ميسر السردية تكتب : هيا نحكي… ذهب عتيق
هذه ليست يد الساحرة، كما أحاول شرح أمرها للأطفال الذين يزورونني ويخافونها للوهلة الأولى، إنها مذراة ورثتها عن جدي حيث" يلاّوح" عمرها السبعين عاما…
عقب "جورعة" الحقلة، ينقل القمح في حالته كقش ويكدس أكواما في مساحة ضيقة تسمى البيدر، لاحقا يعلق لوح خشب ثقيل يحتوي على مسامير عملاقة يجره بغل بطريقة دائرية حول كوم القمح، لضمان إخراج حب القمح الذهبي من سنابله توضع حجارة كبيرة على اللوح الذي يجلس عليه الأطفال أحيانا، يتم رويدا رويدا وبمساعدة الرجال إزاحة القش أمام طريق اللوح لهرسه كله.
بعد الإنتهاء من الدرس تبدأ عملية استخدام المذراة، يكون ذلك على الأغلب أوقات العصريات حيث يهب الهواء الغربي، في ذلك تغنى أغنية تقول "هب الهوا يا ذاري قمح لا مصاري" والذاري لا يكون شخصا عاديا، إنما صاحب دراية ومهارة بعملية الذري تلك، التي ينفصل فيها التبن على نوعين "ثقيل وطيّير" عن القمح الصافي الذي يكال فورا بواسطة الصاع في الشوالات، و تتراوح الشوالات ما بين سبعة أو ثمانية صاعات، عند العد يُنطق رقم سبعة" سمحة" كرها للسبع" وهي مفردة تستخدم في الارياف والبوادي بغية الشتم في بعض الأحيان، مثلا، كما يقول شخص لآخر "سعبك"… ماتنحكى بوجوهكم.
في تسعينيات القرن الماضي بدأ الاستغناء عن استخدام المذراة"المذراية" بسبب التطور حيث ظهرت دراسات تنهي العملية بوقت وجهد قصير وليس أياما كما مضى…
هذه مذراتنا.. في الصورة ابو طالب رحمه الله الدي كان أخر من استخدمها، لأبي طالب نكهته الخاصة في تلك الحالات التي لا يُضاهيه فيها أحد… وما يريد المرء أجمل من سماع شعره وقصصه عن حكاوي الماضي وهو يرافقه خطوة خطوة كنا نتمنى لو تطول قليلا كي نظل برفقته.
*ملاحظة.. كنت أيضا أخر من جلس على لو ح الدراس "مكربطة" بالحجر كي لا "أتزقلب" فوق القش… رحم الله ذاك الزمن وأهله.
تنسوش المثل الذي تتوارثه الناس عن النميمة "في الوجه مراية.. وبالقفا مذراية"…!!!
























