المحامي بشير المومني يكتب: ضعوا العنوان ..

{title}
نبأ الأردن -

هذا المقال اخفقت فيه باختيار عنوانه فاتمنى ان تقوموا بهذه المهمة .. وللعلم فإن اختيار عنوان أي مقال هو أعقد ما فيه .. عجزت عن العنوان ماهية ووصفا وكيفية لان المحتوى لا يختزل فيه ولا تصلح فيه الاستثارة لانه يحتاج الى تأمل وتفكير يتجاوز امكانياتي الذهنية .. سأروي قصصا ولكم بعدها كل شيء .. فالكلمة تبقى ملكا لصاحبها حتى اذا ما نثرها باتت ملكا لغيره ..





في أحد الأيام شاهدت طفلتي الأولى ( شهد ) وهي تستخدم الألوان على دفتر مليء بالأشكال ، كانت تستخدم الاحمر .. الازرق .. الاخضر .. الاصفر .. جميع الالوان .. وبطريقة عشوائية غير منتظمة .. اطلعت على الدفتر فوجدت فيه اشكالا هندسية متعددة وكان ( الدرس ) ما يلي (( لوّن داخل المربع باللون الاخضر .. )) !





قلت لطفلتي (( بابا غلط .. لازم تلوني داخل المربع باللون الاخضر فقط .. )) فقالت لي (( بعرف بابا )) .. صدمتني بالأجابة .. سألتها (( وين المربع )) ؟؟ فقالت (( هيو )) واشارت للمربع ! فقلت لها (( وين اللون الاخضر )) ؟؟ فقالت (( هيو )) وحملت اللون الاخضر !!! فسألتها (( طيب ليش بابا بتلوني هيك خارج المربع بالوان ثانية )) وهنا كان ابلغ درس حقيقي تعلمته في حياتي .. (( انا حرة .. هيك احلى )) كان هذا جواب طفلة لم يتجاوز عمرها اربع سنوات .. يومها ضربت بيدي على رأسي واكتشفت يومها كم نحن مؤطرون ومبرمجون وعمق ذلك .. وتساءلت كم نحتاج الى سنوات لتحرير العقل ومن اين نبدأ وكيف نبدأ .. اسئلة كثيرة حارت ودارت وعصفت .. طفلة لم يتجاوز عمرها اربع سنوات تعلمت منها الحرية والتفكير خارج الصندوق لان ذلك سيكون (( احلى )) !





هي نفسها ( شهد ) لها قصة اخرى .. النظام .. الملك .. الولاء .. هي قيم ثابتة راسخة بالنسبة لي .. كنت احاول نقلها للجيل التالي .. في احد الايام قمت بطراشة المنزل .. وعدت في احد الايام من العمل لتفاجئني الصغيرة ( شهد ) بانها قامت برسم رجل كبير على الحائط وسيدة تقف الى جانبه فاستشطت غضبا .. فقالت لي مستهجنة من غضبي (( بابا هاد الملك وهاي " جوزته " الملكة )) فانفجرت بالضحك وطبعا اعدت طراشة الحائط وتعلمت درسا جديدا مفاده (( عدم ممارسة الوصاية الفكرية على اطفالي وتركهم لخياراتهم وقناعاتهم بالحياة )) .. هم ليسوا نسخة كربون ..





في احد الايام عادت ابنتي ( زين ) من المدرسة وكانت غاضبة وتنظر لي بطريقة غريبة جدا .. سألتها (( شو مالك بابا !!؟؟ )) فقالت لي (( بابا مو عيب الواحد يكذب !!؟؟ )) اجبتها (( اكيد بابا عيب وحرام ما بصير .. )) فقالت (( طيب بابا ليش بتكذب ؟؟؟ )) طبعا صدمتني .. فورا سألتها (( بشو كذبت عليكي بابا !!؟؟ )) .. قالت (( بابا انت بتحكي انو الملك حسين اسطورة .. هيو طلع حقيقي .. ابوه الملك طلال وابنه ملكنا عبدالله .. هيك اخدنا بالمدرسة )) .. طبعا انفجرت بالضحك وهي غضبت من ضحكي على الموقف واعتبرته اهانة شخصية فأمضيت باقي يومي ما بين استرضائها وشرح المقصود بالاسطورة .. لكن تعلمت منها ضرورة تحرير العقل من الاساطير والخرافات وهي نفسها عندما ارسلت لها ( واتس اب ) عن مضار الطعام الجاهز اجابتني (( بابا انت كل شيء بتقرأه بتصدقه )) فتعلمت التحري وهي نفسها قالت لي يوما عندما عرضت علي احدى رسوماتها لتاخذ رايي بها وعندما اردت تشجيعها بقولي (( رائعة جميلة جدا )) قالت (( لا بابا هاي خرابيش الجاج )) !!! تعلمت منها الصدق .. واحترام جهد الاخر بالتأكيد





جود سكّرة العنقود لها حكاياتها ايضا .. لكن في اللحظة التي سحبت منها الهاتف بداعي القلق لارى ما تتعلمه مما تقرأون منه المقال الان تفاجأت انها قد فتحت شباك المنزل ونادت باعلى صوتها (( سااااااااعدووووني ي ي )) .. كان عمرها ثلاث سنوات فقط ! لكن علمتني ان لا افسد على انسان متعته وان لا امارس رقابة مباشرة بل تكثيف التربية والتوجيه وان الضغط مؤداه اللجوء الى الغير ولو كان غريبا .. لن تنالوا الحكمة حتى تتعلموا من الاطفال .. العنوان لكم






تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير