة التي اشتمل عليها المؤشر، وهي، حرية التعبير، والحوكمة والمواطنة، والمساواة، والشمول والتمثيل، والقيادة والتنظيم، والروابط والتماسك، والمهارات والقيم، والتماسك الاجتماعي، والاستقرار واللاعنف.
وضم إطار العمل لتمكين الحوار بين الثقافات بيانات من أكثر من 160 دولة، وهو بمثابة دليل حول أفضل السبل لتحسين الهياكل والقيم والعمليات التي تمكن الحوار بين الثقافات وصولا إلى العيش بأمن وحرية في كل مكان.
ويشير الإطار المنشور على موقع المنظمة على شبكة الإنترنت على الرابط https://www.unesco.org/en/enabling-interculturaldialogue/jordan-country-profile ، الى بيانات الدولة التي يعيش بها أي شخص واكتساب منظور أعمق حول ما يجعل الحوار بين الثقافات وإمكانية تقويته في سياقات محددة، واتخاذ الخطوة الأولى نحو معرفة إمكانية الاستفادة من الحوار بين الثقافات من أجل السلام والاندماج في جميع أنحاء العالم.
ويعتبر الإطار نهجا متكاملا لرصد قوة الهياكل والعمليات والقيم والمهارات التي تجعل الحوار بين الثقافات فعالا كأداة لتعزيز السلام والاندماج في 160 دولة حول العالم في ظل انتشار التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي ووسائل الإعلام وتعدد الثقافات حول العالم بشكل عام وداخل المجتمع الواحد بشكل خاص.
وسجل الأردن حسب المؤشر أعلى الدرجات في القيادة والتنظيم والتماسك الاجتماعي في مجالات الإطار التسعة، وجميع البيانات منشورة على موقع "اليونسكو" ويستطيع الجميع الوصول إليها، للتحسين والتطوير والاستفادة منها.
وحصل الأردن على درجة 0.42 من 0.50 في مؤشر حرية التعبير قريبا من متوسط الدول العالمية المشاركة في الإطار والذي بلغ نحو 0.49 حيث يعد الوصول إلى المعلومات حول الثقافات المختلفة أمرا ضروريا للمشاركة في التبادل الفعال بين الثقافات، والحقوق التشريعية وشروط السياسة الهيكلية ضرورية لحماية وتعزيز حرية التعبير وحقوق الإنسان والتعددية.
وبين المؤشر أن الأقليات تتمتع بفرص متساوية للتعبير عن هويتهم، ويمكن أن تلعب وسائل الإعلام دورا مهما من خلال زيادة الوعي بقصص الأقليات للصحفيين وكذلك الجمهور.
وفي مجال الحوكمة والمواطنة حصل الأردن على نحو 0.49 من 0.50 نقطة، بأعلى من المتوسط العالمي والذي بلغ 0.38 نقطة، ويشير هذا المجال إلى كيفية توزيع المهام في هياكل الحكم وأطر المواطنة للمجتمعات والتي يمكن أن تؤثر بشكل كبير على فرص الحوار بين الثقافات.
وأكد هذا المجال على أن الحوكمة والمؤسسات الفعالة تضع الأساس لتوليد ثقة الجمهور ومشاركته في المجتمع، وضمان أن يكون لكل فرد صوت، وخلق سبل للحوار بين الحكومات والمواطنين وبالمثل بين المواطنين أنفسهم.
ويشير المجال الثالث في الإطار إلى عدم المساواة الأفقية مبينا أن معالجة ومواجهة تحدي عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية عبر مجموعات من الهويات المختلفة هو حجر الأساس للحوار الناجح بين الثقافات، وحصل الأردن في هذا على 0.54 من 0.60 قريبا من المتوسط العالمي للدول المشاركة والبالغ في هذا المجال 0.45 نقطة.
كما حصل الأردن في مجال الشمول والتمثيل على 0.29 من 0.40 وبلغ المتوسط العالمي لهذا المجال 0.38 ويمثل هذا المجال حاجة حوار الثقافات إلى المشاركة الواسعة بما في ذلك وتمثيل جميع المجموعات المهتمة بقضايا أو ديناميات متعددة الثقافات بشكل هادف، لكي تكون الحوارات بين الثقافات فعالة.
وبين الإطار أن مصداقية وشرعية عمليات الحوار بين الثقافات ترتبط بشكل وثيق بالقيادة والتنظيم وهو المجال الخامس في الإطار ويمكن أن يشمل ذلك عوامل مثل مصداقية وشرعية أولئك الذين أسسوا عمليات الحوار ومن يقومون بتسهيلها على الأرض. كما يمتد إلى إدارة وتنظيم العمليات نفسها، بما في ذلك القضايا المتعلقة بالاتساق في التمويل والدعم، وضمان الاستثمار الكافي لضمان أن أولئك الذين يسهلون الحوارات على دراية ومهارات، وهنا حصل الأردن على درجة 0.81 من 0.90 بينما بلغ المتوسط العالمي 0.38 درجة.
