المحامي بشير المومني يكتب: ضحايا الصراع

{title}
نبأ الأردن -

صراع سياسي وصل الى ( طحن العظم ) ما بين السلطة وتنظيم الاخوان رفع الاخير فيه خطاب الردع التنظيمي لمستويات غير مسبوقة وصل حد تكفير الدولة بتحريض غير مسبوق تحول فيه جناح الحمائم بقرار تنظيمي الى جناح تكفيري يهدد بشكل معلن بالخروج على السلمية والتهديد باللجوء الى العنف المادي ليس تجاه سلطة الحكم فقط بل تجاه كل مخالفيهم بالرأي داخل المجتمع ومن الواضح بأن التنظيم يعيش تناقضا فلسفيا من حيث أزمة الهوية وجدلية الدولة ومعضلة الحاكمية وغير قادر على تجاوز هذا التناقض ولا زال عالقا في ادبيات التمكين التي انتهت الى سقوطه التاريخي باتجاهات زواله في مصر وتونس والمغرب والسودان وحتى تركيا واليوم فإنهم على نفس طريق الزوال في الاردن لا لشيء سوى لانهم لم يستفيدوا من تجاربهم واخفقوا في انتاج مشهد المشاركة لا المغالبة ..





ثلاث مراحل مر بها الخطاب الاخواني في متوالية تعبئة الجماهير تجاه منظومة الحكم .. الاولى كانت عام 2011 بانتهاك نظام الحكم نفسه وانتهى هذا الخطاب الى تشويه صورته وافقاد الايمان به .. الثاني كان في العام 2016 بانتهاك مؤسسات الدولة وضرب صورتها وبناء حالة ذهنية حول فسادها وفساد كل مسؤوليها شكلا ومضمونا .. الثالث بدأ هذا العام 2022 والذي ينتهك الحالة الوجودية الكلية للدولة ويضعها في خانة الدولة الكافرة المعادية لله والاسلام والقران ..





طبعا ما سبق له نظرياته واهدافه وسياقاته ومرجعياته وادبياته الايدولوجية والتاريخية والتنظيمية لدرجة استخدم فيها الموروث الفقهي وادبيات اخر الزمان وانماط التفكير السائدة والمعبئة والمؤطرة الجاهزة للتقبل التاريخي لافكار مثل المؤامرة والدولة الاسلامية ولم يتبق في هذا الصراع سوى حمل السلاح واعلان الجهاد لكن السؤال الاهم في المعادلة بوجه من سيتم رفع السلاح وعلى من سيتم اعلان الجهاد !!!؟؟؟ الانتهاك اللفظي للدولة والمجتمع هو مقدمات الانتهاك المادي ويبدو ان التنظيم بدأ ينتقل سريعا من نظريات التفكيك الناعم للنظام الى نظريات التفكيك الخشن ومتطلب ذلك تعبئة جماهيرية لحرب دينية مقدسة كما يرى ارهاصاتها ..





استرداد الدولة للولاية الدينية في ملفات مثل لجان الزكاة ومراكز تحفيظ القران الكريم وكف يد وصاية التنظيم الاستراتيجية على ادوات تشكل الطفولة وشخصية الانسان هي مسألة وجودية تمويلا وتنشئة وصولا الى التمكين وبالطبع فهذا ما يفسر رفض التنظيم للوجود الكلي لقانون حقوق الطفل مثلا وليس رفض نصوص محددة فيه بالرغم من انهم يعلمون تماما وعلى بينة من الامر بأنه غير مخالف للدين او لقيم المجتمع بل على العكس تماما كونه جاء ليرسخها وينسجم معها ..





بالطبع ايضا فإن رفع مستويات الردع التنظيمي قد يحقق مكتسبات اخرى في ملفات يحاول التنظيم الابتزاز فيها لترك بضع لقيمات له تقيم صلبه داخل المجتمع ولكن هنا فالدولة اتخذت قرارا استراتيجيا عام 2011 بانهاء ذلك التحالف التاريخي الاستراتيجي مع التنظيم الذي شوه الحياة الحزبية التعددية نتيجة لمواقف الاخير ضد حالتها الوجودية ايضا فسعت السلطة لتوفير الادوات للمجتمع ليحدد خياراته بنفسه دون الانحياز لفكر او حزب محدد للوقوف على مسافة واحدة من الجميع فكان مشروع الدولة السياسي والاقتصادي والاداري ( القابل للتطوير ) والامر الذي يتطلب الان تفكيك الدولة الاخوانية داخل الدولة لاشعال التنافسية واعادة التنظيم لحجمه الطبيعي الذي يحدده صندوق الاقتراع فقط وهذا تحدي وجودي للتنظيم بعد فطمه عن ثدي الدولة وعليه فمن الطبيعي ان نرى كل هذا التوحش الاخواني .. المشكلة ليست بالتوحش نفسه فهذا يمكن لادوات الدولة لجمه وقمعه عند الضرورة الامنية لكن بالثقافة المجتمعية التي تنشأ عنه وترسخ كخطاب داخل المجتمع يفضي لانتهاك مشروع قانون للطفل اليوم قد ينهض بالمجتمع بعد نصف قرن ..





المحامي بشير المومني


تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير