ماجد الخواجا يكتب: 74 سنة وما زالت فلسطين
في ليلة ١٥ أيار من عام ١٩٤٨ أعلنت دولة الكيان الصهيوني على أرض فلسطين التاريخية ..ولغايات تبرير هذا الاغتصاب ممن اجتمعوا من شتى أصقاع الأرض لتسويغ قيام كيانهم المسخ.. كان لا بد من شرعية ما .. ولم يجدوا أقوى من شرعية دينية وتاريخية مزعومة بأنهم شعب الله المختار وإن أرض فلسطين لهم منذ أسفار موسى عليه السلام وهي الأرض المقدسة الموعودين فيها .. وتم دعم هذه المقولة من أجل تنفيذها وجعلها حقيقة واقعية بالتمويل والعتاد.. وتم تأطير كل ذلك من خلال عقيدة صهيونية مع كسب تأييد الدول الاستعمارية التي تريد التخلص من عبء ووزر التواجد الجيتوي لليهود .. لتجيء حكاية أفران الحرق النازية كرافعة ودافع لتحقيق حلم هيرتزل وين غوريون بالدولة الموعودة القائمة منذ تأسيسها على العنصرية الدينية والعرقية والقومية.. إنه كيان جمع التناقضات منذ لحظة ميلاده وفوق ذلك حاول الكيان المسخ رسم صورة أنه حامل لواء الديمقراطية في المنطقة العربية.. ديمقراطية تقبل قتل الفلسطيني بدم بارد.. تقبل سلخ الأراضي بقوانين عرفية كما هو الحال مع ما يدعى أملاك الغائبين.. ثم تغطى بأن أطلق على قطعانه من المسلحين اسم جيش الدفاع .. ليظهر كالحمل الوديع وسط بيئة متوحشة غارقة في الجهل والعدوانية .. وأوجدت نمطا هجينا في نحت ما يدعى بالمستوطنات الزراعية التي بدأت بمستوطنة بتاح تكفا والتي تعني عتبة الأمل.. ليظهروا كأنهم يحيون الأرض الموات.. هكذا نشأت دولة الأساطير.. دولة قامت على نسف كل الحقائق وتكريس كل الكذب والخداع .. كانوا يعولون على أن الفلسطينيين سيتلاشون في الصحارى العربية .. ومن يبقى منهم سينسون ويذوبون في المجتمعات التي ينضموا لها .. وإن الأمور ستنتهي خلال عقد أو عقدين..
ها هي سبع عقود ونيف انتهت وما انتهت المطالبة بالعودة والتحرير .. أجيال تعاقبت كنا نخشى فيها أن ننسى ونصير مجرد كتل هلامية لا ملامح لها .. لكن الفلسطيني كان كلما امتد الزمن الصهيوني يمتد الإصرار العربي الفلسطيني والعزيمة والإرادة تتجدد كل مرة كأنها أول مرة ..
ومع ذكرى الاغتصاب التي مر عليها 74 عاما .. ها هو جيل الألفية الثالثة ينتشر على الحدود في الأردن ومصر ولبنان وسوريا كما ينتشر في كافة الأراضي الفلسطينية.. يصرخون بذات الحق الذي حمله أجدادهم وآبائهم لتصل الراية لهم ليحملوها بشكل أكثر وعيا ونضجا وحماسة..
هو الحق الذي كلما اعتقدوا أنه خبى يعود متوهجا مرفوعا على الهامات ابلجا..
كيان مسخ.. دولة أساطير .. كيان عنصري.. كيان مرعوب من ذاته .. كيان قائم على التناقضات .. كيان قائم على الكذب ..
ها هي شيرين أبو عاقلة سنديانة جنين وأيقونة القدس وحبيبة فلسطين تعيد الُّلحمة والصرخة والألق لكل الأرض الفلسطينية.
الحق لنا ومعنا .. نعم لقد كبرت المخيمات.. ولم تصغر أبدا فلسطين ..