وفي مجال الروابط والتماسك حصل الأردن على العلامة الكاملة (0.40 من 0.40) بينما كان المتوسط العالمي يقف عند النقطة 0.36، ويمكن أن تساعد الشراكات عبر الدوائر والمجالات المختلفة في المجتمع في نشر وتوسيع تبادل المعرفة والدروس المستفادة في عمليات الحوار بين الثقافات، مما يجعلها مفيدة بشكل فعال لمجموعة واسعة من النتائج الأخرى المتعلقة بالتنمية والسلام.
كما حقق الأردن العلامة الكاملة أيضا في مجال المهارات والقيم ةالبالغة (0.60 من 0.60) بينما كان المتوسط العالمي 0.45، حيث يعد اكتساب وتفعيل المهارات والقيم الفردية بين الثقافات التي تدعم المشاركة في الحوارات بين الثقافات أمرا ضروريا لفعاليتها، ويمكن أن تشمل هذه القدرة الاعتراف بالاختلافات الثقافية وتغيير وجهات نظر المختلفين عن الذات، وتعزيز المهارات والقيم بين الثقافات من خلال العديد من السبل، بما في ذلك من خلال التعليم والثقافة والفنون، ووسائل الإعلام وهو ما نجح الأردن به بتفوق وحسن إدارة.
وفي المجال قبل الأخير والذي يشير إلى التماسك الاجتماعي فقد حصل الأردن على 0.84 درجة من العلامة الكلية البالغة 0.90، بينما وصل المؤشر العالمي إلى 0.64 وهو ما يؤشر إلى أن الأردن أوجد شعورا بالانتماء الجماعي والثقة وبما يتخطى الحدود الثقافية ويشمل المجتمع ككل وهو ما يسمى بالتماسك الاجتماعي والذي يشكل أساسا قويا للحوار بين الثقافات.
ويشير التماسك الاجتماعي إلى عملية بناء الثقة بين المجتمعات والتي بدورها تدعم العمل الجماعي والتعاون بين مختلف المجموعات والأفراد في السعي لتحقيق الأهداف المشتركة.
وختمت اليونسكو ومؤسسة (أناليند) مجالات الإطار بمجال الاستقرار واللاعنف حيث يؤثر العنف على الهياكل والأماكن المفتوحة للمجتمع ويغلق سبل الحوار بين الثقافات حيث من الممكن أن يجعل العنف المظالم المتعلقة بالهوية مستعصية على الحل ويجعل من المستحيل على المشاركين دعم أو تسهيل عمليات الحوار العمل.
وتمكن الأردن عبر سياسته وأنظمته وقوانينه من جعل البلاد مستقرة مع تعدد ثقافاتها ووصل إلى درجة 0.72 من 0.80 بينما بلغ المتوسط العالمي لهذا المجال نحو 0.60 درجة.
وبين الإطار أن مليارا و 500 مليون شخص يعيشون في دول حول العالم ينخفض بها الحوار بين الثقافات، وأن 69 بالمئة من الهجمات الإرهابية و 89 بالمئة من النزاعات، و91 بالمئة من اللاجئين و30 بالمئة من الفقر المطلق هو في دول ينخفض بها الحوار بين الثقافات، وهذه النسب تؤشر إلى وجود رابط مهم وقوي بين الحوار بين الثقافات والقضايا الساخنة حول العالم.
وأطلقت اليونسكو ومؤسسة (أناليند) الإطار في العاصمة اللبنانية بيروت بحضور عدد من الصحفيين والإعلاميين ومنظمات مجتمع مدني وخبراء خلال حزيران الجاري، وشارك من الأردن في نقاشاته معهد الإعلام الأردني والمعهد الملكي للدراسات الدينية.
ومؤسسة (أناليند) هي مؤسسة حكومية دولية تضم هيئات مجتمع مدني ومواطنين من جميع أنحاء البحر الأبيض المتوسط بهدف بناء الثقة وتحسين التفاهم المتبادل، وتم إنشاؤها عام 2003 من أجل اتخاذ إجراء لإعادة بدء الحوار ورفض خطر صدام الحضارات.
ومن غاياتها بناء مجتمعات أكثر شمولية وتعاطفا ومرونة، لمحاربة انعدام الثقة والاستقطاب المتزايد، وتتخذ من مدينة الاسكندرية المصرية مقرا لها وينتشر منسقوها وموظفوها الإداريون في أكثر من 40 دولة.