ماجد الخواجا يكتب: ثرثرة لا طائل منها مع دولة الروابدة

{title}
نبأ الأردن -

أرجو من البداية توضيح أن هذه الثرثرة جاءت على خلفية ما ظهر عبر أحد اللقاءات لدولة الروابدة حيث تحدث عن أن رؤساء الوزارات في الأردن هم أبناء حراثين باستثناء رئيسين منهم فقط، وأن حق الأبناء في المناصب والتعيينات مثلهم كمثل أي مواطن آخر والمبدأ الذي افترضه الروابدة هو " الكفاءة والأحقية " وأن من الظلم حرمان الأبناء في تولي المناصب لمجرد أنهم أبناء وزراء أو رؤساء وزارات. ودافع عن السيد ممدوح العبادي الذي له تصريح مشهور بأنه تم جلب أفراد من الشارع وتوزيرهم.
ثمة حقائق لا بد من تجليها وتبيانها لأن نصف الحقيقة أخطر بكثير من كل الباطل، والروابدة بارع في استخدام نصف الحقيقة.
أولا : لا يوجد شخص يريد منع أبناء المسؤولين من أن يتولوا أو يعملوا في أي موقع كان داخل الدولة وخارجها، لكن السؤال المباشر هنا :
1- هل تلك التعيينات تمت وتتم عبر الإعلان عنها وعبر التنافس الحر النزيه ؟
2- هل هناك ابن مسؤول تم تعيينه عبر قوائم ديوان الخدمة المدنية وسلم رواتبه وترقياته وعلاواته السنوية ؟
3- هل بدأ أبن المسؤول في الوظيفة ضمن أدنى المراتب التي يفترض أن يمر فيها أي موظف ؟
4- وهل تمت وتتم ترقيته حسب الأصول الوظيفية، وهل يحصل على راتب بما يوازي ويكافئ زميله في الدرجة الجامعية والاختصاصية والوظيفية في مواقع الوظيفة الأخرى ؟
5- هل هناك ابن مسؤول ينتظر أو انتظر سنوات طوال كما هو حال 99% من المواطنين على قوائم الموت السريري الوظيفي للخدمة المدنية ؟
6- هل حصل ابن المسؤول على الموقع بدون واسطة وبدون اتصالات وبدون علاقات وبدون تواطئات وتجاذبات وتنفيعات ؟
لن أتحدث بالأسماء المعروفة لكل أبناء المسؤولين الذين يتقاضون رواتب شهرية لا تقل عن عشرة أو عشرين ألف دينار وأكثر في مواقع يتساءل كل مواطن عن كيفية التقدم والتأهل لها .
ثم يدافع عما صرح به ممدوح العبادي عن أن وزراء جاءوا من الشارع، وهذا يناقض قول الروابدة أنه مع تعيين أبناء المسؤولين شريطة أن يكونوا من ذوي الكفاءة. فكيف تستقيم هذه مع تلك .
ثم كيف للمواطن العادي في كل شيء أن ينافس أو يفكر مجرد التفكير بالتقدم لمثل هذه المواقع التي يتم تفصيلها بالمقاس على حجم وقدر ابن هذا المسؤول وذاك. فمعلوم أن أبناء المسؤولين يتم تهيئتهم وابتعاثهم على حساب الدولة ليستكملوا الدراسة والمهم الحصول على شهادة من جامعة ودولة غربية لأن هذا هو المدخل الرحب لتلك المواقع وهو نفسه المدخل الصعب على 99% من المواطنين.
وما زلت محتارا في فهم المقصود بجملة أبناء الحراثين، والحراث هو الفلاح الذي يحرث الأرض، حيث تستخدم الجملة في الدفاع عن جذور وماضي وعراقة وامتداد جغرافي وتاريخي، والسؤال : هل يدرك الروابدة أن الحراثة التي يتحدث عنها أصبحت على شكل تراث يتم التباهي به في المهرجانات والمعارض والاحتفالات، وأن البناء والمدنية اقتحمت جياتنا حتى عمق الصحراء والبادية. فإذا كان يبقصد بها هذا التراث ، فهو تراث يملكه الجميع في المجتمع، أما إذا كان يقصد الحراثة اليدوية التي كانت سائدة قبل عشرات السنين، فهذه انقرضت وانتهت. ناهيك عن سؤال أخطر وهو إضفاء منظومة قيمية لا يعرف كنهها ومحتواها ويتم اسقاطها على تصنيفات اجتماعية مسيسة كما هو الحال مع جملة أبناء الحراثين.
قبل الانتهاء من الثرثرة التي لا طائل منها، فقط أريد تعريف الروابدة بسيرتي الوظيفية، أنا درست في مدارس الوكالة حتى الصف الثالث الإعدادي، ثم مدرسة حكومية في الثانوية، وخدمت الخدمة الإجبارية براتب 19 دينار شهريا، وحصلت بطلوع الروح على مقعد في الجامعة الأردنية وعبر التنافس لمن هم خارج الاستثناءات كلها، بل كانت الدراسة لأول فصلين برسوم مضاعفة على اعتبار أنها دراسة خاصة . وكانت على نفقتي المتواضعة البائسة. ودخلت الوظيفة عام 1993 في أدنى المراتب الوظيفية براتب 189 دينار، مع زيادة سنوية يمكن حجبها لا تزيد عن دينارين. وواصلت طموحي الدراسي وعلى نفقتي فاستكملت الدبلوم العالي والماجستير والدكتوراه لأجد نفسي في وسط خيارات صعبة جدا حيث كان لي 15 سنة في الوظيفة وعلى التقاعد المدني، وفي حال تقديم الاستقالة أفقد كل حقوقي التقاعدية، وواصلت الحفر في الحياة فحاضرت كمحاضر لمرة أو مرتين لطلبة دراسات عليا، وشاركت في عشرات المؤتمرات العلمية داخل وخارج الأردن إما على نفقتي أو على نفقة الجهة المستضيفة. وصولا إلى عام 2020 حيث وجدت وزيرا من وزراء الغفلة الذين سقطوا بالبراشوت على الحكومة، فإذا بي محال على التقاعد مع حرماني الترفيع للدرجة الخاصة، وبراتب تقاعدي لا يقيم أودا ولا يحترم مكانة إنسان.
فيما أبناء المسؤولين الذين تدافع عنهم دولة الروابدة يبدأون مسارهم الوظيفي براتب لم أحصل عليه وظيفيا طيلة مدة خدمتي الوظيفية.
قلت منذ البداية أنها ثرثرة لا طائل منها، وأنتهي أنها هي العمق لكل التعسف والقرية الظالم أهلها.
أمدك الله بأسباب الصحة والعافية دولة أبو عصام .
وعذرا أبناء المسؤولين فقد أكون خدشت أسماعكم أو أثقلت عليكم بما لا ينبغي.


تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير