فيصل الخزاعي الفريحات يكتب : إتفاق جديد بين إيران ومصر على إعادة العلاقات بينهم قريباً بوساطة عمانية

{title}
نبأ الأردن -
الجمهورية الإسلامية الإيرانية منذ فترة تحاول تكرار سيناريو المملكة العربية السعودية مع جمهورية مصر العربية، لم يكن ترحيب المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران أمام ضيفه فخامة سلطان عمان هيثم بن طارق قبل أسبوعين تقريباً بإعادة العلاقة بين بلاده وبين مصر مجرد ترحيب عابر أو من باب الدبلوماسية في الرد على واحد من أهم ملفات الوساطة التي يقوم بها هذا الضيف الكبير الذي كان قد زار طهران مؤخراً، وإنما في الحقيقة قد كانت تعبيراً صادقا عن نية جدية وتوجه حقيقي لدى القيادة الإيرانية قد عانت عزلة قاتلة للإنتقال من حال القطيعة المستمرة منذ أربعة عقود إلى فتح قنوات تعاون وتواصل تصب في إطار المساعي الإيرانية لترميم علاقتها مع المحيط العربي والإسلامي، خاصة بعد أن كانت قد لمست المردود الإيجابي الكبير الذي تحقق في الإتفاق مع المملكة العربية السعودية والمعادلات التي رسمها خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وسيبقى المسار الإيراني مستمراً لإعادة ترميم العلاقة مع بعض الدولة وعلى رأسها مصر، ولا يبقى يقتصر على إعادة النظر في الأسباب المباشرة التي دفعت الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى إعلان القطيعة مع مصر عام 1980 بعد التوقيع على إتفاق كامب ديفيد للسلام مع إسرائيل، وهي أسباب أيديولوجية كانت محكومة بتلك الحماسة التي رافقت أنتصار الثورة الإيرانية من جهة وتبنيها للقضية الفلسطينية من جهة ثانية، وحتى مع هذه القطيعة كانت قد تركت الجمهورية الإسلامية الإيرانية يومها الباب مفتوحاً للتواصل من خلال الحفاظ على مكاتب رعاية مصالح متبادلة يتولى مسؤوليتها دبلوماسيون من البلدين برتبة سفير، وكانت قد سعت الجمهورية الإسلامية الإيرانية في تسعينيات القرن الماضي إلى تركيب معادلة إقليمية تقوم على شراكة مع الدول المؤثرة في المنطقة العربية، والتي تضم كلاً من السعودية ومصر وسوريا في زمن الرئيس الأسبق حافظ الأسد، لكن الذي حدث هو أن الظروف الموضوعية والغموض الذي أحاط بالطموحات والأهداف الإيرانية من هذا التحالف الرباعي قد كانا سبباً في تريث قيادات هذه الدول حتى الحليف السوري المفترض وعدم السير به، وكانت قد شكلت مصر موقعاً مهماً في الإستراتيجية الإيرانية الإقليمية، بخاصة ما يتعلق منها بالساحة الفلسطينية بإعتبارالقاهرة تعد البوابة الرئيسية والأهم في عملية التواصل والإتصال مع الداخل الفلسطيني، وتحديداً قطاع غزة الذي يشكل مسرح النشاط الأبرز للقوى والفصائل المتحالفة أو الحليفة للجمهورية الإسلامية الإيرانية كالجهاد الإسلامي وحماس، لذلك كانت أهم مسببات توتر العلاقة بين إيران ومصر محاولات الجانب الإيراني توظيف الساحة المصرية كحلقة إتصال مع الداخل الفلسطيني وما يعنيه ذلك من محاولة تهريب للأسلحة والمعدات القتالية التي تستخدمها هذه الفصائل في معاركها الدورية مع إسرائيل، وهذا المسار يعني أن ما يمكن أو ربما يطرح على طاولة التفاوض بين إيران ومصر ولا يقتصر على المسائل الشكلية المرتبطة أو المتعلقة بتسمية بعض الشوارع في العاصمة الإيرانية طهران، على أهميتها الرمزية، لكنها في الأساس تقع خارج التداول اليومي للجمهور الإيراني والتي لم تتكرس في ذاكرته، كما تكرس على سبيل المثال اسم الأميرة فوزية شقيقة الملك فؤاد بعد إقترانها بالشاه السابق ( المخلوع ) محمد رضا بهلوي، لكن الأساس في مفاوضات إعادة العلاقات بين البلدين، وكما يبدو من الحراك المرافق للحديث عن إتصالات تجري بعيداً من الأضواء، هو البعد الإستراتيجي والتزام إيران بتغيير سلوكها وإحترام سيادة الدولة المصرية وأمنها القومي ومصالحها الإستراتيجية، وبتعبير أدق وأكثر مباشرة وهذا رأي الشخصي كمراقب للشأن الإيراني، وقف تجاوز إيران وأجهزتها في بناء علاقاتها مع الفصائل الفلسطينية الناشطة في قطاع غزة وصولاً إلى الضفة الغربية بإعتبار هذه الساحة جزأً من الأمن القومي المصري، وتبقى اللقاأت التي تجريها الفصائل الفلسطينية في القاهرة وتحديداً حركتي حماس والجهاد الإسلامي في الحقيقة تشكل مؤشراً إلى ما يمكن أن تكون عليه العلاقة بين إيران ومصر بخاصة أن هذين الفصيلين يعتبران أبرز الفصائل المعنية بتطور العلاقة بين إيران ومصر، وإذا ما كانت قيادة حركة حماس في الداخل والخارج على تواصل مستمر ودائم مع القيادة والأجهزة المصرية بحكم أنها تعتبر المسؤولة عن إدارة القطاع سياسياً وأمنيا وإدارياً، فإن ما يجب التوقف عنده هو اللقاأت التي عقدتها قيادة حركة الجهاد الإسلامي مؤخراً على رأسها الأمين العام زياد النخالة مع رئيس جهاز الأستخبارات المصرية اللواء عباس كامل، وبعدما أستطاعت طهران تكريس دورها وحصتها، إذا جاز التعبير على الساحة الفلسطينية من خلال تعميق التحالف مع حركة المقاومة الإسلامية حماس وبالإبقاء على هامش من الحرية لقيادة هذه الحركة بالتحرك في إطار الرؤية السياسية والأيديولوجية التي تقوم عليها أو تتبناها، فإنها أيضاً أستطاعت فرض حركة الجهاد الإسلامي بما هي حليف على غرار حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن وبعض فصائل الحشد الشعبي في العراق، وإدراجها لاعباً أساسياً في إطار الإستراتيجية الإقليمية الإيرانية داخل المحور الذي تقوده في المنطقة، ويبقى إنفتاح قيادة حركة الجهاد الإسلامي على جهاز الأستخبارات المصرية يأخذ طابعاً مختلفاً هذه المرة، إذ من المفترض أن يؤسس لمرحلة جديدة من التعامل والتعاطي بين الطرفين، بخاصة أن حركة الجهاد الإسلامي مطالبة هذه المرة بأن تكون أكثر أنسجاماً مع المصالح الإستراتيجية للدولة المصرية وألا تأخذ في مواقفها مصلحة المحور الإيراني، خصوصاً بعدما كرست نفسها شريكاً فاعلاً في القرار الفلسطيني، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية وليس بعيداً من محور أهتمام الأمن القومي المصري، فإن إيران مطالبة أيضاً بتقديم ضمانات بعدم تعريض أمن الملاحة في البحر الأحمر وباب المندب لأي تهديد أو خطر ربما يأتي من حليفها الحوثي في اليمن، لما يشكلانه من شريان حيوي وإستراتيجي لمصر عبر قناة السويس، بخاصة أن الطموح الإيراني يسعى إلى بناء منظومة إقليمية بالشراكة مع الدول العربية الخليجية تتولى توفير الأمن في المياه الإقليمية في الخليج العربي وشمال المحيط الهندي والبحر الأحمر، ويبقى التوجه للقيادة والحكومة والدبلوماسية الإيرانية الجاد للإنفتاح على دول المنطقة، خصوصاً العربية منها كمصر والأردن، مستفيدة من الدرس الذي قدمه الأتفاق مع المملكة العربية السعودية وما يمكن أن تحصل عليه من مكاسب إذا ما أستطاعت بناء الثقة لدى هذه الدول بتغيير سلوكها من خلال تعزيز مسار التهدئة في المنطقة، ويسقط من حسابات إيران الحاجة إلى أستخدام الساحة العربية كمنصة لتوجيه الرسائل للمجتمع الدولي، تحديداً الولايات المتحدة الأميركية٠

تابعوا نبأ الأردن على