مهنا نافع يكتب: أهل الخير والمحبة

{title}
نبأ الأردن -

الأسرة هي مؤسسة، وغالبا مؤسسة للخير، وبالأحرى لتبادل الخير ولكنها ليست بالمفهوم العام للمؤسسة الخيرية وبالتأكيد ليست بمفهوم الربحية.





لا يوجد اتفاق على تعريف الأسرة كمصطلح وليس كلغة، وقد تتشابه التعريفات بجانب ما ولكن تختلف بكل ما تبقى وللإنصاف ستجد أغلبهم أتقن التعريف ولكن بمنظور التراث والثقافة الخاصة لمجتمعاتهم وستجد أن القاسم المشترك بين الجميع هو ألإعتماد على الرابط الأسري لبناء وتعريف المصطلح فكانت المعضلة أن الروابط مختلفه ولكن لكل مجتمع فهم خاص لها فهناك الأب والأم والأبناء والجد والجدة ولكل رابط له خصوصيته المختلفة حتى في المجتمع الواحد فما بالك بإختلاف هذه الروابط بالإضافة إلى اختلاف الثقافة والتراث لهذه المجتمعات عن بعضها.





الملاحظ ان أغلب أهل علم الإجتماع كان يُبحر من خلال الرابط بين الأفراد ولكن ليس الأسرة ككل كمظلة واحدة، فرغم اختلاف الكلمات ومعاني المصطلحات فالجميع يبحر ويبحر بالشرح، وبالنهاية يكون كالقبطان الذي يصل لشاطئ ما فتختلف عليه التضاريس رغم تشابه الرمال.





إن التعريف للمصطلح مثلا إن اعتمد على رابط الأمومة لم يشوبه الكثير من الاختلاف فهو واضح لكل المجتمعات ولا ينوبه اي تشويه فالصورة واضحة والمشاعر طاغية وحاضرة والرابط لا يحتاج إلى الكثير من التحليل، أما التعريف من خلال الرابط الأبوي فكثيرا ما يكون له مدخلا لخلل ما في التعريف، فالأب هو الغائب الحاضر وبطبعه قليل إظهار المشاعر والبعض منهم كتوم للأسرار مشغول البال بالرزق من المال، فكثيرا من اللغط أحيط بالطريقة الصحيحة لوصف هذا الرابط الأبوي المنسوب هنا باللغة للأب فكم من الآباء إن سألته عن طبيعة العلاقة التي تربطه مع أبنائه أجابك إن أراد الظهور بدرجة ما من لون الحداثة إننا أصدقاء أو كالأصدقاء، غافلا عن خطورة تداخل هذا الأمر وخاصة في عقول ابنائه الأطفال.





إن رابط الصداقة للأبناء واضح منذ نعومة أظافرهم، فترى انه كان لديهم صديق عزيز منذ وقت قريب ولكن اليوم أصبح لديهم صديق آخر جديد، وربما غدا سيكون هناك صديق ثالث أجد من هذا الجديد، فكثيرا ما تشوب علاقة الصداقة التذبذب وقد يجدوا أنفسهم في فترة ما مؤقته أنهم ليسوا بحاجه لأحد وان الآن لديهم فترة من السكون بعيدا عن الجميع، إذن الإبن يعلم أن الصديق أمر متغير بديله دائما متوفر فكيف يقوم الأب بإحلال مفهوم علاقة الصداقة مع الأبناء وهو غير مدرك أن العلاقة الأبويه هي مؤسسة مستقلة بحد ذاتها لها إسم مستقل وأصول مختلفه.





فالأب ليس لأبنائه كأخ أو كصديق فهو يحب ويعطي أبناءه بدون أن يكون له اي مقابل، لا بل نجاحهم هم هو المقابل، يراهم يكبرون أمامه وقد يتقدموا ويتجاوزوه بالثقافة أو بالعلم أو بالنجاح بالعمل فلا يقارن نفسه بهم ولا يحزن أو ينتابه أي شعور بالغيرة أو الحسد بل يسعد ويفرح ويعتبر نجاحهم وتفوقهم هو تفوق ونجاح له وبامتياز خاص.





إنه هو الأب الذي يقوي أجنحة أولاده ليعلمهم الإقلاع وحدهم في هذه الدنيا بسلام وأمان ونجاح، متخذا من خبراته الوسيلة لتجعلهم يعتمدون على أنفسهم زارعا الإحسان في أعماق قلوبهم ليجعلهم مهما إبتعدوا وحلقوا عاليا حتما سيعودون إليه فهو زارع المنبت الأول بحديقه أسرته فهو الأب أول منبت الخير.





للحياديه فمن منظور مختلف قد تتشوه العلاقة الأبوية لظروف ما وتخرج عن الصورة النقية البهية الطبيعية التي اسلفت شرح بعض جوابها، فالحدائق الوردية ليست دائما ألوانها فتية، وبالمحصلة تعريف الأسرة من خلال روابطها فيه الكثير من التشعبات وقد قدمنا مثال الرابط الأبوي كمدخلا للفهم والتوضيح.





لوحاولنا من خلال الثقافة الخاصة لمجتمعنا الشرقي بعيدا عن كل ما قدمه غيرنا من شرح وتعريف أن نفهم ماهية الأسرة لعرفنا بكل بساطة وبفضل عمق ثقافتنا وبلاغة لغتنا أن الأسرة هي الأهل والأهل هم كل من يخصوك من أفراد ومن عليك أن تعطيهم اولى اهتماماتك فهم داخل دائرتك الاولى وهم من سيحظوا بالحصة الكبرى مما تستطيع أن تقدمه من خير، وهو خير غير منقطع محركه المحبة إما بالكلمات او بالأفعال، كلمات منطوقة مسموعة مخارج حروفها واضحة معروفة وأفعال مؤثرة محركة للهمة أما المشاعر الطيبة فيها فلا تعرف إلا البوح.





فالمشاعر التي يمكن أن تعبر عنها الكلمات إن بقيت مخفية مكبوتة حبيسة بالقلوب ليس لها أي قيمة أو وجود، فهي تبقى غير معروفة ومع الفرد تذهب بذهابه، فهي مجهولة ولصاحبها بحبسها مظلومة، لذلك كانت الأسرة وما تزال المكان الذي نشهر لقاطنيه أهلنا أحسن ما لدينا، إنها طريق للإحسان لعنوان إسمه مؤسسة أهل الخير والمحبة لبناء الإنسان.


تابعوا نبأ الأردن على