د. أبو فرسخ يكتب: اللقاحات ومناعة القطيع

{title}
نبأ الأردن -

كنا نظن فى بداية الوباء بأن اللقاحات تمثل جزءا مهما من مناعة القطيع الدائمة خاصة عندما أعلنت معظم الشركات المصنعة أن لقاحاتها تحمي بدرحة 95%. كانت حسابات الشركات (ان صدقت) في أوقات لم تكن الموجات مستعرة (فكلما جاءت موجة قلت مناعة اللقاح كثيرا) وكلما جاء متحور قلت الحماية أكثر. فكانت توقعاتنا على الموجات تدخل فى حساباتها عدد الملقحين بالاضافة الى المصابين ولكن تبين أن هذا خطأ كبير وقع فيه كثير من المتابعين للوباء (ومنهم نحن) وكان سببه المعلومات الغير دقيقة التى كنا نستسقيها من شركات اللقاح وقدرة لقاحاتها عن الحماية من كورونا.
فمن متابعتي لوباء كورونا خلال السنتين السابقتين تبين لي أن اللقاحات لا يمكن أن تحسب كجزء من مناعة القطيع. فهي تحمي المجتمعات وتوفر مناعة قطيع "مؤقتة" وتقل المناعة كثيرا كلما زادت الأعداد فى الموجة وتقل كثيرا مع الزمن.فهي لن توفر مناعة قطيع دائمة. أهم الأمثلة على ذلك ماحصل فى بريطانيا . فبعد شهرين ونصف من تلقيح حوالي 60% من الشعب عادت الموجة الأخيرة الطويلة والمستمرة منذ شهر 6/2022 والمستعرة الان. كما أن كيان الاحتلال الصهيونى كان من أوائل الكيانات التى لقحت أكثر من 90% من شعبها ومع ذلك جاءتها موجتبين بعد ذلك بحماية لا تتجاوز الثلاث اشهر بينهما. نموذج دولة جبل طارق التي لقحت 100% من شعبها ومع ذلك جاءتهم موجة بعد 4 أشهر كبيرة جدا بالنسبة لسكانهم. أما في الأردن فكانت الاصابات كبيرة فى الموجة قبل الأخيرة ولكن يبدو أنها لم تصل بنا الى مناعة القطيع مع أن نسبة اللقاح حوالى 40% فجاءتنا موجة كبيرة الان. ولم تستمر مناعة القطيع المؤقتة من اللقاح أكثر من 6 أشهر.
وفى المقابل دولة مثل الهند جاءتها موجة عاتية كبيرة جدا أصابت حتى الان 35 مليون (رسميا) وربما عشرة أضعافها غير رسمي. سجلت كما يبدو مناعة القطيع من الاصابات (معظمها غير مسجل) مع أن نسبة متلقي اللقاح عندهم أقل من 40% للجرعتين. والى الان ومنذ نهاية شهر 6 لم تأتهم أى موجة كبيرة .
مما سبق يتبين لنا أن مناعة القطيع الدائمة لا يمكن أن تتشكل من اللقاحات ولا بد من اصابات كبيرة لأى دولة لتصل فيها الى مناعة القطيع.
اذا كانت نظريتنا واستنتاجنا صحيحا فانني أتوقع ان الدول الافريقية هي أول الدول التى ستصل الى مناعة القطيع وستختفي فيها كورونا. والدول الى وصلت نسبة اللقاح فيها الى 80-100% ربما ستكون الدول الأخيرة فى التخلص من وباء كورونا.
وأيا كانت النتيجة فلن يتخلص العالم من كورونا الا بوجود مناعة قطيع دائمة نتيجة الاصابات الكبيرة وتمثل ما لا يقل عن 80% من الشعوب. ونرجو أن تكون سلالة اوميكرون أن تصل بالعالم الى مناعة القطيع دون وفيات أو اصابات خطيرة كثيرة.
أرجو ألا يفهم من المقال أنني ضد اللقاح (مع أننى معه تماما لأنه الوسيلة الوحيدة المتوفرة الى الان لمنع الوفيات والاصابات الخطيرة) ولكن أوضح بعض ما كان غائبا عنا لفهم الموضوع بكل ابجابياته وسلبياته.
د. حسام أبو فرسخ
استشارى تشخيص الأمراض النسيجية والسريرية- البورد الأمريكى
المختبرات الطبية الأولى


تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير